أزمة أوروبية جديدة.. مباراة أستون فيلا ومكابي تل أبيب تتحول من مواجهة كروية إلى صراع سياسي

لم تعد مباراة أستون فيلا الإنجليزي ومكابي تل أبيب الإسرائيلي مجرد مواجهة ضمن منافسات الدوري الأوروبي، بل تحولت إلى قضية سياسية رياضية بامتياز، بعد أن تسببت في جدل واسع داخل بريطانيا وخارجها، حول حدود الفصل بين الرياضة والسياسة في ظل تصاعد التوترات المرتبطة بالحرب على غزة.
القصة بدأت عندما أعلن نادي أستون فيلا، بالتنسيق مع شرطة ويست ميدلاندز، منع جماهير الفريق الإسرائيلي من حضور المباراة المقررة في نوفمبر المقبل في مدينة برمنجهام، بدعوى المخاوف الأمنية من احتجاجات متوقعة في محيط الملعب.
لكن هذا القرار أشعل نقاشًا حادًا داخل الأوساط الرياضية الأوروبية، خاصة أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) يشدد في لوائحه على ضرورة ضمان العدالة والمساواة بين الأندية المشاركة، وعدم التمييز بين الجماهير لأي سبب سياسي أو ديني.
الجدل اتخذ بعدًا أوسع عندما دخل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على الخط، وصرّح بأن "دور الشرطة ليس منع المشجعين بل حمايتهم"، معتبرًا أن القرار يمثل "سابقة خطيرة" في الملاعب الإنجليزية.
أما الجانب الإسرائيلي، فاعتبر عبر وزير خارجيته جدعون ساعر أن ما حدث "عار على كرة القدم الأوروبية"، مشيرًا إلى أن منع جماهير مكابي من الحضور "يعد استسلامًا للضغوط السياسية وتغليبًا للمخاوف على روح اللعبة".
في المقابل، دعت منظمات تضامن مع فلسطين عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى إلغاء المباراة تمامًا، معتبرة أن مشاركة الأندية الإسرائيلية في البطولات الأوروبية "تمنح شرعية لكيان يمارس القمع ضد الفلسطينيين"، بحسب وصفهم.
وأشارت حملة "التضامن مع فلسطين" في منشور على منصة "إكس" إلى أن "الرياضة لا يجب أن تكون ستارًا لتبييض الجرائم"، داعية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى اتخاذ موقف مشابه لما حدث في حالات سابقة تم فيها استبعاد أندية من المنافسات بسبب ظروف سياسية أو إنسانية.
ويبدو أن الأزمة لم تتوقف عند حدود بريطانيا، إذ انتشرت ردود أفعال مشابهة في أوروبا، خاصة بعد أن أعلنت بلدية أمستردام رفضها استقبال نادي مكابي تل أبيب في وقت سابق هذا العام، بدعوى الحفاظ على الأمن العام.
كما قام نادي بودو غليمت النرويجي بخطوة لافتة حين تبرع بعائد مباراته ضد فريق إسرائيلي لصالح غزة، في رسالة رمزية تعبّر عن رفضه "تسييس الرياضة على حساب القيم الإنسانية".
وسط هذا المشهد، يجد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم نفسه أمام مأزق متجدد بين احترام مبدأ الحياد الرياضي، وبين التعامل مع حساسية الأوضاع السياسية الحالية.
فأي قرار يتخذه — سواء بالسماح بحضور جماهير مكابي أو استمرار الحظر — سيُنظر إليه من زاوية سياسية، لا رياضية.
ويخشى مراقبون من أن تتحول الملاعب الأوروبية إلى منصات صراع رمزي بين مؤيدي إسرائيل وداعمي فلسطين، في وقت تسعى فيه المؤسسات الرياضية للحفاظ على حيادها وصورتها العالمية.
فالمباراة المنتظرة بين أستون فيلا ومكابي تل أبيب أصبحت اليوم أكثر من مواجهة كروية، بل اختبارًا حقيقيًا لقدرة أوروبا على الفصل بين التنافس الرياضي والاصطفاف السياسي.