جدل في بريطانيا بشأن مباراة مكابي الإسرائيلي وأستون فيلا.. مخاوف من توترات أمنية

تشهد الساحة البريطانية جدلاً متصاعدًا بعد إعلان نادي أستون فيلا الإنجليزي منع جماهير مكابي تل أبيب من حضور مباراة الفريقين المرتقبة في بطولة الدوري الأوروبي، المقرر إقامتها في نوفمبر المقبل بمدينة برمنجهام، وذلك بناءً على توصية من شرطة ويست ميدلاندز التي أعربت عن مخاوفها من تهديدات أمنية محتملة من متظاهرين خارج الملعب.
القرار أثار عاصفة من المواقف المتباينة، دفعت وزيرة الداخلية البريطانية شابانا محمود إلى التأكيد بأن الحكومة "تبذل كل ما في وسعها لضمان إقامة المباراة بأمان، مع تمكين جميع المشجعين من حضورها"، مشددة على أن معاداة السامية تمثل وصمة عار في جبين المجتمع البريطاني، وأن حرمان جماهير أي فريق من الحضور لأسباب تتعلق بانتمائهم الديني أو القومي أمر لا يتوافق مع قيم العدالة والمساواة.
وفي بيان رسمي، أوضح متحدث باسم الحكومة أن التنسيق جارٍ مع الشرطة والجهات المعنية لتأمين المباراة بالشكل الذي يضمن سلامة جميع الأطراف، مؤكدًا أن السلطات تسعى لتحقيق توازن بين متطلبات الأمن وحقوق الجماهير في متابعة فرقهم دون خوف من العنف أو التهديد.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قرار أستون فيلا "مشينًا"، مؤكدًا أن منع الجماهير من حضور المباراة "يعد انتصارًا للترهيب ويعكس خضوعًا للضغوط المعادية لإسرائيل"، على حد وصفه.
في المقابل، حظي القرار بدعم جزئي من بعض الجهات الأمنية التي رأت أن الأجواء المشحونة بسبب الحرب في غزة تجعل من الصعب ضمان أمن المباراة في حال حضور الجماهير الإسرائيلية، لاسيما في ظل دعوات بعض النشطاء لتنظيم تظاهرات واسعة في محيط الملعب.
أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فدخل على خط الجدل، مؤكدًا أن "دور الشرطة هو تأمين المباريات لا تقييد الجماهير"، واصفًا القرار بأنه "خاطئ"، وشدد على أن بلاده "لن تتهاون مع أي شكل من أشكال معاداة السامية في الشوارع أو الملاعب".
من جانب آخر، أثار المجلس القيادي اليهودي في بريطانيا انتقادات حادة ضد القرار، واعتبره "سابقة خطيرة"، مطالبًا بإلزام النادي المضيف بتحمل العواقب القانونية، أو إقامة المباراة دون جمهور إذا لم يُسمح لمشجعي مكابي بالحضور.
ويأتي هذا الجدل في وقت تشهد فيه بريطانيا توترات داخلية متزايدة مرتبطة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، انعكست في تظاهرات وبيانات متبادلة بين مؤيدين لإسرائيل وآخرين ينددون بما يجري في غزة، مما جعل السلطات في موقف صعب بين حماية الأمن العام والحفاظ على الحريات.
وبينما تسعى الحكومة لتأكيد التزامها بمبادئ الديمقراطية ورفضها لأي تمييز، تبقى المعادلة الأمنية والسياسية معقدة، إذ إن أي قرار – سواء بالسماح أو بالمنع – سيواجه انتقادات من أحد الأطراف، ما يجعل المباراة القادمة أكثر من مجرد مواجهة كروية، بل اختبارًا جديدًا لمدى قدرة لندن على إدارة التوازن بين حرية التعبير والأمن القومي.