لعنة الغدر
تخلص من حياة ابن عمه بطعنة نافذة فى القلب

المتهم فى التحقيقات: «مش عارف عملت كده ليه.. حسيت إنى بغلى»
فى قلب مركز البدرشين جنوب الجيزة كان الليل يزحف بهدوء على شوارع ضيقة ألفت السكون لا شىء يوحى بأن المساء سيحمل فاجعة تهز القلوب.
لكن خلف بابٍ زجاجى لمحل صغير لبيع اللحوم المجمدة كانت الدماء تتهيأ للانفجار والمأساة تكتب سطورها الأولى.
كان رجلا أربعينيا صاحب محل لبيع اللحوم معروفا بابتسامته وطيبة قلبه يرص بضاعته بعناية بين ثلاجات اللحم حياة بسيطة، روتين يومى.. حتى تلك اللحظة التى دخل فيها أبن عمه حداد مسلح عابس الملامح زائغ النظرات.
لم يكن أحد يدرى أن لقاء القرابة سيتحول إلى مواجهة قاتلة، وفى محاولة لكسر الجليد نظر الضحية للمتهم مبتسما قائلا: «من زمان ما شوفتكش»، لكن الكلمات سقطت فى صمت ثقيل فلم يتلق رداً.. نظرات غريبة توتر فى الهواء وأنفاس تتلاحق بين رجلين جمعهما الدم وفرقتهما الظنون.
لحظات وانفجر الغضب داخل المحل بدون أسباب واضحة.. صوت مرتفع.. شتائم مبهمة.. ثم حركة سريعة خاطفة التقط المتهم سكينا من على الطاولة وسدد طعنة مباشرة إلى صدر قريبه.
طعنة واحدة فقط لكنها كانت فى القلب تماما
سقط الضحية على الأرض والدماء تتفجر من صدره كصرخة مكتومة لم تمر ثوان حتى فارق الحياة وعيناه لا تزالان مفتوحتين على دهشة لم تكتمل.
لم يكتف القاتل بجريمته مد يده المرتجفة وسحب مبلغا ماليا من درج المحل ثم فر هاربا يلهث كمن يهرب من شبح نفسه أما الشارع فاهتز على صراخ أحد المارة الذى لمح الجسد الممدد وسط بركه من الدماء.
هرع الجيران بعضهم لم يصدق وبعضهم وقف مذهولا لا يجرؤ على الاقتراب لم تمض دقائق حتى وصلت الشرطة وانتشر رجال المباحث حول المكان يرسمون ملامح الجريمة وسط همسات الأهالى وبكاء الأسرة.
الرائد أحمد يحيى رئيس مباحث البدرشين كان أول من دخل مسرح الجريمة المشهد أمامه فوضى من الدماء والذهول، بهدوء جمع الأدلة راجع الكاميرات واستمع إلى الشهود الذين أكدوا أن القاتل غادر المكان فى حالة هياج هستيرى.
التحريات بدأت تسابق الزمن بالتنسيق مع مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة اللواء علاء فتحى، وتم تشكيل فريق بحث مكثف خلال ساعات تم تتبع خط سير المتهم حتى تم القبض عليه مختبئا فى أطراف القرية كان وجهه شاحبا عيناه تائهتان وكأنه استيقظ للتو من كابوس لم يدرك أنه هو صانعه.
فى التحقيقات اعترف بالجريمة لكن بصوت خافت مرتبك قال: «ماكنتش فى وعى حاجة كنت حاسس أنى بغلى مش عارف ليه»، التحريات كشفت أنه يعانى من اضطرابات نفسية وهو ما فتح باب الشك: هل قتل ابن عمه عمدا أم كانت لحظة فقدان سيطرة.
النيابة العامة أمرت بحبسه على ذمة التحقيقات وعرضه على الطب النفسى لتحديد حالته العقلية وقت ارتكاب الجريمة.
أما أهالى المنطقة فما زالوا يعيشون لحظات الرعب والحزن يرفضون تصديق ما حدث لجارهم طيب القلب ينظرون إلى محله المغلق بحسرة وحيرة بعد أن تحولت الدماء إلى ماء والقرابة إلى لعنة.