لم يعد شكل الحرب في عصرنا يشبه ما اعتدناه في كتب التاريخ من جيوش تواجه بعضها وجهاً لوجه، بل دخل العالم مرحلة جديدة يطلق عليها الخبراء حروب الجيل السادس، وهي أخطر بكثير لأنها تدور حول العقول والبنى التحتية أكثر مما تدور في ميادين القتال.
فمن يدير هذه الحروب إذن؟
الحقيقة الأكيدة انه لم يعد الجيش وحده هو اللاعب الرئيسي. فإلى جانب القادة العسكريين نجد:
• أجهزة الاستخبارات التي تدير حملات التضليل والتشويش الإعلامي.
• شركات التكنولوجيا التي تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة.
• القطاع الخاص والمرتزقة السيبرانيون الذين يُستأجرون لتنفيذ هجمات إلكترونية معقدة.
• الوكلاء غير الرسميين من جماعات ضغط إعلامي أو مجموعات مسلحة تُستخدم لإرباك الخصم دون أن يُنسب ذلك مباشرة إلى الدولة.
ولكن كيف تُدار؟
ببساطة إن الأسلحة في هذه الحروب ليست فقط صواريخ ودبابات، بل:
• الشائعة التي تنتشر على وسائل التواصل أسرع من الرصاصة.
• الهجوم السيبراني الذي قد يشل شبكة كهرباء أو يُوقف نظاماً مصرفياً.
• الأسراب الذكية من الطائرات المسيّرة التي تنفذ مهامها بأقل تكلفة وأكثر دقة.
• العقوبات الاقتصادية التي تُستخدم كسلاح لإضعاف الخصم.
• التشويش الفضائي والإلكتروني الذي يعمي الاتصالات ويعطل الملاحة.
والسوال الذي يتبادر للأذهان هو
لماذا هي الأخطر؟
لأنها باختصار حروب قد لا يعلن أحد أنها بدأت أصلاً. فالمواطن البسيط قد يصبح هدفاً لها من خلال الأخبار المضللة أو الفيديوهات المفبركة التي تهز ثقته بمؤسساته. الأخطر أن القرارات العسكرية باتت تعتمد أكثر فأكثر على الذكاء الاصطناعي في بعض الدول ، مما يفتح باباً لمخاطر أخلاقية وقانونية كبيرة.
وهل ممكن إذن أن نواجهها وكيف ؟!
المعركة الحقيقية تبدأ من وعي المواطن:
• لا تنشر خبراً قبل أن تتحقق من مصدره.
• لا تنخدع بالعناوين المثيرة أو الصور المفبركة.
• نحتاج الي مزيد من الشفافية والرقابة على استخدام الذكاء الاصطناعي في الشأن العسكري والإعلامي.
وتبقّي كلمة:
حروب الجيل السادس هي حروب بلا دخان، أدواتها المعلومة والافتراضية تتكامل لإضعاف الدول من الداخل قبل الخارج. وإذا كان السلاح التقليدي يحتاج إلى جيوش ومعدات، فإن سلاح هذه المرحلة يحتاج إلى عقول يقظة ووعي مجتمعي ليُفشل أخطر معارك القرن.