الكونجرس يطالب بوقف تطبيق للتعرف على الوجه لتهديده للحقوق الدستورية

تصاعد الجدل مجددًا في الولايات المتحدة حول استخدام تقنيات التعرف على الوجه بعد أن وجّه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ رسالة رسمية إلى وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) يطالبون فيها بوقف استخدام تطبيق "Mobile Fortify" على الهواتف الذكية.
التطبيق يعتمد على جمع وتحليل المعالم البيومترية، بما في ذلك صور الوجه، الأمر الذي أثار مخاوف متزايدة بشأن الخصوصية والحريات الفردية.
رسالة شديدة اللهجة من المشرعين
الرسالة، التي وقعها السيناتور إدوارد ماركي ورون وايدن وجيف ميركلي إلى جانب عدد آخر من النواب مثل إليزابيث وارين وكوري بوكر وبرني ساندرز، حذّرت من أن هذه التقنية "لا تزال غير موثوقة" وأن الرقابة اللحظية التي يتيحها التطبيق قد تردع الأفراد عن ممارسة حقوقهم الدستورية الأساسية، مثل المشاركة في التظاهرات أو الانخراط في تجمعات سلمية.
وقال المشرعون في خطابهم: "كما أثبتت الدراسات، فإن شعور الأفراد بوجود رقابة عليهم يضعف حماسهم في ممارسة حقوقهم، وهو ما يقوض صميم الديمقراطية الأمريكية"، وطالبوا الوكالة بالإجابة على أسئلة محددة قبل 2 أكتوبر، من بينها هوية الجهة المطورة للتطبيق، تاريخ إطلاقه، دقة عمله، والأساس القانوني الذي تستند إليه الوكالة في تشغيله.
كما تساءلوا عما إذا كانت الوكالة ستوقف استخدام التطبيق، وفي حال رفضت ذلك، ما المبررات التي تستند إليها.
فضائح سابقة تكشف ممارسات سرية
القضية أعادت إلى الأذهان تقريرًا نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في وقت سابق من هذا الصيف، كشف أن شرطة نيو أورليانز كانت تستخدم تقنية التعرف على الوجه عبر شبكة تضم أكثر من 200 كاميرا خاصة، واستمرت في ذلك سرًا لمدة عامين.
المفارقة أن قوانين المدينة كانت تشترط استخدام هذه التقنية فقط في حالات محدودة، كالبحث عن مشتبهين في جرائم عنف، مع ضرورة إبلاغ مجلس المدينة بكل حالة، وهو ما لم يحدث، هذه الحادثة زادت من قلق الرأي العام بشأن غياب الشفافية في استخدام أدوات المراقبة.
رغم الجدل الدائر، لا يزال استخدام تقنية التعرف على الوجه يحظى بدعم شريحة واسعة من الأمريكيين، خاصة في مجالات إنفاذ القانون ومراقبة أماكن العمل، لكن بشروط محددة، غير أن المشكلة الكبرى تكمن في غياب تنظيم اتحادي شامل لهذه التقنية، ما دفع الولايات إلى سن قوانينها الخاصة.
على سبيل المثال، وضعت ولاية إلينوي قانونًا صارمًا يُلزم الشركات بالحصول على موافقة خطية من الأفراد قبل استخدام بياناتهم البيومترية، ويمنحهم حق مقاضاة الجهات التي تسيء استخدامها.
في المقابل، ولايات أخرى لم تضع أي ضوابط واضحة، مما أدى إلى تفاوت كبير في مستوى الحماية القانونية بين منطقة وأخرى.
هذا التباين القانوني كلف بعض الشركات مبالغ طائلة. ففي العام الماضي، وافقت شركة فيسبوك (التي تُعرف حاليًا باسم ميتا) على دفع 1.4 مليار دولار لولاية تكساس، في واحدة من أكبر التسويات في تاريخ الولايات المتحدة، بعد اتهامها بجمع بيانات بيومترية لملايين المستخدمين دون الحصول على إذن مسبق. هذه القضية سلطت الضوء على حجم المخاطر المالية والقانونية التي قد تواجهها الشركات إذا واصلت تجاهل قواعد الخصوصية.
التحرك الأخير من أعضاء مجلس الشيوخ يعكس قلقًا متناميًا من أن تتحول تقنيات التعرف على الوجه إلى أداة رقابية تتجاوز حدود الأمن العام لتطال الحياة اليومية وحرية التعبير. وبينما يرى أنصارها أنها وسيلة فعالة لتعزيز الأمن وتسريع التحقيقات، يؤكد المعارضون أن غياب الشفافية والضوابط الصارمة قد يفتح الباب أمام انتهاكات واسعة النطاق.
هل سيستجيب صناع القرار الأمريكيون لهذه المخاوف بوضع تشريع اتحادي شامل يوازن بين متطلبات الأمن وحماية الخصوصية؟ أم ستظل الولايات تعمل بمعزل عن بعضها، في وقت تتسارع فيه وتيرة اعتماد هذه التقنية المثيرة للجدل؟