رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

هل تعيد قرارات "عبداللطيف" الانضباط للمدارس؟

بوابة الوفد الإلكترونية

مصروفات مضاعفة وكتب إلزامية .. وتبرعات إجبارى فى المدارس الحكومية

منذ اللحظة الأولى لتوليه وزارة التعليم، أشعل محمد عبداللطيف، سلسلة من القرارات التى وُصفت بأنها فوقية وغير مدروسة، لتتحول الوزارة إلى بؤرة جدل مستمر بين أولياء الأمور والمعلمين، منها حصر المرحلة الابتدائية فى الفترة الصباحية فقط بما يهدد بتكدسات خانقة داخل الفصول، وقرارات نقل الطلاب إلى مدارس بعيدة بحجة الصيانة أو الدمج أو تخفيف التكدس، وإلزام الأسر بشراء الكتب الدراسية وارتفاع أسعار المصروفات، رغم الأعباء الاقتصادية الثقيلة، وجد أولياء الأمور أنفسهم أمام واقع أكثر قسوة، ولم يقف الأمر عندهم، بل امتد إلى المعلمين الذين صُدموا بقرار مدّ سن العمل حتى ما بعد المعاش، ما اعتبروه تضييقًا على فرص التعيين أمام الشباب، فيما زاد ارتباك المشهد مع إعلان الوزير أن شهادة البكالوريا الدولية ستكون اختيارية، بينما تُطبق إجباريًا فى أغلب المدارس، قرارات متتالية فجرت حالة غضب عارمة، ووضعت الأسرة والمدرسة معًا فى قلب أزمة خانقة لا تبدو لها نهاية قريبة.
أزمة المصروفات الدراسية 
جاءت أزمة المصروفات الدراسية هذا العام ضربة قوية للأسر، فبعد أن قررت الوزارة دمج رسوم الكتب مع المصروفات الأساسية، ارتفعت الأعباء بنسبة عالية جدا للصفوف من الرابع الابتدائى وحتى الثالث الإعدادى، فى حين فوجئ أولياء أمور رياض الأطفال بزيادة تقارب 50% عن العام الماضى، دون أن يشمل ذلك ثمن الكتب.
غضب شديد 
تراكم هذه القرارات جعل أولياء الأمور فى حالة غضب شديد، بينما وجد المعلمون أنفسهم شركاء فى الأزمة، بين ضغوط العمل، وكثافة الفصول، وقرارات إدارية تفرض عليهم دون حوار أو مشاركة.
رصدت الوفد آراء عدد من أولياء الأمور والمُعلمين والخبراء أيضا
آراء أولياء الأمور 
احدى السيدات ولى أمر طالب يستعد لدخول الصف الأول الثانوى، تروى تفاصيل صادمة عن تجربتها مع الإدارة المدرسية.
قالت:
توجهنا للتقديم لابنى فى المدرسة، فوجئت بالمدير يعقد اجتماعا مع أولياء الأمور لإقناعنا بنظام البكالوريا الدولية، مؤكداً أن الموضوع اختيارى، ولكن عندما اردت التسجيل على الإنترنت واخترت ثانوية عامة، استغرب المدير عند عودتنا للمدرسة مرة أخرى قائلاً: بعد كل ما شرحته لكم عن مزايا البكالوريا وتختارون الثانوية العامة! وأضاف: المدرسة كلها سوف تطبق نظام البكالوريا، ومن يريد الثانوى العام يتوجه لمدرسة أخرى أنا مش هافتح فصل واحد للثانوية وباقى المدرسة كلها بكالوريا».
حيرة  
تصريحات المدير تركت الأسر فى حيرة، بين خيار لا يرغبون فيه، والبحث عن مدرسة بديلة فى ظروف شديدة الصعوبة.
أما ولى أمر أخرى فقد وجدت نفسها أمام مأزق أشد قسوة، بعدما جاء تنسيق ابنتها الطفلة فى مرحلة رياض الأطفال إلى مدرسة بعيدة تمامًا عن محل إقامتها.
«التنسيق جاء لابنتى بمدرسة تجريبية فى العياط وانا من ابو النمرس، والمسافة أكتر من ساعة ونصف يوميًا! 
كيف تتحمل طفلة صغيرة هذا المشوار؟ 
حاولت طلب نقلها لكنهم رفضوا، واضطررت إلى تأجيلها سنة فى البيت وأدخلها على سنة أولى حتى استطيع التحويل لها».
هذه القصة تعكس معاناة عشرات الأسر مع نظام التنسيق الذى لا يراعى البعد الجغرافى أو الظروف الأسرية
تبرعات اجبارى 
قالت مدام ناهد ولى امر، «فى المدارس التجريبية الكتب مكانتش إجبارية، وكان ممكن نشتريها من الخارج بسعر أقل، والآن الوزارة فرضت شراء الكتب من المدرسة وبأسعار عالية، بجانب زيادة مصاريف المدرسة نفسها، ما يعنى أن مصاريف المدرسة زادت ومصاريف الكتب أيضا زادت، والأسوأ إنها سوف تزيد فى شهر فبراير، ولو اردت التقديم فى مدرسة حكومية لا بد أن أقدم هدايا للمدرسة يطلقون عليها اسم تبرعات، وهم من يحددون المطلوب، وغالبًا بيكون أغلى من قدرتنا، كل ده عبء فوق طاقة أولياء الأمور.
طاقة الفصول 
منى «ولى أمر لطالب فى الصف الثالث الابتدائى ابنى فى مدرسة حكومية الفصل فيه 65 تلميذ، ومع القرار الجديد هيزيدوا فوق الـ 80 ازاى طفل يستوعب؟! كده لا تعليم ولا حتى متابعة» وبيقولى هايقلل العدد وفترات الدراسة ٤ايام وممكن٣.. محدش عارف».
أحمد ولى أمر لطالبة فى الصف الرابع، «نقلوا بنتى لمدرسة بعيدة 3 كيلومتر، وهاضطر أجيب لها مواصلات، التكلفة زادت عليا 600 جنيه فى الشهر، غير القلق على الطريق والزحمة».
الكتب بأسعار مرتفعة 
سحر.. أم لطالب فى الصف السادس «أجبرونا نشترى الكتب بأسعار عالية، احنا أصلًا بندفع للدروس عشان الولاد يفهموا، هو الوزير عايز إيه من الأهالى؟».
إيمان عبرت عن استيائها قائلة: «أنا عندى ولدين، واحد فى تالتة ابتدائى والتانى فى سادسة ابتدائى، ليه يغيروا الزى المدرسى؟ أقل طقم دلوقتى بـ300 أو 400 جنيه فى مدرسة حكومى نعمل إيه مع كل ده غير مصاريف الكتب والأدوات؟».
هالة «ولى أمر لطفلة برياض الأطفال «العام الماضى دفعت 2800 جنيه، السنة دى المصاريف وصلت 4200 من غير الكتب! إحنا مش قادرين نلحق».
هذه الزيادات جعلت كثيرًا من الأسر تعتبر أن مجانية التعليم أصبحت «شعارًا فقط»، بينما الحقيقة أن التكلفة باتت تثقل كاهلهم عامًا بعد عام.
المعلمون: ضغوط بلا نهاية
الأمر لم يقف عند أولياء الأمور فقط، بل امتد إلى المعلمين أنفسهم، الأستاذة قمر على، معلمة لغة عربية بالمرحلة الابتدائية، تؤكد أن الأزمة انعكست على حياتهم كمدرسين أيضًا:
«إحنا كمعلمين بنتعرض لضغط كبير من القرارات دى، سواء من زيادة شكاوى أولياء الأمور أو من أعباء العمل اللى بتزيد مع التكدسات، انا كمان عندى أولاد فى المدارس وبشعر بنفس المعاناة، القرارات متخبطة: نقل مدارس لمدارس أخرى بدون خطط واضحة، زى مدرسى جديد بيفرضوه فجأة، كتب إجبارية بأسعار عالية، وزيادة مستمرة فى المصروفات».
وتختم قمر حديثها بالتأكيد على أن تطوير التعليم يحتاج إلى رؤية متكاملة وليست قرارات متفرقة مؤكدة أن الإصلاح لازم يكون بخطط مدروسة، ببرامج حقيقية تقلل التكدسات وتوفر بيئة تعليمية منظمة، من غير ما تبقى كل خطوة على حساب أولياء الأمور والطلاب».
محمد مدرس رياضيات، «قرار مد سن المعاش بيظلم الشباب اللى منتظرين فرصة تعيين، وفى نفس الوقت بيحملنا فوق طاقتنا، فين الإصلاح هنا؟».
الأهالى فى حالة غضب، والمعلمون يشتكون من ضغط مضاعف، والطلاب تائهون بين أنظمة وقرارات متغيرة، وبينما تؤكد الوزارة أن الهدف هو «تطوير التعليم»، يرى المتضررون أن ما يحدث لا يترجم إلا فى شكل أزمات جديدة، تتطلب تدخلًا من البرلمان وخبراء التربية قبل أن ينهار ما تبقى من المنظومة التعليمية.
خبراء التعليم 
أكدت داليا الحزاوى الخبيرة التربوية ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر أنه مع اقتراب انطلاقة العام الدراسى الجديد، تثقل كاهل الأسر المصرية أعباء مالية متعددة تشمل الزى المدرسى، المستلزمات المكتبية، والمصروفات الدراسية، ويتحمل أولياء الأمور، الذين غالبًا ما لديهم أكثر من طالب فى مراحل تعليمية مختلفة، عبئا كبيرًا، ما يجعلهم لا يستطيعون تحمل أى زيادات غير متوقعة فى مصروفات المدارس، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
جدل حول القرارات
أثارت وزارة التربية والتعليم جدلًا واسعًا بإعلانها قبل أسبوع من بداية الدراسة قرارًا يقضى بضم رسوم الكتب الدراسية إلى المصروفات الدراسية فى المدارس التجريبية، وهو ما اعتبره أولياء الأمور قرارًا مفاجئًا وصادمًا، فالمعروف أن المدارس التجريبية تستهدف غالبًا فئة محدودى ومتوسطى الدخل الذين يسعون لتوفير تعليم متميز لأبنائهم لإعدادهم لسوق العمل.
وتابعت «الحزاوى»: أنه كان من الأفضل أن تطبق الزيادة بشكل تدريجى وليس مفاجئا وأن تتاح آليات تقسيط ميسرة تراعى الأوضاع المالية للأسر، بحيث تكون الأقساط متساوية ومناسبة. وأضافت أن نظام التقسيط الحالى يفرض قسطًا أوليًا كبيرًا، ما يمثل تحديًا لأولياء الأمور الذين لديهم أكثر من ابن فى مراحل تعليمية متعددة.
واضافت «الحزاوى»: هناك شكاوى من أولياء الأمور أن الكتب المدرسية تفتقر إلى التطوير، ما يدفعهم إلى شراء كتب خارجية بأسعار مرتفعة، ما يزيد الأعباء المالية على الأسر لذلك يرون أن اسعار الكتب المدرسية مغالى فيها.
على الجانب الآخر هناك قرار من الوزارة يستحق الاشادة والتقدير، وهو وضع وزارة التربية والتعليم خطة طموحًا للتخلص من نظام الفترات المسائية فى المدارس الابتدائية خلال عامين، انطلاقًا من أن الكثافة الطلابية تؤثر سلبًا على جودة التعليم وقدرة الطلاب على الاستيعاب، كما أن الوزارة تعهدت بتحقيق تحسن فى هذا الشأن هذا العام أيضًا.
وقال الدكتور مصطفى كامل الخبير التربوى، إن قرار اقتصار المرحلة الابتدائية على الفترة الصباحية فقط له تأثير كبير على كثافة التلاميذ داخل الفصول وهذا بالطبع له نتيجة سلبية من حيث الكم والكيف لجودة التعليم فى مصر، حيث إنه من غير الممكن بل من المستحيل على المعلم الذى أثقلته الوزارة بمسئوليات التقويم والتقارير والمهام اليومية أن يقوم بمهمته الأساسية وهى شرح المنهج الدراسى بكل أركانه من كتاب مدرسى وأنشطة صفية وأنشطة غير صفية، ما يؤدى ذلك فى النهاية إلى عدم نجاح العملية التعليمية وعدم تحقيق أهدافها الأساسية لأن الاهتمام بجوهر التعليم أهم بكثير من الاهتمام بشكل التعليم.
واضاف كامل أنه بالنسبة لعملية نقل تلاميذ فى هذا السن لمدارس بعيدة عملية مرهقة جدا تؤثر بالسلب على التلميذ وولى الأمر الذى يذهب إلى عمله فى نفس التوقيت وكذلك يستنفد ميزانية الأسرة فى ظروف اقتصادية صعبة وأيضا لها تأثير مباشر على اقتصاد البلد وذلك من خلال استهلاك مفرط وضار بالمواصلات العامة واستهلاك الوقود وازدحام الشوارع فى الذهاب والإياب، وأعتقد أن الضحية الأساسية هو التلميذ الذى نطالبه بعد عودته سالما إلى المنزل أن يقوم بعمل واجباته وبالتأكيد سوف يؤثر ذلك على التحصيل الدراسى واستقرار الأسر.
إلزام الدولة دستوريًّا 
وأكد أن قرار إلزام شراء الكتب الدراسية بالرغم من أنه يخدم العملية التعليمية فعلًا لأن الكتاب المدرسى جزء أساسى من المنهج الدراسى لإنجاح العملية التعليمية، ولكن بالأسعار المبالغ فيها يعتبر عبئا ماليا كبيرا وإضافيا على كاهل الأسر المصرية التى تمر بظروف اقتصادية صعبة على كل المستويات، بالإضافة إلى مخالفة الدستور فى حق المواطن المصرى فى الحصول على تعليم مجانى.
«ينص دستور مصر الحالى على حق المواطنين فى التعليم فى المادة 19، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة لا تقل عن 4% من الإنفاق الحكومى للتعليم بشكل ينمو تدريجياً ليصل إلى المعدلات العالمية، ويجب أن يكون التعليم الإلزامى مجانياً، وتتضمن مواد أخرى حق الدولة فى كفالة مجانية التعليم الجامعى فى جامعاتها الحكومية وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية، كما جاء فى المادة 21 من الدستور.
مد سن العمل 
وأشار إلى أن قرار مد سن عمل المعلمين للاستفادة بخبراتهم العظيمة يجب أن يتم تطبيقه بشرط تحديد العدد فى كل إدارة لكى لا يؤثر بالسلب على فرص التعيين للشباب الذى يمتلك الطاقة والنظريات الحديثة وأساليب متطورة فى طرق التدريس. فإذا اجتمعت الخبرة مع الحداثة نهضت العملية التعليمية وتحققت أهدافها فى تحقيق تنمية مستدامة وفقا لرؤية مصر ٢٠٣٠.

 

احتكار الزى المدرسى يستنزف ميزانية الأسر

مع اقتراب العام الدراسى الجديد، تتجدد معاناة الأسر المصرية، لكن هذه المرة ليست فقط فى مصروفات المدارس أو الدروس الخصوصية، بل فى الزى المدرسى الذى تحوّل إلى معركة حقيقية بين أولياء الأمور من جهة، والمدارس والموردين من جهة أخرى، فضلًا عن شكاوى متعددة بشأن أسعار الكتب المدرسية.
منشورات غضب تملأ صفحات مواقع التواصل الاجتماعى وجروبات أولياء الأمور، تتحدث عن أسعار مبالغ فيها، وتصميمات وألوان خاصة لا تتوفر إلا لدى موردين محددين، ما يضطر الأسر إلى الشراء من المدرسة أو من المحلات المرتبطة بها بأسعار مرتفعة دون وجود بديل حقيقى.
أولياء الأمور
يقول محمد عبد الحميد، موظف وأب لطفلين فى إحدى المدارس الخاصة بالهرم: «المدرسة حددت لونًا وتصميمًا مش موجود فى أى محل، وبتقول لازم نشترى من المورد المعتمد. الطقم بـ 1200 جنيه! طب ليه؟ إحنا بندور على الأرخص، والمدرسة قافلة كل الأبواب قدامنا». ولا يقف الأمر عند حد الأسعار فقط، بل إن بعض المدارس أصبحت تطلب تغيير الزى بالكامل كل عامين أو أقل، مع إضافة «إكسسوارات» معينة كالشعارات المطرزة أو البادجات الخاصة التى تُخاط يدويًا، فى خطوة يراها البعض تهدف لتعقيد مهمة تقليد الزى خارج المدرسة.
ألوان من العذاب
يضيف أحمد شوقى، أحد أولياء الأمور فى منطقة العجوزة: «سألت فى 3 محلات لقيت اللون اللى طالباه المدرسة مش موجود. اتضح إنهم بيصنعوه مخصوص عشان محدش يعرف يقلده. يعنى لازم تشترى من عندهم بالسعر اللى هم عايزينه، ومالناش بديل».
الأسعار نار.. وموسم «استنزاف»
فى جولة سريعة داخل عدد من محلات بيع الزى المدرسى بمنطقة وسط البلد والجيزة، أكدت بعض المحال أن هناك تراجعًا كبيرًا فى المبيعات بسبب تحول المدارس لبيع الزى عبر موردين خاصين، أو داخل المدرسة نفسها. يقف محمد عبدالعزيز، موظف وأب لثلاثة أطفال، حائرًا أمام واجهة أحد المحال التى تعرض الزى المدرسى بأسعار مرتفعة. يقول محمد:
«أنا عندى 3 أولاد فى مراحل مختلفة، وللأسف كل مدرسة ليها زى مختلف، ولون مختلف، وحتى القماش مختلف. السنة دى بس صرفت ما يقرب من 4 آلاف جنيه على الزى المدرسى فقط. ولو فكرت أشترى من مكان تانى، المدرسة بترفض الولد يدخل».
أما فى منطقة عين شمس، فتقول سامية محمود، ربة منزل، إنها اضطرت لتأجيل شراء بعض مستلزمات المنزل الضرورية من أجل توفير نفقات الزى والكتب المدرسية. وتضيف: «الزى بقى زيه زى اللبس الخارجى، فيه تطريزات وشعارات وطلبوا بطانة معينة فى الجيبة، ومافيش مكان بيبيعها غير مورد المدرسة. ولما سألت ليه؟ قالولى التعليمات كده».
الاحتكار داخل المدارس
من جهته، عبّر كريم ناجى، محاسب وأب لطالب فى الصف الأول الإعدادى، عن غضبه من تفشى ثقافة «الاحتكار داخل المدارس»، قائلًا: «الوضع أصبح غير مقبول، المدرسة مش بس بتبيع الزى، دى بتبيع الكشاكيل، والكتب الخارجية، وكروت المتابعة، وحتى زجاجة المياه بشعار المدرسة. يعنى لو الطفل اشترى من الخارج يتم معاقبته وهذا ليس تعليما، انما سوق تجارى مغلق».
وترى سمر جلال، معلمة فى إحدى المدارس الخاصة، أن المشكلة لا تقتصر فقط على الزى أو الكتب، بل تمتد إلى فكرة «التمييز بين الطلاب» على أساس القدرة المادية. وتوضح: «الطفل اللى أهله مش قادرين يشتروا الزى الجديد أو الكتب من المدرسة بيتعامل كأنه أقل من الباقى. وده بيخلق إحساس بالظلم وبيأثر على نفسية الطفل وثقته بنفسه».
استنزاف مقصود
من جانبه، قال ياسر فهيم، موظف حكومى، إن تغيير تصميم الزى المدرسى بشكل سنوى هو استنزاف مقصود، ويضيف: «أنا ابنى فى سنة تانية ابتدائى، اشتريت له زى العام بـ800 جنيه، وهذا العام طلبوا لونا اخر وتغييرا بسيطا فى التصميم، مصرين على أن نشترى الجديد. يعنى اللبس القديم ما ينفعش. هو احنا بنغير موضة كل سنة؟».
أولياء أمور غاضبون
تحاول بعض إدارات المدارس تبرير الأمر بأنه يأتى فى إطار «الحفاظ على الانضباط» و«توحيد المظهر العام»، خاصة فى المدارس الخاصة والدولية التى ترغب فى التميز عن غيرها، لكن أولياء الأمور يرون أن هذه الحجج واهية، وأن الهدف الحقيقى هو المكسب التجارى تحت غطاء «النظام».
تقول منى حسين، ولي أمر لطالبة فى مدرسة تجريبية مميزة: «المدرسة عملت تغيير بسيط فى التصميم وقالت لازم الكل يشترى الجديد. ده استغلال مش نظام. ليه كل سنة نشترى لبس جديد؟ الأطفال كبروا شوية، لكن الزى ممكن يكمل».
غياب الرقابة
وفى ظل هذه الفوضى، تغيب الرقابة من وزارة التربية والتعليم، فلا توجد جهة تُحدد أسعار الزى، أو تُلزم المدارس بعدم احتكار الشراء، وطالب أولياء الأمور بتدخل الوزارة لتحديد سقف للأسعار، والسماح بشراء الزى من أى مصدر طالما أنه مطابق للمواصفات المطلوبة، دون إجبار على مورد معين.
يقول أحد أولياء الأمور من داخل إحدى المدارس الدولية: «نحن لا نطلب شيئًا مستحيلًا، فقط نريد أن يكون الزى فى متناول الجميع. الموضوع بقى تجارة.. وكأن المدرسة فتحت سوبر ماركت مش مؤسسة تعليمية».
ومع بداية موسم الدراسة، تزداد الضغوط على الأسر، التى تجد نفسها مجبرة على «الدفع أو الاستبعاد» غير الرسمى للطفل من المشاركة فى الأنشطة أو الحصص بسبب عدم ارتداء الزى المطلوب.
وفى الوقت الذى تحرص فيه الدولة على دعم التعليم وتخفيف الأعباء عن المواطنين، يرى الكثيرون أن استمرار هذه الظاهرة يُفقد فكرة «الزى الموحد» معناها، ويحوّلها إلى عبء اقتصادى ونفسى جديد.
استنكر د.أحمد عامر، أحد أولياء الأمور لإحدى الطالبات بالمدارس التجريبية الزيادة المفاجئة لأسعار الكتب الدراسية التى لا تتماشى حاليا مع الظروف الاقتصادية التى يمر بها معظم الأسر المصرية، حيث إن التعليم حق أصيل كفله الدستور لكل طفل، ولا ينبغى أن يتحول إلى عبء فوق طاقة الأسر، واستنزاف لمقدراتهم المادية.
وأشار «عامر» أن إجبار أولياء الأمور على شراء الكتب المدرسية من الوزارة بمثابة احتكار لحرية الاختيار، وذلك مع وجود بدائل تعليمية متطورة وحديثة.
أولياء الأمور يؤكدون أن هذه السياسة تفرض قيودًا غير مباشرة، وتجعل من الالتزام بالزى المدرسى عبئًا ماليًا ثقيلًا. 
منى أحمد، ولي أمر طالبة فى الصف الثالث الابتدائى، عبرت عن استيائها قائلة إن المدرسة تتعمد تغيير لون الزى كل عام، ولا يتوفر سوى فى مصنع بعينه، ما يرفع الأسعار إلى مستويات غير منطقية، وأضافت أن الأمر بات يشبه شراء «ماركة مسجلة» لا يمكن تقليدها.
يشير العديد من أولياء الأمور أن تكلفة زى طالب واحد فى المرحلة الابتدائية بلغت أكثر من 2500 جنيه، بينما تتجاوز 3500 جنيه فى المراحل الثانوية، وفقًا لما تؤكده مها عبدالعزيز، وهى أم لطفلين فى مدرسة خاصة. مها أوضحت أنها حاولت خياطة نفس الزى بنفس الخامة لدى ترزى بسعر 700 جنيه فقط، لكن المدرسة رفضت السماح بدخول أطفالها إلا بالزى من المصدر المعتمد. ورغم أن جهاز حماية المستهلك كان قد أصدر تحذيرات صريحة تمنع المدارس من إجبار أولياء الأمور على الشراء من منافذ معينة، وأكد أن هذا الإجراء يمثل مخالفة قانونية لحق المستهلك فى اختيار مكان الشراء، فإن هذا التحذير لم يُترجم إلى واقع فعلى. فالألوان المعتمدة لا تتوفر فى الأسواق، وغياب البدائل يجعل من تلك التحذيرات مجرد أوراق بلا أثر، بحسب تعبير عدد من أولياء الأمور.
من جهة أخرى، يؤكد عدد من أصحاب محلات الملابس الخاصة بالمدارس، أن المصانع التى تحصل على امتيازات حصرية لتوريد الزى المدرسى للمدارس الخاصة، تحقق أرباحًا ضخمة نتيجة هذا النظام المغلق. ويشير أحمد شعبان، صاحب أحد محال الملابس المدرسية بوسط القاهرة، إلى أن هناك ألوانًا خاصة تُنتج فقط لصالح مدارس بعينها، ولا يمكن للمحال الصغيرة توفيرها، ما يقضى تمامًا على فرص المنافسة ويضع الأسر تحت رحمة الأسعار المفروضة.
بمرور الوقت، لم يعد الزى المدرسى فى المدارس الخاصة مجرد وسيلة لتوحيد الطلاب بصريًا، بل تحوّل إلى «سوق مغلق» يُدر الملايين على مصانع محددة، بينما تتحمل الأسر وحدها فاتورة هذا التحوّل الصامت فى فلسفة التعليم.
ولم يتوقف الغلاء عند حدود الملابس، بل شمل أيضًا الأحذية والشنط المدرسية، لتدخل هى الأخرى دائرة «التدوير». كثير من الأمهات بدأن فى إصلاح شنط وأحذية العام السابق، بدلًا من شراء جديدة، خاصة فى الأسر التى تضم أكثر من طفل فى مراحل دراسية مختلفة، ما يضاعف العبء المادى.
حيل نسائية
من جانبها، أوضحت ندى صابر، الباحثة فى إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة، أن بداية العام الدراسى تمثل عبئًا ماليًا كبيرًا على الأسر المصرية، بسبب تعدد البنود المطلوبة، من أدوات مكتبية إلى زى مدرسى ومصاريف متنوعة. وأضافت أن دخل الأسرة يظل العامل الحاسم فى تحديد شكل الإنفاق.
نصائح لتخفيف العبء
قدمت ندى مجموعة من النصائح العملية التى يمكن أن تسهم فى التخفيف من أعباء بداية العام الدراسى، منها الاحتفاظ بملابس الأشقاء الأكبر لاستخدامها لاحقًا مع الأصغر، شراء مقاسات أكبر ليصمد الزى لأكثر من عام، إصلاح الأعطال أولًا بأول بدلًا من استبدالها، عدم التسرع فى الشراء إلا فى حالات الضرورة، الشراء من المنافذ الرسمية التى تقدم عروضًا بأسعار مناسبة، اختيار خامات جيدة تتحمل الاستخدام المتكرر، لتقليل النفقات على المدى الطويل، وإشراك الأبناء فى قرارات الشراء لتعزيز وعيهم المالى وتعلم القناعة.
التخطيط هو الأساس
واختتمت الباحثة حديثها بالتأكيد على أهمية أن تضع الأم خطة واضحة لإدارة ميزانية الأسرة فى موسم المدارس، والتركيز على الأولويات الأساسية دون الانسياق وراء الضغوط الاجتماعية أو مطالب الأبناء غير الضرورية. مؤكدة أن الجودة والعملية أهم من المظهر أو الحداثة، فكل أسرة لها ظروفها التى يجب احترامها عند اتخاذ قرارات الإنفاق.