قرية دست الإشراف بالبحيرة تغرق في الصرف الصحي.. والأهالي: بيوتنا بتقع

كارثة بيئية وصحية تضرب قرية دست الإشراف التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، بعدما غرقت شوارعها ومنازلها في مياه الصرف الصحي، وسط استغاثات متواصلة من الأهالي لإنقاذهم من الغرق والانهيار والأمراض.
القرية التي توصف بأنها "شبه جزيرة" يحيطها من جميع الجهات ترعة النوبارية وترعة الحاجر والخشبة والجنبية، أصبحت محاصرة بالمياه من كل اتجاه، في ظل غياب شبكة صرف صحي تخدم سكانها، رغم أن جميع القرى المجاورة التابعة لدست الأشراف تتمتع بهذه الخدمة.
وأكد الأهالي أن منسوب المياه ارتفع بشكل خطير ليصل إلى أكثر من 5 أمتار عن مستوى الدور الأول للمنازل، ما يهدد بانهيار المباني فوق رؤوس ساكنيها، ويعرض حياة الأطفال وكبار السن للخطر، فضلاً عن تحول الشوارع إلى برك ومستنقعات تنشر الحشرات والروائح الكريهة.
ولم يتوقف الأمر عند حدود المباني، بل امتدت الكارثة إلى الصحة العامة، حيث اختلطت مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، ما تسبب في انتشار الأمراض الخطيرة، وعلى رأسها الفشل الكلوي.
وأشار الأهالي إلى أن مركز الكُلى بكوم حمادة يمتلئ بعدد كبير من أبناء القرية الذين أصيبوا بهذا المرض نتيجة التلوث المزمن للمياه.
تقول إحدى ربات البيوت في استغاثة مؤلمة: "بيوتنا غرقانة بالصرف، والمية اللي بنشربها مختلطة بمية المجاري، الحشرات والأمراض في كل مكان.. إحنا بنشرب ميه صرف حرفيًا.. أولادنا في خطر، وبيوتنا مهددة بالسقوط علينا"، مطالبة بسرعة تدخل المسؤولين.
قال حسين الرشيدي شيخ معهد أزهري بالمعاش: "مشروع الصرف الصحي بالقرية تم إدراجه منذ عام 1992 إلا أنه بقي مجرد وعود على الورق، فيما يواصل الأهالي دفع الثمن مع مرور كل يوم جديد."
الأزمة لم تتوقف عند غياب المشروع فقط، بل زادت حينما تبرع أحد أهالي قرية مجاورة بثلاثة أفدنة لصالح هيئة مياه الشرب والصرف الصحي لإنشاء محطة معالجة تخدم القرية، ورغم مرور سنوات طويلة على التبرع، لم يُنفذ المشروع، ما دفع الورثة لاحقًا إلى استرداد الأرض بحكم قضائي، لتعود المعاناة مجددًا إلى نقطة الصفر.
وفي هذا السياق، أوضح أحمد سمير مدرس من أبناء القرية، أن الأهالي فقدوا الثقة في الوعود المتكررة من المسئولين: "عقدنا أكثر من اجتماع مع القيادات التنفيذية بديوان عام المحافظة، وتلقينا وعودًا متكررة بقرب الحل، لكن حتى الآن لم يتحقق شيء على أرض الواقع."
كما أضاف أحد الأهالي، أن استمرار الأوضاع الحالية ينذر بكارثة إنسانية وبيئية: "الأطفال يصابون بأمراض متكررة جراء التلوث، والمنازل معرضة للانهيار في أي لحظة، والحياة أصبحت شبه مستحيلة."
وعبرت ربه منزل عن غضبها قائلة: "نعيش يوميًا وسط مياه الصرف، صحتنا مهددة، بيوتنا تنهار، ولم نعد قادرين على الصبر أكثر من ذلك."
ووجهوا أهالي قرية دست الإشراف نداءا عاجلا إلى وزير الإسكان والدكتورة جاكلين عازر محافظ البحيرة، بسرعة إدراج القرية في الخطة العاجلة لمشروعات الصرف الصحي، حفاظاً على أرواح المواطنين وممتلكاتهم، قبل أن تتحول القرية إلى بؤرة كارثية لا يمكن السيطرة عليها.
خطوات عاجلة لمعالجة أزمة قرية دست الأشراف
استعرض عبدالعزيز قطاطو، رئيس مركز ومدينة كوم حمادة الجهود والإجراءات التي اتخذتها الأجهزة التنفيذية استجابة لمطالب أهالي قرية دست الأشراف، والتي تعاني منذ فترة من مشكلات متراكمة تتعلق بالصرف الصحي وارتفاع منسوب المياه الجوفية ومخاوف المواطنين من تداعياتها الصحية والمعيشية.
أولاً – ملف الصرف الصحي والمياه الجوفية:
أكد رئيس المدينة أن الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، رفعت مذكرة عاجلة إلى وزير الإسكان ووزير التعاون الدولي لإدراج القرية ضمن خطة عاجلة لمشروعات الصرف الصحي.
وأضاف أنه تم تدعيم الوحدة المحلية بسيارة نظافة، إلى جانب تخصيص 4 سيارات كسح بشكل دائم من رئاسة المركز والقرى المجاورة للتعامل مع الموقف الطارئ.
وأشار قطاطو إلى أنه تم الاتفاق مع جمعية تنمية المجتمع على خفض قيمة نقلة الكسح إلى 100 جنيه فقط، تخفيفاً عن كاهل الأهالي، لافتاً إلى أن هناك تخصيصاً مسبقاً لتسع قطع أراضٍ لإقامة محطات رفع صرف صحي بنطاق الوحدة المحلية، على أن يتم إدراج محطة المعالجة ضمن مراحل مبادرة "حياة كريمة" المقبلة.
ثانياً – مصرف سيدي عيسى بالحدين:
أوضح رئيس المدينة أن المصرف يقع خارج الكتلة السكنية وتحت خط الحيز العمراني، وهو ما لا يسمح بتغطيته وفقاً للاشتراطات، إلا أن الأجهزة التنفيذية بالتنسيق مع الصرف المغطى قامت بأعمال تطهير وإزالة للحشائش يومي 2 و3 سبتمبر الجاري، مع التأكيد على استمرار عمليات التطهير الدورية كل أربعة أشهر للحفاظ على كفاءته.
ثالثاً – مياه الشرب:
وفيما يخص شكاوى الأهالي من مياه الشرب، أكد قطاطو أن القرية تعتمد على مياه بحاري يتم ضخها من محطة مليحة، مشيراً إلى أن نتائج العينات الثلاثة التي تم سحبها منذ بداية الشهر الحالي أثبتت مطابقتها التامة للمواصفات القياسية.
كما شدد على استمرار الحملات الرقابية وأعمال الفحص الدوري لضمان جودة المياه المقدمة للمواطنين.
واختتم رئيس مركز ومدينة كوم حمادة بالتأكيد على أن الدولة حريصة على سرعة التدخل لحل مشكلات المواطنين على أرض الواقع، وأن ما يجري من إجراءات حالية يُمثل بداية لحل جذري لمشكلة الصرف الصحي والمياه الجوفية التي تعاني منها القرية، مشيراً إلى أن التنسيق متواصل بين جميع الجهات المعنية لتحقيق مطالب أهالي دست الأشراف في أقرب وقت ممكن.





