حياة الصالحين
السيدة نفيسة.. المثال الأروع في العطاء والصبر على الإبتلاء

في التراث الإسلامي العريق، تبقى شخصية السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن السبط، حفيدة سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، نموذجًا مضيئًا للزهد واليقين، وعنوانًا للصبر على البلاء والرضا بقضاء الله.
وقد نُسب إليها بيتان من الشعر يحملان معاني عظيمة في مواجهة الشدائد واليقين بفرج الله تعالى:
"كـم حاربتني شِدَّةٌ بِجيشِها … فضاقَ صدري من لقاها وانزعجْ
حتى إذا أيسْتُ من زوالها … جاءتني الألطافُ تسعى بالفـرجْ"
دلالة الأبيات ومعانيها
تكشف هذه الأبيات المنسوبة للسيدة نفيسة عن عمق التجربة الإيمانية التي مرّت بها، فهي تُصوّر الشدائد وكأنها جيوش تهجم على العبد حتى تضيق أنفاسه، لكنها تؤكد في الوقت ذاته أن الفرج الإلهي حاضر، يأتي بلطف الله ورحمته في لحظة اليأس، ليبث الطمأنينة بعد الضيق.
مكانة السيدة نفيسة
وُلدت السيدة نفيسة في مكة المكرمة سنة 145هـ، وعاشت بين الحجاز ومصر.
اشتهرت بالعلم والعبادة، حتى لقّبها أهل مصر بـ "نفيسة العلم".
قصدها العلماء وطلاب المعرفة، وتُروى عنها مواقف كثيرة في الزهد والورع، حتى أصبحت مدرسة روحية تفيض بالإيمان واليقين.
دفنت في مصر سنة 208هـ، ولا يزال مسجدها ومقامها شاهدين على مكانتها في قلوب المسلمين.
الصبر واليقين في حياة الصالحين
وأكد الأزهر الشريف عبر موقعة الرسمي أن حياة السيدة نفيسة مثال على قول الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، فقد كانت ترى في الصبر على البلاء طريقًا إلى القرب من الله، وتوقن أن الفرج لا يأتي إلا من عنده، وهو ما جسدته أبياتها المأثورة.
الشعر والزهد.. لغة التعبير الروحي
يرى الباحثون في الأدب الإسلامي أن هذه الأبيات ليست مجرد كلمات موزونة، بل هي ترجمة لتجربة روحية عميقة، تعكس حال أولياء الله الصالحين الذين ذاقوا مرارة البلاء، ووجدوا في الدعاء والذكر ملاذًا، وفي اليقين بالله مخرجًا.
إن كلمات السيدة نفيسة بنت الحسن، وما حملته سيرتها من مواقف صبر ويقين، تظل دعوة متجددة لكل مسلم في مواجهة أزمات الحياة وضغوطها، بأن يثق في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.