تسلل
قبل 15 عامًا تقريبًا، أجريت حوارًا مع النجم حسام غالى عضو مجلس إدارة النادى الأهلى لجريدة كويتية، وكان قد عاد لناديه الأهلى ثانية مع العام 2010 بعد مغادرته فى 2003، وقد شق طريق النجومية والاحتراف الخارجى بثبات، سفيرًا وسائحًا بالملاعب الأوروبية، حيث فينورد الهولندى، وتوتنهام وديربى كاونتى الإنجليزيين، والنصر السعودى، وبات واحدًا من ألمع نجوم الكرة المصرية والعربية والأفريقية.
الحوار تضمن جوانب كروية واجتماعية وخلفية بعيدة عن الكرة، أكد خلاله أن الأسطورة صالح سليم - والذى كان قد رحل عن عالمنا بحوالى 8 سنوات تقريبًا- هو مثله الأعلى، وسيظل أسطورة له ولغيره لشخصيته وكاريزمته، ووضوحه وصراحته، واحترام خصومه له قبل مريديه لما يتمع به من صفات حميدة دون نفاق وتملق أو رغبة فى مناصب.
وقال غالى وقتها، الناس ستتذكر صالح عندما يُنغص عليهم النفاق والمصالح والأخطاء التى تضربنا ضربًا وتُبعدنا عن العالم المتفوق، حيث تسقط الشفافية والمصلحة العامة ويعلو ما هو سلبى ومحبط.
تغيرت لدى غالى طيلة السنوات الماضية أموراً كثيرة لكن ما لم يتغير لديه الشخصية الأسطورية التى وضعها أمامه متمثلة فى «صالح سليم»لما عرفه وما سمعه من الآخرين عنه، وكلما تعرض غالى لمواقف سلبية يظهر طيف المايسترو يزيد من استيائه وآلامه وأحزانه، فالشخصية الكاريزمية الخالدة تبقى دائمًا دستورًا يقلب الباحث فيه عن المدينة الفاضلة، ويستشعر الفوارق بين ما كان والمفترض أن يكون!
تصريحات غالى الأخيرة تكشف أسباب الانفجار والبوح لما كان فى أطر الكتمان بسبب الفردية -على حد قوله- والانفراد بقرارات مصيرية وهى تصريحات عجلت بإعلان رئيس النادى محمود الخطيب عدم رغبته خوض انتخابات النادى المقبلة، بحثًا عن الراحة لمعاناته صحيًا خاصة أنه هجوم غير مسبوق ويكشف أيضًا ما يعانيه غالى وما يُحبطه حين يقول: «العمل داخل الإدارة الحالية صعب وملىء بالمعارك والطعنات.. أنا أقدر أحارب بقوة.. بس هطّلع حاجات سيئة جدًا، هحارب حروب غير شريفة وغير نزيهة...».
تصريحات عنيفة نظر إليها البعض بالخروج عن وحدة الصف وفسرها آخرون بتسويق نفسه مبكرًا لخوض الانتخابات المقبلة.. ومن المؤكد أن غالى خسر كثيرًا بسبب تصريحاته وكان فى الإمكان أن يعمل فى صمت ويختار التوقيت المناسب للكشف عن رؤيته وفكره وبرنامجه بعيدًا عن التجريح المستتر، وجاء رد فعل الخطيب ذكيًا فقلب الطاولة على غالى.
والسؤال من المخطئ فى هذه الأزمة غالى أم المجلس، وهل المجلس كله خطأ وغالى هو الصح؟ وهل هذه الأخطاء حجمت وصول قطار الأهلى لمحطات أكبر وأفضل؟
تذكرت فى طرح هذه الأزمة الشائكة رؤية الفيلسوف والاقتصادى البريطانى «جون ستوارت ميل» إذ يقول فى هذا الشأن: البشر لو اجتمعوا على رأى، وخالفهم واحد فقط، ليس من حقهم اسكاته كما لا يجوز لهذا الفرد إسكاتهــم ولـو يملك القوة والسلطة.. اسكات صوت اسكات للحقيقة، والرأى الخاطئ قد يحمل الحقيقة الكامنة، والرأى المجمع عليه لا يمكن قبوله على أسس عقلية إلا إذا دخل محك التجربة والاختبار، وهذا الرأي، المجمع عليه، إذا لم يواجه تحديًا من وقت لآخر يفقد أهميته وتأثيره.