فى الصميم
انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة فى الدوحة لم يكن مجرد اجتماع بروتوكولى، بل جاء فى لحظة مشتعلة يترقبها العالم، حيث غزة تحت النار، كما تعرضت قطر لهجات الاحتلال، والشعوب العربية والإسلامية تغلى من الغضب، متطلعة إلى موقف يليق بعمق الجرح الفلسطينى وبحجم التحديات التى تواجهها المنطقة العربية وتقف خلفها إسرائيل بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى لبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان.
السؤال الجوهرى الذى يطرح نفسه: هل ستكون قمة الدوحة عند مستوى تطلعات الشعوب من المحيط إلى الخليج؟ وهل ستترجم الغضب الشعبى العارم إلى قرارات عملية توقف نزيف التطبيع وتعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الصراع مع الاحتلال؟
القمة مطالبة اليوم بخطوات ملموسة على أربعة مسارات محورية:
1. المسار الدبلوماسى:
تشكيل جبهة عربية إسلامية موحدة فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لا تكتفى بالشجب، بل تسعى لفرض عقوبات على إسرائيل، والدفع نحو اعتراف عالمى أوسع بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
2. المسار الاقتصادى:
وقف أى تعاون تجارى أو استثمارى مع الاحتلال، وتفعيل سلاح المقاطعة الذى أثبت نجاحه تاريخيًا، مقابل إطلاق صندوق عربى–إسلامى لدعم غزة وإعادة إعمارها بما يعزز صمودها فى وجه العدوان.
3. المسار السياسى الداخلى:
دعم جهود المصالحة الفلسطينية الشاملة، والضغط على الفصائل لتجاوز الانقسام الذى يخدم العدو وحده، والتوافق على مشروع وطنى جامع يعبر عن الإرادة الشعبية.
4. المسار الاستراتيجى:
إيقاف قطار التطبيع الذى مثّل طعنة فى ظهر القضية، والتأكيد أن أى علاقة مع الكيان المحتل هى خيانة لدماء الشهداء. كما أن الوقت قد حان لإحياء مشروع القوة العربية الإسلامية المشتركة كأداة ردع تحمى الأمن القومى.
رسالة إلى القادة
أيها القادة المجتمعون فى الدوحة، إن التاريخ يسجل ولا يرحم، والشعوب تراقب بعيون مفتوحة وقلوب مشتعلة.
لقد آن الأوان أن تنتصروا لضمائركم قبل كراسيكم، وأن تجعلوا من قمتكم هذه محطة تحول حقيقية لا مجرد لقاء عابر.
إن غزة ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل قضية الأمة كلها، ومصيرها سيحدد مصيرنا جميعًا.
فلا تكتفوا بالكلمات، ولا تتركوا مكانًا للمناورة، فالتاريخ سيذكركم إما كقادة صنعوا قرارًا أعاد للأمة كرامتها، أو كمن فرّطوا فى آخر معاقلها.
إن قمة الدوحة اليوم ليست اختبارًا للحكومات فقط، بل اختبار لمدى احترامها لمشاعر الملايين من شعوبها.
فإما أن تكون منعطفًا تاريخيًا يعيد الثقة بين الأمة وقياداتها، أو أن تتحول إلى بيان جديد يضاف إلى أرشيف البيانات الفارغة.
لقد آن أوان الانتقال من الأقوال إلى الأفعال، ومن المواقف الرمزية إلى القرارات الجريئة، لأن غزة اليوم ليست معركة حدود، بل معركة وجود وهوية للأمة كلها.