مقاطع "البلوجر" غير الأخلاقية.. الإفتاء تُحذِّر: إشاعة الفاحشة جريمة شرعًا وقانونًا

مع الانتشار الكبير لمحتوى مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر من وقت لأخر بعض الأشخاص ممن يُطلق عليهم «بلوجر»، يعمدون إلى نشر مقاطع فيديو تحتوي على ألفاظ وحركات خادشة للحياء، بحجّة الترفيه وجذب المشاهدات وتحقيق الأرباح السريعة.
هذا السلوك أثار جدلًا واسعًا في المجتمع المصري، ودفع دار الإفتاء المصرية إلى التدخل بفتوى شرعية واضحة تحسم الجدل، وتكشف خطورة هذه الأفعال من منظور ديني وأخلاقي وقانوني.
التكنولوجيا.. نعمة إذا انضبطت بالقيم
أكّدت دار الإفتاء أن الإسلام لم يقف ضد التطور التكنولوجي، بل شجع على الاستفادة من وسائل العلم والمعرفة الحديثة، شرط أن تظل هذه الاستفادة منضبطة بقيم الشريعة الإسلامية.
فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين؛ يمكن أن تكون وسيلة بناء ونهوض، كما يمكن أن تتحول إلى أداة هدم إذا استُغِلَّت في نشر الفساد أو التلصص أو بث ما يهدد قيم المجتمع وأمنه الأخلاقي.
خطورة مقاطع البلوجر غير الأخلاقية
أوضحت الفتوى أن بعض صُنّاع المحتوى على المنصات الرقمية يقدمون مقاطع خارجة على قيم وآداب المجتمع، بغرض رفع نسب المشاهدات والحصول على مكاسب مادية.
واعتبرت دار الإفتاء هذا السلوك محرمًا شرعًا ومجرّمًا قانونًا، لأنه يندرج تحت باب إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وهو فعل توعّد الله فاعليه بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، كما جاء في قوله تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ [النور: 19].
الدار شبَّهت تلك المقاطع المبتذلة بالمخدرات؛ فكلاهما يُنتج حالة من الإدمان والاندفاع نحو مزيد من الاستهلاك، مع آثار مدمرة على الفرد والأسرة والمجتمع.
التحذير من المشاركة في النشر
لم تقف الفتوى عند حدود صانع المحتوى، بل شددت على أن مشاركة أو إعادة نشر هذه المقاطع جريمة شرعية أيضًا، لأن ناشر الفاحشة كالذي ابتدأها سواء بسواء، استنادًا لحديث سيدنا علي رضي الله عنه: «القائل الفاحشة والذي يشيع بها في الإثم سواء».
كما أكدت الفتوى أن الإسلام حثّ على الستر لا الفضح، فقال النبي ﷺ: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» (رواه مسلم).
الواجب على من ابتُلي بمعصية
بيّنت دار الإفتاء أن من ارتكب معصية أو فعلًا غير أخلاقي، فعليه أن يبادر بالتوبة والإنابة إلى الله، وألا يُجاهر بذنبه أو يُخبر به أحدًا. فقد قال رسول الله ﷺ: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ» (الموطأ). فالمجاهرة بالمعاصي أو كشف ستر الله عن النفس والآخرين مخالفة صريحة لأوامر الشرع، وتُؤدي إلى فضيحة وعقوبة في الدنيا والآخرة.
القانون المصري يواجه الجرائم الإلكترونية
إلى جانب الموقف الشرعي، أكدت دار الإفتاء أن القانون المصري بدوره يجرّم نشر أي محتوى غير أخلاقي أو مضلل على الإنترنت.
فقد نص القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات على عقوبات مشددة تشمل الحبس والغرامة لكل من ينشر صورًا أو مقاطع تُسيء للآداب العامة أو تنتهك خصوصية الأفراد .
وتصل العقوبات إلى السجن خمس سنوات وغرامة تصل إلى 300 ألف جنيه إذا استُخدمت التقنية لربط بيانات شخص بمحتوى منافٍ للآداب أو يمسّ اعتباره وكرامته .
دعوة لحماية الأبناء وبناء وعي المجتمع
في ختام فتواها، شددت دار الإفتاء على مسؤولية الأسرة في حماية الأبناء من الانسياق وراء هذا المحتوى الذي يتخفى تحت ستار الترفيه بينما يروّج للفاحشة والانحراف. ودعت الآباء والأمهات إلى توجيه أبنائهم نحو بدائل ترفيهية هادفة، تعزز القيم الدينية والأخلاقية، وتبني وعيًا سليمًا.