العزف على الآلات الموسيقية يعزز وظائف الدماغ مدى الحياة

توصلت دراسة علمية جديدة إلى أن تعلم العزف على آلة موسيقية لا يُعد مجرد هواية بل يمكن أن يشكل حماية حقيقية ضد التدهور المعرفي المرتبط بتقدم العمر وتشير نتائج الدراسة إلى أن السنوات التي يقضيها الإنسان في التدريب الموسيقي تساهم في بناء احتياطي معرفي يدعم الدماغ ويقلل من تأثير الشيخوخة عليه.
وأجرى الدراسة باحثون من كندا والصين ونُشرت في مجلة PLOS Biology وأوضحت أن كبار السن الذين مارسوا العزف على آلة موسيقية لأكثر من ثلاثة عقود كانوا أكثر قدرة على فهم الكلام في البيئات المزدحمة مقارنة بأقرانهم الذين لم يمارسوا الموسيقى من قبل.
نشاط دماغي يشبه الشباب
أظهرت صور الرنين المغناطيسي أن أدمغة الموسيقيين من كبار السن تعمل بكفاءة أعلى وتستخدم طاقة أقل للتركيز على الأصوات مقارنة بأدمغة غير الموسيقيين الذين يظهر لديهم نشاط زائد في مناطق سمعية لمحاولة تعويض التراجع المرتبط بالعمر.
ويرى الباحثون أن هذا النمط من النشاط الدماغي لدى الموسيقيين يشبه ما يظهر لدى البالغين الأصغر سنًا كما تم تسجيل نشاط أعلى في التلفيف المركزي الأيسر وهو الجزء المسؤول عن الحركة والتخطيط لها والذي يساعد في التحكم في استخدام اليد اليمنى.
لا وقت متأخر للبدء
شارك في الدراسة خمسة وعشرون موسيقيًا من كبار السن بمتوسط عمر بلغ خمسة وستين عامًا إلى جانب مجموعة مماثلة من غير الموسيقيين إضافة إلى مجموعة من الشباب غير الموسيقيين وقد تم تقييم قدراتهم على تمييز المقاطع الصوتية في بيئات مختلفة من حيث شدة الضوضاء.
أثبتت النتائج أن الموسيقيين الأكبر سنًا كانوا أكثر دقة في تحديد الكلمات حتى في مستويات الضوضاء العالية وظهر أنهم يحتفظون بوظائف معرفية أفضل من غيرهم من كبار السن الذين لم يتعلموا العزف مطلقًا.
أمل جديد في مكافحة الخرف
أوضح الباحثون أن هذا التحسن لا يرجع إلى الموهبة الموسيقية بل إلى الاستمرارية في ممارسة العزف حتى بمعدل اثنتي عشرة ساعة أسبوعيًا مؤكدين أن النتائج قد تمهد الطريق لاستخدام التدريب الموسيقي كوسيلة وقائية لتعزيز صحة الدماغ وتقليل خطر الإصابة بالخرف.
وفي دراسة موازية أجريت في اليابان دعمت نتائجها نفس الاتجاه حيث تبين أن كبار السن الذين بدأوا تعلم الموسيقى في السبعينيات من أعمارهم حققوا تحسنًا ملحوظًا في اختبارات الذاكرة اللفظية خلال أربع سنوات.
يشير هذا كله إلى أن بناء احتياطي معرفي من خلال التدريب الموسيقي ليس حكرًا على الشباب بل يمكن أن يبدأ في أي مرحلة من العمر ويؤتي ثماره في دعم الصحة العقلية ومقاومة آثار الزمن.