لعل وعسى
تناولنا فى المقال السابق أن فكرة تحويل مصنع الحديد والصلب إلى مصنع للغزل والنسيج تحمل تداعيات اقتصادية وبيئية واجتماعية مهمة، وأن تحويل مصنع فى قطاع أساسى مثل الحديد والصلب إلى قطاع استهلاكى مثل الغزل والنسيج يعنى تغييرًا جذريًا فى سلسلة التوريد ومتطلبات المواد الخام والمنتجات النهائية. وأن هذا الطرح يعكس توجه الحكومة نحو إعادة هيكلة الخريطة الصناعية فى مصر بما يتماشى مع الأولويات الاقتصادية، ويعزز مكانة البلاد كمركز إقليمى فى الصناعات التحويلية والتصديرية. وخاصة أن مصر تسعى إلى زيادة الصادرات الأمر الذى سينعكس حتمًا على تصحيح أوضاع عمليات التبادل التجارى، كذلك زيادة الإنتاجية من خلال تخصص الدولة فى إنتاج السلع والخدمات. مع عدم إغفال أنه عند حدوث التجارة بين دولتين، فإن السؤال المطروح يكون عن نسب المبادلة بحيث كلما نقصت الكمية من السلعة التى يتم تصديرها مقابل ما نحصل عليه من السلع المستوردة، كان النفع من التجارة يميل لصالح الدولة المصدرة، فعلى سبيل المثال نجد أن مشاركة مصر فى قمة منظمة شنغهاى للتعاون بلس التى تستضيفها مدينة تيانجين الصينية الوزراء، طالبت فيها مصر على أهمية القيام بإصلاح جذرى فى الهيكل المالى العالمى ومؤسسات التمويل الدولية، والتى حادت عن تحقيق أهدافها التنموية التى قامت من أجلها، لذلك تمت الدعوة إلى ضرورة تطوير سياسات بنوك التنمية متعددة الأطراف وتوفير التمويل الميسر للدول النامية لدعمها فى مواجهة تداعيات الأزمات الدولية، إلى جانب ضرورة إيجاد حلول مستدامة لقضية الديون تلك القضية التى تعصف بالمقدرات التنموية لأى دولة، لذا فإن بناء الشركات الاقتصادية والتجارية والإستراتيجية مع التجمعات الكبرى هو نهج إيجابى يعظم مصالح مصر خاصه الاقتصادية، ويعطى الأمل فى أن عجلة التنمية والتقدم بالداخل سوف تكون انعكاسًا لتوظيف علاقات مصر مع القوى الكبرى للإستفادة من المزايا النسبية التى تتمتع بها إقتصادات تلك الدول، ولكن ما يجب أن ننتبه إليه أنه إذا كان حجم التبادل التجارى بين مصر والصين قد سجل ارتفاعًا ملحوظا خلال الفترات الماضية، حيث وصل فى عام 2024 إلى ما يقرب من 17.37 مليار دولار، مقارنة بـ15.78 مليار دولار فى عام 2023، بنسبة نمو تقدر بـ10%، ما يعكس تنامى حجم التفاعل الاقتصادى بين البلدين، إلا أن التبادل التجارى بين البلدين لا يتمتع لا بالتنافسية المنشودة، ولا بالتوازن العادل، فالتبادل التجارى فى صالح الصين لأن مصر تستورد منها بواقع أكثر من 95% من حجم التعاملات. وقد تكون محاولة الصين رفع العملة المحلية الخاصة بها عبر التعامل بعملتها المحلية فى التبادل التجارى لتخفيف الضغط على الدولار، فى صالح الإقتصاد الوطنى لانه سيسهم فى زيادة التبادل التجارى بين مصر والصين مع زيادة الصادرات المصرية بشكل أكبر وهى مستهدفات عام 2027 بتحقيق صادرات سلعية غير بترولية تتجاوز 70 مليار دولار، لذا فإننا نرى أن تحديث الأنشطة التصديرية المستهدفة ومراجعة الفجوة التصديرية بعد كل تغيير فى سعر صرف الدولار، وإعادة هيكلة منظومة دعم الصادرات أمر مهم جدًا ويرتبط معه ضرورة إعداد جيل جديد من المصدرين المؤهلين للنفاذ للأسواق العالمية وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، نتبنى معها آليات جديدة ومستحدثة للتوسع فى وجود المنتجات المصرية بالخارج، بما يعزز نفاذ الصادرات المصرية إلى العالم.
رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام