"الوفد تكشف أسرار شواطئ الموت في الإسكندرية: بين إهمال الرقابة وغياب الوعي

من شواطئ العجمي غرب الإسكندرية وحتى قرى الساحل الشمالي، تحولت المصايف التي يقصدها آلاف المواطنين للهرب من حرارة الصيف إلى “مصائد موت” تبتلع أرواح الشباب والأطفال كل عام.
تيارات مائية جارفة، غياب للرقابة، ضعف إمكانيات فرق الإنقاذ، ومشهد مأساوي يتكرر وسط صرخات استغاثة لا تجد من ينقذها.
تحذيرات تتجاهلها الجماهير
القطاع الغربي والعجمي سجلا النسبة الأكبر من حالات الغرق، خاصة في الشواطئ المفتوحة التي تفتقر للحواجز الصخرية.
تتميز هذه المناطق بتيارات مائية شديدة تعرف بـ"الدوامات"، ما يجعل السباحة فيها خطيرة حتى للمتمرسين.
ورغم رفع الرايات الحمراء مرارًا، يتجاهل كثير من المصطافين التحذيرات، فتتحول أيام المصيف إلى كوارث مأساوية.
شواطئ ساحرة… وخطر مميت
العجمي والساحل الشمالي يجذبان الآلاف سنويًا بفضل طبيعة رمالهما البيضاء ومياه البحر الصافية، إلا أن هذا الجمال يخفي وجهًا قاتلًا.
شاطئ أبو تلات: أخطر شواطئ الإسكندرية لقربه من مصب النيل، ما يخلق تيارات دائمة.
منطقة “المقبرة” بالهانوفيل: نزول البحر فيها مغامرة قاتلة بسبب قوة التيارات.
الساحل الشمالي: شهد حادث غرق مدير التصوير الراحل تيمور تيمور أثناء محاولته إنقاذ ابنه، ما كشف غياب خطط الإنقاذ رغم التحذيرات.
يروي المصطاف منعم السيد:“أخبار الغرق أصبحت يومية وكأنها أمر طبيعي. التحذيرات لا تجد من يلتزم بها، وحوادث انتشال الجثث وسط صرخات الأهالي أصبحت مشهدًا معتادًا.”
حادث تيمور لم يكن استثناءً، بل هو صورة مكررة لمأساة تعيشها شواطئ الإسكندرية كل صيف وسط غياب التدابير الوقائية.
فرق إنقاذ محدودة العدد وغير مدربة على الإسعافات الأولية والإنعاش القلبي الرئوي.
نقص نقاط الإسعاف يجعل مصير الغريق مجهولًا حتى بعد إنقاذه، خاصة مع خطر "الموت الجاف".
غياب المعدات: سترات نجاة، قوارب إنقاذ، وأجهزة أكسجين شبه معدومة.
الدكتور رأفت حمزة، أستاذ بكلية التربية الرياضية، يكشف: 98% من الغرقى شباب بين 15 و25 عامًا.
2% من الأطفال والنساء.
معظم الحوادث تقع خارج مواعيد العمل الرسمية للشواطئ.
مستأجرو الشواطئ يفتحونها خارج الأوقات الرسمية لتحقيق أرباح.
شواطئ بلا أمان
الناشط الحقوقي أحمد سلامة يصف الوضع:ما يحدث ليس مجرد حوادث غرق عادية، بل جريمة إهمال، هناك تقصير واضح في توفير فرق إنقاذ مدربة، ونقص في خدمات الإسعاف، مع غياب أي محاسبة.
ويضيف: غلق الشواطئ بعد الكارثة حل وهمي، المطلوب إدارة حكيمة ومحاسبة فعلية.
كارثة متوقعة وليست مفاجئة
خبراء سلامة الشواطئ يؤكدون أن هذه الكوارث متوقعة:
غياب تخطيط استراتيجي للشواطئ.
تحصيل رسوم دخول دون تطوير للخدمات.
ضعف الرقابة على الأحياء وفرق الإنقاذ.
ويشيرون إلى ضرورة:
زيادة عدد المنقذين.
توفير قوارب تدخل سريع.
إنشاء نقاط إسعاف ميدانية.
وضع لافتات تحذيرية واضحة.
أرواح تُزهق كل صيف
تحولت شواطئ الإسكندرية والساحل الشمالي إلى مقابر صيفية، بينما الاكتفاء بغلق الشواطئ بعد الكوارث يعكس سياسة هروب من المسؤولية، الحل يبدأ بخطة شاملة لتأمين الشواطئ وتدريب المنقذين، مع محاسبة المقصرين.
فهل تتحرك الدولة قبل أن تتحول “عروس البحر” إلى “مدينة الموت”؟