رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

مظاهر حماية ورعاية البيئة والأرض في الإسلام

مظاهر حماية ورعاية
مظاهر حماية ورعاية البيئة

البيئة.. اهتمَّ الإسلام بأمور البيئة اهتمامًا كبيرًا، ووضع من التشريعات والقواعد ما يَضْمَن سلامتها وتوازنها واستقرارها والحفاظ على جميع مكوناتها، من ماءٍ وهواءٍ وأرضٍ وحيوانٍ ونباتٍ وجماد، فأَمَر بعمارة الأرض وإصلاحها، فقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: 61]، وقال تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60].

 

 مظاهر حماية ورعاية البيئة في الإسلام:

ونهى سبحانه عن الإفساد في الأرض، وأَمَر بالمحافظة عليها مِن كل ما يُؤثِّر عليها إفسادًا وتلوثًا ويُعرِّضها للضرر أو الإتلاف، فقال تعالى في شأن المنافقين: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: 205]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 85].

وقد كان للإسلام السَّبْق في حماية البيئة ورعايتها والمحافظة عليها منذ اللحظة الأُولَى للتشريع، وذلك بوضع التشريعات والأحكام التي تَضمَن وجود بيئةٍ نظيفةٍ سليمةٍ كما خَلَقها الله تعالى، والمحافظة على مكوناتها، وحماية عناصر الحياة فيها.


 مظاهر حماية الإسلام للبيئة:

أوَّلًا: حماية الماء: فللماء في الإسلام عناية فائقة، تَحدَّث عنه القرآن الكريم في مواضع كثيرة، بما يفيد أنَّه قوام الحياة الذي يجب الحفاظ عليه، فهو أصل كلِّ كائن حيٍّ، وبدونه لا عيش لإنسان أو حيوان أو نبات، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: 30]، فبه يُسْقَى الزَّرْع، ومنه يَشْرَب الإنسان والحيوان، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ [النحل: 10]، وقال أيضًا: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ﴾ [السجدة: 27].

ولهذه الأهمية دعا الإسلام إلى المحافظة على الماء، فنهى عن الإسراف في استعماله، ولو كان للعبادة كالوضوء أو الغُسْل، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بسعدٍ وهو يتوضَّأ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟» قَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ» رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "السنن".

كما نَهَى عن تلويث الماء؛ لأنَّ الماء إذا تلوَّث أصاب الإنسان والحيوان بأضرار جسمية، مثل تفشِّي الأمراض والأوبئة، فضلًا عن الأضرار الاقتصادية؛ مثل التأثير على الثروة السمكية، إلى غير ذلك.

ولهذه الأضرار وغيرها حذَّر الإسلام مِن تلويث الماء بجميع أشكاله، فنهى صلى الله عليه وآله وسلم أن يُبال في الماء الراكد، والعلَّة في ذلك: حمايتُه من أن يكون موطنًا للأمراض والأوبئة، وهذه العلة تَحدُث عند إلقاء الـمُخلَّفات -كالقمامة والحيوانات النافقة، ونفايات الصناعة إلى نحو ذلك- في المياه التي يَسقِي منها الناس زَرعَهم وبهائمهم.

البيئة
ثانيًا: حماية الهواء؛ فالإسلام اعتبر أنَّ المحافظة على الهواء نقيًّا جزءٌ لا يتجزأ من المحافظة على الحياة نفسها، التي هي مقصد ضروري من مقاصد الشريعة، فهو مكوِّنٌ لا يقلُّ أهمية عن مكوِّن الماء، حيث إنَّه لا يمكن الاستغناء عنه، فهو أمر لازم لكل كائن حي إنسانًا كان أو حيوانًا أو نباتًا، فدعا إلى تشجير الأرض وزراعتها، ونهى عن تقطيع الأشجار لغير ضرورةٍ؛ لدورها في خلق توازن غازات الجو، من ذلك ما رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».

كما نهى الشرع الكريم عن تقطيع الأشجار لغير حاجة؛ لما له تأثير على جمال البيئة من جهة، ومن جهة أخرى حرمان الإنسان والحيوان من الاستفادة منها، إضافة لدورها في تلطيف الهواء والمناخ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَقْطَعُوا الشَّجَرَ، فَإِنَّهُ عِصْمَةٌ لِلْمَوَاشِي فِي الْجَدْبِ» رواه عبد الرزاق في "مصنفه".

ثالثًا: حماية الأرض؛ فقد أكَّد الإسلام ضرورة العناية بالأرض، واستصلاحها، ونهى عن الإفساد فيها في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 56].

ومن أوجه محافظة الإسلام على الأرض كونها أحد مكونات البيئة: النهي عن التَّخلِّي وقضاء الحاجة في الطرقات وأماكن جلوس الناس، كالظلِّ ونحوه، فروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ».

وكذا مِن أوجه المحافظة على الأرض: تحديد أماكن لقضاء الحاجة والتَّبوُّل، فروى أبو داود في "سننه" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا».

كما نهى عن إلقاء النفايات والقاذورات في الطرقات وأماكن جلوس الناس؛ للحديث السابق، وللاشتراك في نفس علة الحكم وهي إيذاء المارة وإلحاق الضرر والنجاسات بهم.

حماية البيئة 

وحَثَّ الإسلام على إزالة النفايات والقاذورات من الأرض في الطرقات وأماكن جلوس الناس، فروى مسلم في "صحيحه" عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ».

وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».