رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

 

قضية مجمع الحديد والصلب ليست مجرد ملف صناعي أو قرار اقتصادي، بل هي مرآة تعكس تداخل المصالح، غياب الشفافية، وضعف دور المؤسسات السياسية في الرقابة على قرارات الحكومة. القضية ـ كما تكشف الوقائع ـ تتجاوز حدود المصنع لتصل إلى جوهر أمن مصر الصناعي والاقتصادي.

القيمة الصناعية للمجمع

مجمع الحديد والصلب لم يكن مصنعاً عادياً، بل صرحاً استراتيجياً بُني بأحدث تكنولوجيا عصره على يد شركة "ديماج" الألمانية ويتميز عن جميع مصانع الحديد في مصر بعدة نقاط جوهرية:

* تنوع الإنتاج: أكثر من 50 منتجا صناعيا، منها ألواح الصلب، كمرات الكباري، قضبان السكك الحديد، سلاسل المراكب، والأنابيب الصناعية. والتي يتم استيراد معظم تلك المنتجات بواسطة مصانع القطاع الخاص رغم اشتراط إنتاجها في سجلاتها الصناعية لعدم إحكام الرقابه الجمركية على تلك المصانع محققة أرباح على حساب التصنيع الحقيقي التي تنشده الدوله وعلى حساب زيادة فاتورة الواردات بعكس مصنع القطاع العام!

* الاعتماد على خام محلي: المصنع يستخدم خام الحديد من محاجر الواحات، ما يجعله أقل تأثراً بتقلبات السوق العالمية. بعكس مصانع القطاع الخاص المتكامله والتي تستورد البليت وهي الماده الخام بكميات كبيره لتبيعه في السوق المحلى لمصانع الدرفلة محققة مكاسب كبيرة مخالفة بذلك اشتراطات سجلاتها الصناعية في حين أن مصنع القطاع العام لايقوم بتلك الممارسات التي تزيد من فاتورة الواردات أين المقارنة المنصفة؟!!

* كوادر بشرية عالية الكفاءة: أكثر من 4000 عامل وفني ومهندس، كثير منهم قادة مصانع القطاع الخاص في مصر والخليج.

* أهمية استراتيجية: منتجاته تدخل في مشاريع البنية التحتية الكبرى، وخاصة الكباري وخطوط السكك الحديدية.

قرار التصفية: مبررات رسمية مثيرة للجدل

القرار الرسمي استند إلى أن المصنع "خاسر ولا يمكن تطويره"، لكن الوقائع تكشف ما يلي:

* إلغاء مناقصة تطوير عالمية كانت قيد الدراسة.

* رفض مقترحات تطوير جزئي لخطوط إنتاج مربحة (مثل حديد التسليح).

* بيع منتجات استراتيجية بسعر التكلفة دون هامش ربح.

* تضييق مالي عبر رفع أسعار الفحم، الكهرباء، والمياه بشكل مبالغ فيه.

* تعطيل الإنتاج عبر قرارات بيئية متكررة بالإغلاق.

أبعاد القرار

* اقتصادية: بيع أصول ومعدات المصنع كخردة بمبلغ 230 مليون جنيه، رغم أن قيمتها الفعلية أكبر بكثير.

* صناعية: خسارة مصنع فريد يعتمد على خام محلي، ما يضع السوق تحت رحمة الاستيراد أو احتكار القطاع الخاص.

* اجتماعية: تشريد آلاف العمال أصحاب الخبرة، وتسرب الكفاءات للخارج.

* أمن قومي: ضرب صناعة الحديد الوطنية لصالح كيانات محدودة.

دور السياسة الغائب

في ظل حكومة غير سياسية، تصبح مهمة الرقابة والمساءلة على الأداء التنفيذي مسؤولية الأحزاب. لكن ضعف الأحزاب أو غياب إرادتها جعل قرارات استراتيجية كهذه تمر دون ضغط سياسي حقيقي أو لجان تقصي حقائق مستقلة.

الحقيقة الغائبة

إذا كانت المبررات الرسمية صحيحة، فلماذا لم تُعرض الدراسات المستقلة للرأي العام؟ ولماذا تم تعطيل خطط التطوير الجزئي التي كانت قادرة على سداد ديون المصنع؟ ولماذا البيع بسعر زهيد لشركات منافسة بدلاً من تعظيم القيمة من خلال إعادة تشغيل الأصول
ملف مجمع الحديد والصلب ليس مجرد "قضية مصنع"، بل درس مرير في غياب الشفافية، وتداخل المصالح، وضرورة تفعيل دور الأحزاب والبرلمان في حماية الثروات الوطنية.
إن التحقيق المستقل، واللقاء المباشر مع مهندسي وعمال المصنع دون ضغوط، هو الطريق الوحيد لمعرفة أين تقف الحقيقة… وأين يقف الفساد؟