رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

قنبة موقوتة.. الوفد تفتح ملف العقارات الآيلة للسقوط بالإسكندرية

العقارات الايلة للسقوط
العقارات الايلة للسقوط تهدد ارواح المواطنين بالاسكندرية

تعد أزمة العقارات الآيلة للسقوط بمحافظة الإسكندرية إحدى المشكلات المزمنة التي تمثل قنبلة موقوتة تهدد حياة قاطنيها وعاد هذا الملف ليتصدر الساحة مرة أخرى، بعد أن كشفت الاحصائيات أكثر من 7500 عقار آيل للسقوط معظمها مأهول بالسكان، تهدد أرواح قاطنيها والمارة فى نفس الوقت، ما يؤكد حجم خطورة الموقف.

كشف  التحليل الجغرافي للمناطق الأكثر تعرضًا لانهيار العقارات في محافظة الإسكندرية،  خلال الفترة الزمنية المذكورة، أن حي الجمرك هو أكثر الأحياء تعرضًا للانهيارات، بما في ذلك انهيارات جزئية وكاملة، وسقوط شرفات في عدة مناسبات، إذ سجّل 15 حادثًا انهيارات جزئية وكاملة، سقوط شرفات، سقوط أجزاء من شرفات، وكانت العقارات المنهارة قديمة ومتهالكة، بعضها غير مرخص أو صدر له قرار ترميم، وفي المرتبة الثانية جاء حي كرموز مُسجلًا 5 حوادث تنوعت بين الانهيار كامل، وسقوط شرفات عقارات قديمة بعضها صدر له قرارات إزالة، وحلّ حي الورديان ثالثًا، إذ سجّل 4 حوادث شملت انهيار كامل، سقوط شرفات عقارات قديمة.

وجاء رابعًا وسط الإسكندرية، الذي شهد 4 حوادث انهيار جزئي وكامل، سقوط شرفات عقارات قديمة بعضها صدرت له قرارات ترميم، ثم حي شرق الإسكندرية مُسجلًا 3 حوادث لانهيار جزئي وكامل لعقارات قديمة، وكان كلٍ من حي سيدي بشر وحي باكوس، في المركز السادس، إذ سجل كلاً منهما حادثي انهيار كامل لعقارين قديمين، صدر قرار إزالة جزئية لأحدهما، في حين وقعت حوادث متفرقة في أحياء: (الإبراهيمية، السيوف، بحري، العصافرة، المنتزه ثان)، وكانت غالبيتها عقارات قديمة.

يتضح تكرار الحوادث جزئياً وكليًا، بشكل لافت، في الجمرك بسبب العقارات القديمة غير المرخصة أو التي صدرت لها قرارات إزالة أو ترميم، وفي كرموز والورديان، كانت الحوادث أكثر خطورة وشملت انهيارات كاملة، تعكس الإهمال وعدم تفعيل قرارات الإزالة أو الترميم، كما تكرر حدوث انهيارات جزئية بشكل ملحوظ في الجمرك والإبراهيمية وسيدي بشر، أما الانهيارات الكلية للعقارات فكانت الأكثر فتكًا من حيث الأضرار البشرية، وخاصة في سيدي بشر، الورديان، وكرموز، إذ تسببت في وفيات وإصابات.

ومن خلال تتبع الحوادث خلال الفترة من يناير 2023 وحتى  مايو 2025) تبين 43  حالة انهيار لعقارات سكنية في محافظة الإسكندرية، تنوعت بين انهيار جزئي: 20 حالة (46.5%)، وانهيار كامل: 18 حالة (41.9%) وسقوط شرفة عقار: 5 حالات (11.6%)، وبلغ إجمالي عدد وفيات ضحايا تلك الحوادث 32 حالة وفاة، في حين بلغ عدد المصابين في تلك الحوادث 37 مصابًا.

وكشف إحدى الدراسات التى نشرتها جامعة جنوب كاليفورنيا الأمريكية  إن انهيارات المباني في مدينة الإسكندرية المصرية كانت نادرة لكنها تسارعت من انهيار واحد سنويًا تقريبًا إلى 40 انهيارًا سنويًا على مدار العقد الماضي، مع ارتفاع مستويات سطح البحر وتسرب المياه تحت أساسات المدينة، وان هذا الإرتفاع يؤدي إلى تآكل أساسات المباني خاصة في المناطق المنخفضة ويزيد من تسرب المياه المالحة إلى طبقات المياه الجوفية بالإضافة إلى ذلك يساهم التوسع العمراني غير المدروس واختلال توازن الرواسب في تفاقم المشكلة مما يعجل بانهيار المباني.

"الوفد" تفتح ملف العقارات القديمة المتهالكة والآيلة للسقوط وأكد أكاديميون وخبراء ونواب أن العقارات القديمة والمهددة بالانهيار فى الإسكندرية قضية بالغة الأهمية والخطورة معًا، ما يتطلب إعداد دراسات علمية وافية مستفيضة للتعامل مع الملف من كافة الجوانب، بشكل يراعى مصلحة كافة الأطراف والجهات من محافظة وأحياء ومواطنين ومرافق وغيره، من أجل الوصول إلى حلول عاجلة وعادلة تلبي احتياجات الجميع، وتعمل على حماية الأرواح، والجانب التاريخي التراثي للعقارات، خاصة وأن معظمها يقع في أحياء عتيقة وقديمة مثل بحري والجمرك، وتتميز بالنسق المعماري والإنشائي والتاريخي للمدينة الساحلية.

" العقارات المائلة "

قال إسلام محمد مهندس استشارى 

باتت العقارات القديمة والآيلة للسقوط في أحياء الإسكندرية العتيقة، وخاصة الجمرك ومينا البصل وبحري ووسط، قنبلة موقوتة، وأزمة طاحنة تهدد حياة الآلاف من المواطنين القاطنين بها مما تسبب أن مدينة "العقارات المائلة"، لقب جديد  للاسكندرية بسبب  انتشار ظاهرة الأبراج السكنية المخالفة والآيلة للسقوط وتربعها على عرش قائمة أكثر المحافظات فس البناء المخالف دون منافس، لا سيما مع تكرار حوادث الانهيارات المستمرة خلال العقود الأخيرة التى راح على أثرها الكثير من الضحايا دون ذنب، وأكد أن تلك الظاهرة تتفاقم وتزداد يومًا بعد يوم، كما أن هناك مناطق بالأحياء القديمة تحتوي على منازل يعود عمر البعض منها إلى أكثر من 50 إلى 100 عام، وهي الآن مهددة للسقوط معظمها مأهول بالسكان، تهدد أرواح قاطنيها والمارة في نفس الوقت، ما يؤكد حجم خطورة الموقف، وأسباب كثيرة وراء تفشي تلك الظاهرة داخل الإسكندرية، لكن يبقى السؤال إلى متى تظل هذه الأزمة باقية وتشوه المشهد الحضارى لمدينة ثقافية هامة تملك مقومات سياحية لامثيل لها؟

لذلك نطالب تدخلًا عاجلًا ومدروسًا من قبل المحافظة للتعامل مع هذا الملف الشائك، الذى يمثل خطورة داهمة على أرواح ساكني العقارات القديمة والمهددة بالانهيارات في أي لحظة على رؤوس من فيها. 

" فساد المحليات "

قال المهندس عمرو السيد مهندس معماري 

إن السبب الرئيسي في تهديد بعض عقارات محافظة الإسكندرية يرجع إلى البناء المخالف والعشوائي بدون ترخيص والذي يمثل ضغطًا على مرافق المدينة والبنية التحتية، إضافة إلى وجود حالة من تكدس المنشآت وتكثيف المباني بالقرب من شواطئ المحافظة الساحلية، تفتقد لمعايير الجودة والسلامة العالية حيث تقل مساحة الشاطئ، بسبب تعدي المباني على خط الساحل مثل: بناء المطاعم و”الكافيهات” والفنادق والتي مثلت تحميلًا آخر على أساسات المدينة وشواطئها ومبانيها، الأمر الذي يؤثر في إخلال النظام البيئي المائي وتهديد الأحياء البحرية، نتيجة لارتفاع نسبة التلوث نتيجة انتشار الغازات السامة الناجمة عن التخلص من النفايات وماء الصرف الصحي، كل تلك الأسباب مجتمعة تؤثر بالتالي على التربة وكذلك على أساسات العقارات خاصة تلك التي لم تراعِ مواصفات البناء من الناحية الإنشائية نتيجة للغش في الحديد والأسمنت.

وأضاف أن فساد المحليات أيضًا من أسباب تفاقم المشكلة فعلى سبيل المثال؛ كيف لمبنى مكون من ثمانية أدوار يحصل على تسهيلات في البناء لتصل عدد الأدوار لـ 17 طابق وأحيانًا  20 طابق، خاصةً في مناطق شرق ووسط المحافظة مما يمثل تحميلًا على التربة، والتي لم تكن مجهزة لتلك الأحمال، نظرًا للضغط على أنظمة تغذية المياة و الصرف الصحي للمباني وشبكات الصرف العمومية”.

وأضاف أن التغيرات المناخية تؤثر على المباني لا سيما في البيئات الساحلية، نظرًا لارتفاع نسبة الملوحة والرطوبة، وأنه في ضوء الدراسات التي تحذر من تسارع تآكل سواحل الإسكندرية وزيادة النحر البحري، بسبب ارتفاع منسوب ماء البحر وتسرب الماء المالح للأساسات نتيجة التغيرات المناخية؛ فإن ذلك يمثل تحديًا آخر قد يهدد الأبنية والمنشآت والطرق، ويمكن تدارك ذلك بإقامة الحواجز والسواتر المصنوعة من مواد مستدامة صديقة للبيئة والتي تقلل من حجم الفيضانات، مع توظيف الوسائل الذكية لتخزين ماء المطر و إعادة تدويره، وكذلك توفير أنظمة صرف للتخلص من البرك التي تخلفها مياه الأمطار الغزيرة نتيجة للغمر الساحلي المرتبط بالموجات العالية والتي لا تستوعبها بلاعات الصرف الصحي مما يؤثر على أساسات الأبنية والعقارات خاصة المخالفة منها.

" العوامل الجوية والامطار تهدد العقارات "

وقال الدكتور هشام سعودي، نقيب المهندسين في الإسكندرية

إن مشكلة انهيار العقارات القديمة والآيلة للسقوط أزمة مزمنة وقنبلة موقوتة، حيث تتسبب فى موت وإصابة المواطنين سواء المقيمين بها أو المارة الذين تصادف وجودهم أثناء الانهيار أو سقوط الأسقف والبلكونات، جراء الانهيارات المفاجئة، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب التدخل العاجل والتعامل مع الموضوع من عدة زوايا، لتشمل التعرف على أسباب ومسببات الانهيارات المفاجئة، وأكثر المناطق التي تحدث بها الانهيارات، ورصد الأسباب الحقيقية والهندسية وراء الأزمة، وكذلك الأسباب وراء تزايد انهيار العقارات حتى نستطيع حماية السكان من الانهيارات.

وأضاف المهندس سعودي أنه، للأسف الشديد، معظم الانهيارات في المناطق التاريخية العتيقة القديمة، خاصة في الجمرك وشياخاته، واللبان وكرموز ومينا البصل، وتمثل العقارات الموجودة فى أغلبها حقبًا زمنية طويلة من الإنشاء، تتعدى أعمارها ١٠٠ و١٢٠ عامًا، وعمرها الافتراضى بالنسبة لحالتها الإنشائية والمدة الزمنية، وأسلوب الإنشاء التى كانت مبنية به بطرق قديمة، فضلًا عن العوامل الجوية وتأثيرها من أمطار وطقس ونوات، يؤثر عليها سلبًا ويحدث لها انهيارات، وفى نفس الوقت لا يوجد أى شىء منصوص عليه في العقود الإيجارية يتعلق بخطط الصيانة للمنشآت، وبالتالى أى عقار يصبح أمره متروكًا لصاحبه فيما يتعلق بالصيانة والترميم الدوري، لأن معظمها عقارات مؤجرة وفق القانون القديم، ولا تدر دخلًا مجزيًا على أصحابها، وبالتالى لا يحدث أى ترميم أو صيانة، مما يقلل من عمرها الافتراضى كمبانٍ إنشائية.

وشدد على ضرورة تحديد المناطق التى تتزايد فيها معدلات الانهيارات للعقارات، من خلال عمل دراسة متأنية مستفيضة، خاصة وأن السكان يرفضون تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة بحق تلك العقارات لأسباب مرتبطة بالمكان وعدم توفير البديل، وبالتالى فإن إخلاء العقارات لا يكون إلا بناءً على تقرير يصدر من المتخصصين بوجوب الهدم والتنكيس حتى سطح الأرض، حتى لا يضر السكان والمنطقة، داعيًا إلى ضرورة دراسة الأمر بشكل متكامل، مع مراعاة الجوانب التاريخية والتراثية للمناطق، بحيث لا يتم تعميم أسلوب المعالجة والتعامل مع المناطق التاريخية مثل المناطق الحديثة.

" قرارات الإزالة حبيسة بالأدراج بالحي "

قال الدكتور ناصر درويش أستاذ الهندسة الإنشائية بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية 

بأن الأزمة في العقارات القديمة بالمحافظة هي التنصل من المسئولية ما بين المالك والمستأجر بقانون الإيجار القديم وذلك بخلاف العقارات المخالفة والغير مطابقة للمواصفات أو العقارات القديمة التي تم عليها أعمال التعلية دون الحصول على ترخيص أو معاينة الحالة الإنشائية للمبنى وجميع هذه الأسباب أسفرت عن أعداد كبيرة من العقارات التي تهدد حياة سكانها.

وأشار إلى أن جميع العقارات الآيلة للسقوط بالإسكندرية لديها قرارات إزالة صادرة عن الأحياء التابعة لها ولكن القرارات تظل حبيسة الأدراج دون تنفيذ بسبب الإجراءات الروتينية التي يتعرض لها المالك أو المستأجر لإصدار رخصة ترميم للبدء في أعمال التدعيم أو الصيانة، وطالب أستاذ الهندسة الإنشائية بضرورة التعامل مع قرار الترميم أو قرار الإزالة ليكون بديلًا عن الرخصة لتنفيذه وذلك لتشجيع المستأجرين والملاك على تنفيذ القرارات بتسهيل الإجراءات داخل الأحياء التي تحتاج لوقت طويل تصل إلى شهور أو سنوات لإصداره.