ذكر واحد يحفظ لك النعم من الزوال.. رددها بيقين

أنعم الله تعالى على الإنسان بنعمٍ لا تُعد ولا تُحصى، تتوالى عليه ليلًا ونهارًا، سرًّا وعلانية، ومع هذا الفيض من العطايا الإلهية، يغفل كثير من الناس عن شكر المنعم سبحانه، رغم قوله عز وجل: {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} [يونس: 60].
أبرز أسباب هذا الجفاء في الشكر: غفلة الإنسان عن فضل الله، أو عدم إدراكه لعِظم النعم التي غمره بها. ومع أن الله غنيٌّ عن خلقه، فإنه سبحانه يريد بهم الخير، فدعاهم إلى عبادة تُعيدهم إلى دائرة الامتنان، وهي عبادة "ذكر النعم"، كما في قوله تعالى:
{يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم} [فاطر: 3].
الذكر الذي يحفظ النعم من الزوال
من أعظم الأذكار التي تحفظ النعم وتديمها، قول "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فقد روى أن النبي ﷺ قال:
"مَن أُنعِمَ عليه نعمةٌ فأراد بقاءَها، فليُكثِر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله".
ثم أرشد إلى تلاوة قوله تعالى:
{ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} [الكهف: 39].
وينبغي لمن أراد حفظ نعم الله الظاهرة والباطنة أن يجعل هذا الذكر ملازمًا له في يومه، ولا يقل عن ترديده مائة مرة يوميًا، بيقين وحضور قلب.
دعاء لحفظ النعم من الزوال
من الأدعية التي وردت عن النبي ﷺ لحفظ النعم قول النبي:
"اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك".
حكم صلاة الشكر وسجود الشكر
أكدت دار الإفتاء المصرية أن سجدة الشكر جائزة وليست بدعة، بشرط أن تكون لسبب؛ كحدوث نعمة، أو اندفاع بلاء، أو زوال نقمة. وأشارت الدار إلى أن سجدة الشكر لا تشترط فيها الطهارة، على رأي المالكية، لكن من الأفضل أن يكون المسلم متوضئًا، متجهًا إلى القبلة، ويُكبّر ثم يسجد سجدة، ويُسلّم بعدها.
وأضافت أن من فاجأته نعمة ولم يتمكن من الوضوء، جاز له أن يسجد على حاله، حتى وإن لم يكن على طهارة، أو لم يتوجه للقبلة، تقليدًا للقول المرجَّح في ذلك.
مكانة الشكر في القرآن الكريم
الشكر عبادة عظيمة، أمر الله بها وقرنها بالذكر، فقال سبحانه:
{فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} [البقرة: 152]،
ووعد الله الشاكرين بالنجاة والجزاء العظيم، فقال:
{ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} [النساء: 147]،
وقال أيضًا:
{وسنجزي الشاكرين} [آل عمران: 145]،
وأكد الوعد بزيادة النعم في قوله:
{لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم: 7].
فوائد الشكر
رضا الله عن العبد: الشكر سبب لمحبّة الله ورضاه، قال تعالى:
{وإن تشكروا يرضه لكم} [الزمر: 7].
النجاة من العذاب: الشاكرون هم أبعد الناس عن سخط الله.
زيادة النعم: وعد الله صريح في قوله:
{لئن شكرتم لأزيدنكم}.
الأجر العظيم في الآخرة: كما قال تعالى:
{وسنجزي الشاكرين}.
دخول الشاكرين في دائرة المؤمنين الكاملين: إذ يُقابِل المؤمن كل قضاء بالرضا، خيرًا كان أو شراً.
دوام النعمة: شكر النعمة سبب في استمرارها، وعدم شكرها قد يعرضها للزوال.
رضا الله معلّق بشكر العبد: كما في قوله:
{وإن تشكروا يرضه لكم}.
نجاة الشاكر من العذاب: كما ورد في قوله تعالى:
{ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}.
نيل البركة في النعمة: فالشكر يزيد من نفع النعمة ويدفع بها البلاء.
الارتقاء في سلم الإيمان: فالشكر يُعزز الصلة بين العبد وربه ويجعله دائم التعلق به في السراء والضراء.
الشكر في القرآن الكريم
وردت العديد من الآيات التي تحث على الشكر وتُظهر عاقبته، منها:
- {ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون}
- {ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون}
- {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}
- {ووصينا الإنسان بوالديه... أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير}
- {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}
- {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين}