رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

د. أحمد ربيع الأزهرى جامع تراث الشيخ «الحصرى»:قدمت أكبر مشروع وثائقى عن شيخ المقرئين فى عشر سنوات

بوابة الوفد الإلكترونية

«الحصري» صاحب الجمع الثانى للقرآن.. وأول من رتله فى الأمم المتحدة

نجلته الكبرى فتحت لى خزائن والدها ومكتبته ومخطوطاته

منحته الدولة وسام العلوم والفنون.. واختير رئيسًا لقراء العالم الإسلامى بكراتشى

لم يتقاض أجرًا عن تسجيله المرتل.. وشيخه الضبع تولي مشيخة المقارئ بمرسوم ملكى
 

من أهم ما يجب أن ينشغل به العقلُ الواعى والمفكر لأمتنا هو تأسيس النموذج المعرفى وصناعة العقول من خلال النمذجة لبناء القدوة الحسنة والنموذج الفارق البناء، ولن يتأتى هذا إلا بالتعريف بأعلام أمتنا وعقولها المفكرة والمبدعة أصحاب السبق والريادة والإخلاص والعمل والتفانى فى خدمة أمتهم ووطنهم.. وفى هذا الإطار نحتفى بنموذج مصرى يُعد علامة بارزة فى تاريخ مصر المعاصرة وأحد قواه الناعمة فى محيطه العربى والأفريقى بل والإسلامى، إنه فضيلة الشيخ محمود خليل الحصرى (1335–1401هـ = 1917– 1980م) شيخ عموم المقارئ المصرية وحجة الأداء وميزان الأحكام لمن يقرأون القرآن الكريم.. «الوفد» التقت فضيلة الشيخ أحمد ربيع الأزهرى، الباحث الأزهرى المهتم بالإرث الحضارى لأمته وبجهوده العلمية فى خدمة الإسلام والوطن العزيز مصر والأزهر الشريف، كما أنه على مدار العشر سنوات الماضية قام بعمل مشروع علمى عظيم جمع فيه تراث الشيخ محمود خليل الحصرى المسموع والمقروء والمرئى، لذلك كان هذا اللقاء مع فضيلته عن الشيخ الحصرى وهذا العمل الجامع وهذا نص الحوار:
<  بداية.. بماذا تُعرف لنا الشيخ الحصري؟
<< فضيلة الشيخ محمود خليل الحصرى هو شيخ المقرئين، والعالم المحقق المدقق الأمين، الساطع بالقرآن، المترجم للأحكام، والحافظ للقراءات، والمدقق للروايات، صاحب الجمع الثانى للقرآن، فإذا كان الصدر الأول للإسلام جمعه مكتوبًا، فالحصرى جمعهُ مسموعًا، ولقد تهيأ للشيخِ الحصرى من الله الاصطفاء والعطاء الربانى ما لم يتهيأ لغيره، ولقد خصَّ اللهُ الشيخ الحصرى باصطفائه محسنًا وللقرآن حافظًا ولأحكامهِ معلمًا، فهو نموذجٌ لأهلِ الاصطفاءِ لكون الله جعل اصطفاءه له مقرونًا بكتابهِ الكريمِ وكلامهِ العظيمِ يقول تعالى : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}(فاطر:32)، كما أننا نحسبه ولا نزكيه على الله أنه يصدق فيه قول رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: {إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ}، والإمامُ الحصرى وصل لهذه الرتبة بالإخلاص لله والزهد والورع والحب لكتابه تعالى والتفانى فى حفظه وخدمته.
< ماذا عن مشروعكم «الجامع لتراث الشيخ محمود خليل الحصري»؟
<< قمنا على مدار عشر سنوات بجمع تراث الشيخ الحصرى المسموع والمقروء والمرئى، وهو عمل ضخم جمعنا فيه مصاحف الشيخ الحصرى بالقراءات والروايات المختلفة، وقمنا بجمع عشرات المقاطع المرئية للشيخ بالأبيض والأسود والألوان وبعضها نادر جدا، كما قمنا بعمل أرشيف مصور لحياة الشيخ يجمع مئات الصور الشخصية والعائلية وملفات صور لرحلاته فى العديد من دول العالم وصوره مع زعماء العالم..إلخ، كما قمنا بجمع العديد من الأفلام التسجيلية عن الرجل، وكذا للقاءات المختلفة مع أبنائه، مما يجعلها على مر الزمان وثائق نادرة. ثم قمنا بجمع تراثه المكتوب من خلال «الأعمال الكاملة» للشيخ جمعنا فيها ما كتبه الرجل وما كتب عن الرجل فى (تسع مجلدات) فيما يقرب من (5000 ورقة) وأهم ما تشمل عليه:
- مؤلفات الشيخ الحصرى حيث جمعنا الطبعة الأولى والثانية منها والتى تبلغ أكثر من عشرة مؤلفات فى علوم القراءات وهي: «أحكام قراءة القرآن الكريم» و«القراءات العشر من الشاطبية والدرة»، و«معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء»، و«الفتح الكبير فى الاستعاذة والتكبير»، و«أحسن الأثر فى تاريخ القراء الأربعة عشر»، و«مع القرآن الكريم»، و«قراءة ورش عن نافع المدني»، و«قراءة الدورى عن أبى عمرو البصري»، و«نور القلوب فى قراءة الإمام يعقوب»، و«السبيل الميسر فى قراءة الإمام أبى جعفر»، و«حسن المسرة فى الجمع بين الشاطبية والدرة»، بالإضافة لكتابه «رحلاتى فى الإسلام» والذى يسجل فيه الكثير من مشاهدته فى سفرياته المتعددة خارج القطر المصرى وهو يجوب العالم سفيرًا للقرآن وعالمًا من علماء الإسلام. كما تشتمل على العديد من تراجم العلماء والمؤرخين لفضيلة الشيخ الحصرى فى كتب التراجم والأعلام والكتب المهتمة بدولة التلاوة وأعلامها من القراء. كما تشتمل على عشرات المقالات عن الرجل والمنشورة فى كبرى المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية فى مصر والعالم العربى. وهناك مشروع لكتاب بعنوان «مائة مقالة ومقالة عن الشيخ الحصري» كدت أن أنتهى منه نجمع فيه كل هذه المقالات. كما تشمل العديد من الرسائل العلمية منها رسالة دكتوراه للباحثة: عائشة سالم محمد يوسف، بعنوان «من الإعجاز الصوتى فى القرآن الكريم من أول سورة الملك إلى آخر سورة نوح دراسة تطبيقية على ترتيل الشيخ الحصري» حصلت بها الباحثة على درجة الدكتوراه من قسم أصول اللغة -كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر عام 1440هـ–2019م، وقد أشرف عليها كل من أ.د/ أحمد على محمود ربيع، وأ.د/ سوسن حسانين الهدهد. ورسالة ماجستير للباحث الجزائرى رضوان لخشين، بعنوان «جهود الشيخ الحصرى فى علم القراءات، جامعة باتنة - دولة الجزائر، أشرف عليها د. منصور كافى عام (1428-1429هـ = 2007-2008م).
وأيضا بحث علمى بعنوان: «فنُّ التغنى بالقرآن عند الشيخ الحصري» بقلم د. محمد خليل الزَّرُّوق، وهو بحث منشور على ملتقى أهل التفسير على شبكة الإنترنت يوم الأحد 3 رجب 1434هـ.
< وماذا أيضًا عن أعمالكم الفكرية عن الشيخ؟
<< قمت بإخراج العديد من الأعمال العلمية عن الرجل منها: «الأجوبة الربيعية فى ترجمة شيخ عموم المقارئ المصرية»، و«شهادة للتاريخ» على فرية أنَّ الشيخ الحصرى تقاضى أجرًا نظير تسجيله للقرآن المرتل، و«فصل المقال فى المفاضلة بين الأقران» قراءة فى صحة وثيقة اختيار الشيخ محمود خليل الحصرى قارئًا للسورة بمسجد الإمام الحسين والتى أثير حولها جدال فى شهر رمضان 1440هـ على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، «سبعون معلومة ومعلومة عن الشيخ الحصري»، وقد انتهيت من عمل كبير بعنوان: «كتاب الشيخ الحصرى يتيمة دهره ونابغة زمانه» ولا أنسى أن أشير إلى أننى جمعت العديد من مواقف الشيخ الحصرى الإنسانية والوطنية ضمن كتابنا الموسوعى «من المواقف الخالدة لعلماء الأزهر الشريف» وهو استقراء لمواقف الأزهر لشريف وعلمائه وشيوخه الأعلام فى خدمة وصناعة الإنسان وصيانة الأوطان وتزكية الوجدان على مدار ألف عام، والصادر عام 2017م.
< هل قدمت لكم أسرة الشيخ الحصرى أى مساعدة فى إخراج هذا الجهد الكبير؟
<< نعم، فهذا الجهد إن كان الفضل فيه يعود إلى الله أولًا وبركة الشيخ الحصرى ثانيًا، فإن الفضل بعد ذلك يعود لكريمة الشيخ الفاضلة ياسمين الحصرى، فقد فتحت لى خزائن والدها ومكتبته ووثائقه ومخطوطات مؤلفاته، وكل ما يقع تحت يديها عن والدها تبعثه إلى مباشرة، بل إذا حكى لها أحدهم بعض الأمور الإنسانية أو الرؤى العرفانية عن الشيخ تحيله إلى لأسمع منه لأوثق ما يقوله على لسانه هو وليس على لسانها، وتعلل ذلك حتى يكون الكلام أوثق وبعيدًا عن أى شبه مجاملة، وقد جمعت نتيجة لذلك دررًا من كرامات الشيخ الحصرى رحمه الله.
< هل من مشروعات أخرى تتمنى القيام بها فى إطار جمعكم لتراث الشيخ الحصري؟
<< نعم أرجو من الله أن يوفقنا لعمل مشروع وثائقى عن الشيخ الحصرى أجمع فيه النسخ الخطية لمؤلفات الشيخ وكذا وثائقه، والحمد لله كلها موجودة فى حوزة أسرته الكريمة، وعندما اطلعت عليها وجدت عقلا منظمًا للشيخ الحصرى، فقد جمع كل وثائقه فى ملفات وكل مخاطباته مهما كانت صغيرة، فالرجل قد حفظها.
وأرشيف الشيخ الحصرى الوثائقى جزء من أرشيف مصر والأزهر ودولة القراءة المصرية، حتى أننى عندما اطلعت على أرشيفه خيل لى أن أضع كتابًا عن مصر والأزهر قراءة فى أرشيف وثائق الشيخ الحصرى. بالإضافة لعملنا الذى أشرنا إليه «مائة مقالة ومقالة عن الشيخ الحصري»، كما نعمل على جمع كل اللقاءات المنشورة لأبناء الشيخ الحصرى فى الكتب والصحف والمواقع الإلكترونية لكى تكون مع مر الزمن جزء توثيقى لحياة الشيخ من خلال حديث أبنائه عنه.
< نعود إلى الشيخ الحصرى ونريد أن نتعرف على «أوليات الحصري» ونقصد بها الأمور التى كان له السبق فيها، حيث كان الأول فيها جميعًا هل لفضيلتكم ذكر بعضها للقارئ الكريم؟
<< نعم الشيخ الحصرى له السبق فى العديد من الأمور نستطيع أن نطلق عليها «أوليات الحصري» منها: أنه أول من سجل المصحف المرتل فى أنحاء العالم برواية حفص عن عاصم وظلت إذاعة القرآن الكريم تقتصر على إذاعة صوته منفردا لمدة طويلة وكان ذلك عام1961م، كما أنه  أول من سجل المصحف المرتل فى أنحاء العالم برواية ورش عن نافع وكان ذلك عام 1964م، وكذا أول من سجل المصحف المرتل فى أنحاء العالم برواية قالون ورواية الدورى وكان ذلك عام 1968م. وكذا أول من سجل المصحف المعلم فى أنحاء العالم (طريقة التعليم) وكان ذلك عام 1969م، أول من رتل القرآن الكريم فى العالم بطريقة المصحف المفسر (مصحف الوعظ) وكان ذلك عام 1975م. وهو أول من رتل القرآن الكريم فى أنحاء العالم الإسلامى في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية وكان ذلك فى عام 1977م، كما أنه أول من رتل القرآن الكريم فى القاعة الملكية وقاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز فى لندن ودعاه مجلس الشئون الإسلامية إلى المدينتين البريطانيتين «ليفربول» و«شيفلد» ليرتل أمام الجاليات العربية والإسلامية فى كل منهما وكان ذلك عام 1978م.
< ما أهم المحطات والمناصب العلمية التى حازها الشيخ الحصري؟
<< عمل مفتشًا للمقارئ المصرية، وفى عام 1958م عين وكيلًا لمشيخة المقارئ المصرية ثم شيخًا لعمومِ المقارئ المصرية، كما عيَن مراجعًا ومصححًا للمصاحف بلجنة مراجعة المصاحف وتصحيحها بالأزهر الشريف، ثم نائبًا للرئيس اللجنة ثم رئيسًا لها بعد ذلك.، كما عين خبيرًا بمجمع البحوث الإسلامية لشئون القرآن بالأزهر الشريف، كما عين مستشارًا فنيًا لشئون القرآن الكريم بوزارة الأوقاف، وفى عام 1966م اختاره اتحاد قراء العالم الإسلامي رئيسًا لقراء العالم الإسلامى بمؤتمر «اقرأ»  بكراتشي بباكستان. وكل هذه المناصب العلمية الرفيعة تدلل على رسوخه العلمى وكعبه العالى وتمكنه الفنى من قراءة القران وعلوم القراءات المختلفة.
< من أبرز شيوخ الشيخ الحصرى الذين تعلم على أيديهم ومن منهم يُعد صاحب الأثر العظيم فى حياته ويعد تلميذه النجيب؟
<< أخذ الشيخ الحصرى علومه الشرعية وعلوم القراءات عن عددٍ من علماء ومشايخ المسجد الأحمدى بطنطا وغيرهم من أئمة القراءة والإقراء ومنهم: الشيخ المقرئ إبراهيم بن أحمد سلام المالكى، شيخ القراء والإقراء بالجامع الأحمدى بطنطا، قرأ عليه القراءات العشر الصغرى من الشاطبية والدرة، وقد اطلعت على إجازة الشيخ إبراهيم سلام لتلميذه محمود الحصرى مصدق عليها من شيوخ الإقراء فى هذا العصر. ثانيًا: الشيخ عامر السيد عثمان (1900-1988م) وهو شيخ القراء بالديار المصرية ومكانه ومكانته بين علماء القراء وأهل القرآن محفوظة وأسانيده عالية. ثالثًا: الشيخ على محمد الضباع (1886م- 1961م) شيخ عموم القراء بالديار المصرية.
رابعًا: الشيخ عبد الفتاح القاضى (1907-1982م) رئيس لجنة تصحيح المصاحف بالأزهر.
ويعد الشيخ محمود خليل الحصرى الطالب النجيب لشيخه العلامة شيخ عموم المقارئ المصرية على محمد الضباع، وهو صاحب الأثر الأكبر فى الشيخ الحصرى، والشيخ الضباع أكرمه الله وعمره 11 سنة أن يقرأ على «الشيخ المتوَلِّى الكبير» صاحب التحريرات المدققة، لذلك كان الشيخ الحصرى يَعلم المكانة الرفيعة للسند العلمى للشيخ الضباع والذى تولى مشيخة عموم المقارئ المصرية عام 1950م، وذلك بمرسوم ملكى من الملك فاروق الأول، وظل شيخا لعموم المقارئ حتى عام 1970م إلى أن انتقل إلى رحمة الله تعالى.
< أخيرًا..ماذا عن تكريم الدولة للشيخ الحصري؟
<< الشيخ الحصرى كان محط تقدير واحترام من الدولة المصرية وقد منحته «وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى فى عيد العلم».
وقد احتفلت الدولة المصرية ممثلة فى وزارة الثقافة بمئوية الشيخ الحصرى (1917-2017م) من خلال الاحتفاء به فى معرض القاهرة الدولى للكتاب -الدورة 49- حيث قامت بتنظيم ندوة عن « مئوية ميلاد الشيخ محمود خليل الحصري» وشرفت بأن أكون من المحاضرين فى هذه الندوة مع كوكبة كبيرة من العلماء والمتخصصين منهم أ.د/ طه أبو كريشة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والسيدة ياسمين الحصرى، «كريمة الشيخ الحصرى»، والدكتور محمد داود، الأستاذ بجامعة قناة السويس، ولفيف  من مشايخ الأزهر الشريف وكوكبة من العلماء والضيوف والعديد من أفراد أسرة الشيخ الحصرى.