قابيل وهابيل في طحانوب.. شقيقان يسحلان أخاهما ويطردان أسرته للشارع

في قرية "طحانوب" التابعة لمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، وقعت جريمة لا يمكن لعقل أن يتقبلها، ولا لقلب أن يتحمل تفاصيلها، حين سقط شاب أربعيني ضحية ضرب مبرح من شقيقيه، حتى فقد الوعي، ونُقل في حالة حرجة إلى العناية المركزة، بينما تُركت زوجته وأطفاله في العراء، بعد أن تم طردهم من منزل العائلة.
واقعة صادمة قلبت هدوء القرية رأسًا على عقب، وتحوّلت إلى قضية رأي عام بعد أن كشفت التحقيقات تفاصيل دامية، ومشاهد قاسية لعنف أسري انتهى بكارثة إنسانية.
البداية.. بيت واحد وصراع صامت
"أحمد محمد صابر" – رجل في العقد الرابع من عمره، عامل بسيط، عاش سنوات عمره تحت سقف منزل العائلة مع إخوته، في حياة متواضعة لم تعرف الصدام أو العدوان. لكن التغير بدأ حين تفجّرت الخلافات حول الميراث، وتحول البيت الهادئ إلى مسرح صراع لا يخضع لأي منطق.
بحسب رواية المجني عليه، فإن الأمور خرجت عن السيطرة حينما قرر شقيقاه الاستيلاء على الشقة التي يقيم بها، بحجة تقسيم الإرث. ويؤكد أنه لم يرفض حق أحد، لكنه فوجئ بما لم يتوقعه: ضرب مبرح بالشوم، طعنات بسلاح أبيض، واعتداء سافر على حرمة بيته وأسرته.
25 يومًا بين الحياة والموت
سقط أحمد على الأرض غارقًا في دمائه، وفقد وعيه تمامًا، ونقل إلى المستشفى مصابًا بنزيف داخلي، وكسر بالجمجمة استلزم 35 غرزة، فضلًا عن استئصال الطحال.
لم تكن إصابته مجرد جروح ظاهرية، بل كانت حياة تتعلق بخيط رفيع، ظل فيه 25 يومًا داخل العناية المركزة، تحيط به الأجهزة من كل جانب، وتترقبه نظرات زوجته وأطفاله في انتظار نجاة من مصير بدا مظلمًا.
الزوجة تروي التفاصيل المؤلمة
تقول زوجته "هيام محمد سعيد"، بعين دامعة وصوت يختلط بالحزن:
"اللي حصل لا يوصف.. دخلوا علينا ضرب وسحل.. جوزي ماكنش قادر يدافع عن نفسه، وقع على الأرض والدم نازل من كل حتة فيه، وأنا لما حاولت أصرخ، ضربوني قدام عيالي، وطردونا من البيت. قعدنا في الشارع بالليل، والعيال ناموا على الرصيف، ماكنش في حد يسأل فينا".
وأكدت الزوجة أنها حررت محضرًا رسميًا بالواقعة، طالبت فيه بعرض زوجها على الطب الشرعي، وباتخاذ الإجراءات القانونية لحمايتهم وتمكينهم من مسكنهم الأصلي.
بلاغ وتحقيقات موسعة
الواقعة تم تحريرها رسميًا في محضر يحمل رقم 12167 جنح مركز شبين القناطر لسنة 2025، وأُحيل إلى النيابة العامة التي باشرت التحقيق فورًا.
وبحسب البلاغ، فإن المتهمين هما:
"عصام م." (35 سنة – سائق توك توك)
"محمد م." (40 سنة – سائق توك توك)
وتواجه النيابة المتهمين بتهم الشروع في القتل، والاعتداء بالضرب، وحيازة سلاح أبيض، وطرد بالقوة، وإيذاء نفسي ومعنوي للأسرة وفقا لما ذكرته الاسرة المنكوبة.
صمت القرية وصوت العدالة
في قرية طحانوب، يسود الصمت والترقب، حيث يتحدث الأهالي عن الواقعة بصوت خافت، يتملكهم الذهول من أن تتحول الأخوّة إلى جريمة. الكل ينتظر حكم العدالة، وإنصاف المجني عليه، واستعادة حقوق أسرة باتت مشردة بلا مأوى.
يقول أحد أهالي القرية:
"إحنا اتصدمنا.. عمرنا ما شفنا أخ يضرب أخوه كده.. دا مش خلاف، دي جريمة كاملة لازم يتحاسبوا عليها".
خاتمة.. حين ينهار سور العائلة
قصة "أحمد" ليست مجرد واقعة جنائية، بل مرآة تعكس ما يمكن أن يفعله الطمع حين يتسلل إلى البيوت، ويفكك روابط الأخوّة، ويدمر ما بُني في سنوات.
العدالة وحدها هي من تستطيع أن تعيد شيئًا من الاتزان لعائلة تمزق كيانها، وتمنح الأمل لأطفال ذاقوا قسوة الشارع والخذلان.