رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

"لعنة " الطريق الإقليمى

بوابة الوفد الإلكترونية

حكايات من أوجاع أسر الضحايا
شيماء طالبة الهندسة.. طموح قتله الإهمال
مواطن فقد 5 من عائلته: تعويضات الحكومة مش هترجع اللى ماتوا
محافظ المنوفية يغيب عن مشاركة الأهالى أوجاعهم؟!


رغم فداحة كارثة حادث الطريق الإقليمى بمحافظة المنوفية، التى حولت رحلة الحياة إلى جنازة جماعية، لـ19 زهرة من فتيات مصر، الذين خرجن بحثًا عن لقمة عيش شريفة تساعد أسرهن على تلبية احتياجات الحياة، فُعدن فى أكفان ضحايا الإهمال، وكأن الكارثة شيء عادى لم يحرك فى الحكومة ساكنًا سوى بيانات إعلامية تنعى وفاة الفتيات التى زهقت أرواحهن نتيجة الفساد والإهمال.
مشهد مؤلم ومهيب لجنازة الضحايا، لم يسع المسئولون لحضوره لتخفيف المعاناة أو مواساة الأهالى الذين فقدوا أعز ما يملكون، حتى أن محافظ المنوفية اكتفى بإرسال السكرتير العام المساعد لحضور الجنازة دون حضوره شخصيًا للتهوين على الأهالي.
حادث الطريق الإقليمى لم يكن سوى حلقة جديدة فى مسلسل طويل من الحوادث الدموية التى تحصد أرواح البسطاء يوميًا، واعتاد الأهالى على تكرار الحوادث على هذا الطريق، الذى تحول من وسيلة لربط المحافظات والقرى ببعضها إلى فخ لحصد أرواح الأبرياء، فى تجاهل تام من قبل الحكومة التى يجب عليها أن تبحث مشكلة الطريق وأن تضع حدا لمثل هذه الحوادث.
عند الصعود للطريق الإقليمى للوهلة الأولى تشاهد حجم الإهمال الذى يطرأ على طبقة الرصف، تكسير وحفر وتحويلات لأعمال الصيانة، وسير عكس الاتجاه لسيارات النقل، دون رقيب، ما جعله أحد الأسباب لدخول الحزن على الأسر المصرية نتيجة فقدان أرواح أبنائهم على الطريق.
كارثة تلو الأخرى يشهدها يوميًا الطريق.. ضحايا أبرياء روت دماؤهم أسفلت الإقليمي.. شكوى وأنين متكرر لعل مسئولا يستجيب ويؤدى دوره ويولى هذا الملف الشائك اهتماما ينقذ أرواح الناس التى تزهق يوميا جراء الحوادث المتكررة على هذا الطريق الحيوى، هل من وزير مختص أو محافظ مسئول يتفقد ويفحص المشكلة ولكن لا حياة لمن تنادي؟.. حتى جاءت الطامة الكبرى بمصرع 19 فتاة فى عمر الزهور من  قرية كفر السنابسة بالمنوفية، تحولت رحلة عمل بريئة إلى مأتم جماعي، وامتلأت أرض الطريق الإقليمى بأشلاء فتيات خرجن بحثًا عن لقمة العيش؛ فعدن جثثًا هامدة داخل نعوش صامتة، حيث اصطدمت سيارة نقل «تريلا» بسيارة أجرة ميكروباص كانت تقلهن فى طريقهن إلى العمل وبحثهن عن قوتهمن وقوت أسرهن الغلابة، هكذا حال الطريق الإقليمى الذى أصبح يعرف بـ«طريق الموت»، نظرًا لتكرار الحوادث المميتة عليه بشكل يومي، وسط صراخ ومطالبات بضرورة تكثيف الرقابة وتحسين عوامل الأمان على هذا الطريق الحيوى الذى يربط عددًا من المحافظات.
رغم تكرار الحوادث المميتة على هذا الطريق منذ إنشائه فإن الحكومة تغض الطرف ولم تسع لفحص الطريق وتشكيل لجان هندسية مختصة لمعرفة أسباب تكرار الحوادث وعيوب الطريق ومعالجتها للحد من الكوارث اليومية التى يشهدها «طريق الموت» وحفاظا على أرواح المواطنين الأبرياء، ليتساءل المواطنون فى حيرة إلى متى تظل الحكومة صامتة أمام طريق يحصد الأرواح بشكل دورى، لماذا لا تتحرك وزارة النقل والإدارة العامة للمرور لتدارك المأساة قبل وقوعها؟.. لماذا لا يتم اتخاذ قرارات جريئة بإعادة تأهيل الطريق ومعرفة أسباب الانحراف وهبوط أجزاء منه لعل أن يكون هذا التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، وأمام تكرار كوارث هذا الطريق يبقى شعار المواطنين «لعنة الطريق الإقليمى تهزم الحكومة».
ورغم المطالبات بمراجعة معايير السلامة على الطريق الإقليمي، بعد تكرار الحوادث الدامية، إلا أنه لا يوجد حلول فعلية لتلك الكارثة، وهذا يدل على غياب الرؤية الواضحة لأسباب المشكلة، ويطرح العديد من التساؤلات أهمها: ما مدى صلاحية هذا الطريق للعمل؟.. وكيف يتم تحويل الطريق لتسيير السيارات فى اتجاة واحد «رايح جاى» دون وجود مكثف لعناصر المرور لتخفيف السرعة وتنظيم الحركة؟.
قرية السنابسة بمحافظة المنوفية كان لها النصيب الأكبر من الآلام وأوجاع كوارث الطريق الإقليمى الذى أصبح يفتقد لأبسط معايير السلامة المرورية بعد أن شيعت القرية فى جنازة مهيبة أبكت العيون وهزت قلوب العالم جثامين 19 ضحية من الفتيات العاملات بإحدى المزارع، ما حدث ليس مجرد حادث عابر لا يمكن إدراجه تحت بند حوادث السير، بل نتيجة حتمية لتراكم الإهمال، وغياب الرقابة، وتقاعس الجهات المعنية عن أداء دورها فى تأمين حياة المواطنين، ويبقى مسلسل وحكايات أوجاع الطريق الإقليمى فى المنوفية يشهد تزايدًا مقلقًا فى الحوادث، يظل جرحًا مفتوحًا يعكس غياب المسئولية وضرورة تحرك عاجل من السلطات للحد من هذا الخطر الداهم.
انقلاب سيارة أمن مركزى على الطريق الإقليمى بالمنوفية
بعد ساعات من الحادث المأساوى الذى شهده الطريق الإقليمى بنطاق مركز أشمون بمحافظة المنوفية، الذى أسفر عن وفاة 19 شخصًا وإصابة 3 آخرين، جميعهم من أبناء قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف، شهد الطريق الإقليمي حادث سير إثر انقلاب سيارة تابعة لقوات الأمن المركزى كانت تقل عدد من المجندين ما أسفر عن إصابة عدد منهم بإصابات متفرقة.
وفور وقوع الحادث، انتقلت الأجهزة الأمنية وسيارات الإسعاف إلى موقع الحادث لنقل المصابين إلى المستشفيات القريبة لتلقى العلاج اللازم، فيما بدأت الجهات الأمنية تحقيقاتها للوقوف على أسباب وملابسات الحادث.
حكايات من أوجاع أسر فتيات ضحايا قرية السنابسة
دموع تسيل.. وحزن يمتلك القلوب، وبكاء لا ينقطع، هنا أم ثكلى يعتصر قلبها الحزن غير مدركة لما حدث تتمنى أن يكون ما مجرد كابوس ثقيل لا تريد أن تستيقظ منه لكنها الحقيقة المرة التى تعيشها أغلب منازل قرية السنابسة.
وهنا يتماسك الأب دموعه على فراق أبنائه، أثناء تلقى العزاء، ورغم كل محاولات التماسك فإن قلبه لا يقوى على تحمل فراق الأبناء، ودموعه لا تجف.. قرية بأكملها تقف تتلقى واجب العزاء لفراق أبنائهم، مطالبين الحكومة بضرورة بحث ملف هذا الطريق ومعرفة الأسباب الحقيقة وراء هلاك ودمار أغلب أجزاء الطريق.
ووجه الأهالى اللوم والعتاب على اللواء إبراهيم أبوليمون محافظ المنوفية، الذى غاب عن مشاركتهم فى هذه المأساة البشعة واكتفى بإرسال أحد معاونيه لتقديم واجب العزاء، وتأدية دوره الإنسانى فى تخفيف المعاناة والمأساة، وكأن الحادث شيء عابر لم تزهق فيه الأرواح وتفقد الأسر أبنائهم، متسألين لماذا تجاهل المحافظ الذى يعتبرونه واحدا منهم التواجد ومشاركة الأهالى وأسر الضحايا مراسم الجنازة التى أبكت العالم.
فى البداية تحدث أحد الأهالى بقرية السنابسة، عن معاناة من حادث الطريق الإقليمى بعد أن فقد 5 من أسرته ما بين وفيات ومصابين، قائلًا: «الناس غلابة والفتيات كانوا يساعدن أسرهن على ظروف المعيشة وتجهيز أنفسهن للزواج».
وقال إنه فقد ثلاث فتيات من أسرته وأصيبت اثنتان أخريان، مشيرًا إلى إحدى الفتيات كانت فى كلية الهندسة، وأخرى تبلغ من العمر 20 عامًا وتدرس فى كلية التربية، مؤكدًا إلى أنهن كن يعملن فى أحد المصانع فى تغليف العنب بـ120 جنيها فى اليوم، لكنهن لا يعلمن أنهن ذهبات بلا عودة.
وتابع: «سهرنا مع بعض يوم الخميس الماضى حتى الساعة الواحدة ليلًا وكأنهن كن يودعننا.. اللى ماتوا كان فيهم عرائس هيتجوزا آخر الشهر»، مشيرًا إلى أنهم عاشوا معاناة حقيقة نتيجة تقسيم الضحايا على المستشفيات الحكومية، دون مراعاة لشعور الأهالي.
وبوجه يسيطر عليه الحزن قال: «إحنا مش عارفين نعمل إيه.. ما شفتش بنتى قبل ما تروح الشغل.. الفلوس مش هترجع اللى ماتوا.. حسبى الله ونعم الوكيل».
وحول معرفتهم بوقوع الحادث، أكد أن أحد السائقين من القرية كان يسير على الطريق ورأى الحادث فقام بإبلاغ الأهالى بتعرض أبنائهم للحادث، مشيرًا إلى أن الحزن يسيطر على الجميع من تجاهل المسئولين لتلك الكارثة، موضحًا أن الميكروباص الذى كان يقل الفتيات أصبح «خردة».
وناشد وزير الصحة بضرورة الاهتمام بالمصابين وصرف العلاج اللازم حتى يخفف من آلام الأهالى الذين فقدوا أبناءهم فى هذا الكارثة.
19 فتاة شهيدة فى سبيل أكل العيش ضحايا حادث الطريق الإقليمى لكن منهن حكاية فى الاجتهاد والمثابرة وتحمل المسئولية منذ صغرهن، العمل وكسب الرزق الحلال، إحدهن عروسة كانت تسعى على العمل باليومية حتى تتمكن من إعداد وشراء جهازها عرسها ..كرامتهن فوق أى اعتبار لا يتسولن لأحد رغم الفقر، اعتدنا الفتيات الضحايا على الاستيقاظ مبكرا تعد كل منهن عدتها وتجهز لقيمات تسد بها جوعها خلال ساعات العمل ..قبل طلوع الشمس تأتى السيارة الميكروباص لتنقلهن من قريتهن بالسنابسة إلى إحدى المناطق المجاورة للعمل فى جمع وجنى العنب، لتحصل كل فتاة فى ختام يومها الشاق على يومية تتراوح ما بين الــ120 لــ130 جنيها لا تسمن ولا تغنى من جوع فى ظل الغلاء وارتفاع الأسعار، ولكن الفتايات ارتضين برزقهن الحلال حامدات وشاكرات، فتيات مكافحات حرمن من كافة متاع الحياة، لا يعرفن طريق مصايف وبذخ أولاد الكابر فى الساحل الشمالي، ولكن القدر لم يمهلهن لتحقيق أحلامهن الوردية.
شيماء رمضان عبدالحميد، إحدى الفتايات ضحايا حادث الطريق الإقليمى، شابة حلمت بالمستقبل، لكن الموت خطفها قبل أن ترى ما كانت تسعى إليه، الشابة الضحية تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى حكايتها وكفاحها فلم تكتف بحصولها على مؤهل متوسط ولكنها حققت التفوق والتحقت بكلية الهندسة، الفتاة الصابرة ظلت فى كفاحها لم تقل إنها طالبة بكلية الهندسة وتتكبر على حياتها وأهلها ولكنها كانت نعم الفتاة المصرية القوية، ضربت أروع المثلة فى الكفاح التحقت بكلية الهندسة، ظلت تساند نفسها وتغطى مصاريف دراستها، فلم تتردد فى العمل خلال فترة الإجازة الصيفية، واختارت النزول إلى مزرعة للعنب بقرية وتقطع مسافات طويلة ذهابًا وإيابًا بسيارة أجرة، للمشاركة فى موسم الحصاد مقابل 130 جنيهًا يوميًا.
حلمت شيماء بالمستقبل، لكن الموت خطفها قبل أن ترى ما كانت تسعى إليه، ماتت الفتيات المكافحات تاركات وراءهن الحسرة والأسى فى قلوب أسرهن ومحبين، ولعل ان تكون هذه الفاجعة جرس إنذار لمعالجة هذا الطريق وإنقاذ أرواح الناس من الموت، أم ان الحكومة ستكتفى بدفع التعويضات وكلمات النعى لامتصاص غضب الرأى العام ويعود المر كما كان عليه؟
وتواصل النيابة العامة تحقيقاتها فى هذا الحادث الأليم، وباشرت التحقيق مع سائق السيارة النقل الثقيل «التريلا» المتسبب فى حادث الطريق الإقليمى بنطاق مركز أشمون، وخلال التحقيقات أقر السائق بأنه فقد السيطرة على عجلة القيادة نتيجة السرعة الزائدة، واختراق الحاجز الأوسط للطريق، استعلمت عن حالة المصابين ووجهت بتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهم، وطالبت تحريات المباحث الجنائية حول ظروف وملابسات الواقعة والتحفظ على السيارتين المتسببين فى الحادث، وكلفت بتشكيل لجنة لفحصهم فنيًا. 
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى دفاتر عزاء لنعى الضحايا ومواساة الأسر الذين فقدوا أبنائهم حراء هذا  الحادث الأليم، وخيمت حالة من الحزن والأسى على الرأى العام، مطالبين بمحاسبة المتسببين فى حادث الطريق الإقليمى.