صواريخ
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية فجر الجمعة الماضى، سادت معظم وسائل الاعلام التحليلات والرؤى السياسية والإستيراتيجية لخبراء عسكريين وسياسيين وكتاب وصحفيين حول آثار هذه الحرب ودلالة توقيتها ونتائجها على منطقة الشرق الأوسط، وربما على مستقبل النظام العالمى الذى يتشكل من جديد، خاصة بعد أن انتقلت المواجهة الإسرائيلية الإيرانية من مرحلة الحرب بالوكالة طوال العقود الماضية التى كانت تنحصر بين إسرائيل ووكلاء إيران فى لبنان وسوريا واليمن وفلسطين، إلى حرب مباشرة بين الطرفين، هدفها المعلن هو القضاء على البرنامج النووى الإيرانى، بينما الحقيقة أن هذه الحرب لها أهداف أكثر عمقًا على المستويات السياسية والإستيراتيجية والاقتصادية، وتشكل أيضًا حربًا بالوكالة بين القوى العظمى على اعتبار أن إسرائيل تمثل إحدى أذرع الولايات المتحدة فى المنطقة، وتشكل إيران العمق الصينى الروسى، حتى وإن غاب دعمها لإيران حتى الآن فى مقابل الدعم الأمريكى الواضح لإسرائيل.
الملاحظ للعامة فى هذه الحرب، هو التفوق الإسرائيلى الجوى الذى ضرب العمق الإيرانى وأصاب الكثير من الأهداف والمواقع العسكرية الإيرانية وإغتيال عدد كبير من القادة الإيرانيين، وأيضا عدد من العلماء القائمين على البرنامج النووى الايرانى فى اختراق واضح للموساد الإسرائيلى للداخل الإيرانى، الذى أدى إلى شل الدفاعات الجوية الإيرانية، وبات المجال الجوى الإيرانى ساحة مباحة للطيران الإسرائيلى الذى يشكل الذراع الطولى لها.. تلك الذراع التى بترتها مصر فى حرب اكتوبر المجيدة، وأدت إلى شل حركة الكيان الصهيونى، صحيح أن إيران حققت فى المقابل ضربات موجعة لإسرائيل بالمسيرات والصواريخ الباليستية أصابت تل أبيب وعددا من المدن الإسرائيلية، وتسببت فى خسائر كبيرة والأهم أنها أصابت الشعب الإسرائيلى بالهلع والهروب إلى الملاجئ فى ضربة معنوية كبيرة لإسرائيل وكل شعاراتها الكاذبة عن القبة الحديدية وغيرها من الأكاذيب، وتأتى خطورة الموقف فى هذه الحرب من غياب الداعمين لإيران خاصة فى حماية مجالها الجوى، وذهاب إسرائيل وأمريكا لأبعد نقطة وهى إسقاط النظام الإيرانى، ما يدفعها لاتخاذ خطوات غير محسوبة تكون لها تداعيات شديدة الخطورة على منطقة الخليج والشرق الأوسط وحدوث فوضى خلاقة تسعى إليها إسرائيل وأمريكا.
الحقيقة أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية ليست الأولى فى المنطقة، ولن تكون الأخيرة، طالما استمرت القضية الفلسطينية بدون حل، وهو ما حذرت منه مصر كثيرًا، وأكده الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مناسبات عدة، كان آخرها قبل أيام عندما أكد أن حل القضية الفلسطينية هو اساس استقرار المنطقة ومفتاح حل كل القضايا والمشاكل العالقة واحلال السلام والنمو لكل شعوب المنطقة، وطالما استمرت إسرائيل فى غطرستها واشعال الحروب، بقى الشرق الأوسط على فوهة بركان يمكن أن ينفجر فى أي لحظة، وهو أمر أدركته مصر وقيادتها السياسية مبكرًا، وأيقنت أن القوة تفرض وتحمى السلام وهذا ما سعت إليه مصر فى السنوات العشر الأخيرة عندما قررت أن تعيد تحديث مؤسستها العسكرية على شتى المستويات وأحدث الوسائل العالمية، من خلال تنويع مصادر السلاح وأصبحت تمتلك أحدث الأسلحة برًّا وبحرًا وجوًّا، وبات الجيش المصرى يصنف على أنه القوة الأعظم فى الشرق الأوسط وافريقيا، والحصن المنيع فى مواجهة كل المؤامرات والمخططات، وجعل مصر قادرة على رسم خطوط حمراء لأمنها القومى لا يستطيع أحد تجاوزه.
حفظ الله مصر