حقوقي: إسرائيل تشغل العالم بقضايا أخرى لتقويض فرص وقف الحرب على غزة

قال محمد ممدوح، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ورئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس، إن ما تقوم به إسرائيل لم يعد يُمكن وصفه بمجرد “انتهاكات”؛ ولكننا أمام ممنهجة مستمرة لترسيخ سياسة الإفلات من العقاب وتفريغ القانون الدولي الإنساني من مضمونه، مؤكدًا أن إسرائيل منذ عقود تتعامل مع القانون الدولي باعتباره مجرد وجهة نظر، وفي ظل الدعم السياسي لبعض القوى الكبرى، تحول هذا الانحراف إلى نموذج يُغري أطرافًا أخرى باستخدام العنف كوسيلة لحسم النزاعات دون محاسبة.
ولفت ممدوح، في تصريحه لـ"الوفد"، إلى أن الهجوم الأخير على إيران يُعد تطورًا بالغ الخطورة، حيث أقدمت إسرائيل على استهداف مباشر لدولة عضو بالأمم المتحدة خارج إطار تفويض أممي أو استجابة لعدوان مسلح واضح، وهو ما يخالف المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على احترام سيادة الدول وعدم اللجوء للقوة في العلاقات الدولية.
أما على صعيد الساحة الفلسطينية، أكد ممدوح أن هناك تأثير مزدوج لضرب إسرائيل لإيران، موضحًا أن هذا التصعيد يُستخدم فعليًا كأداة لصرف أنظار العالم عن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، كما أنه يُمكن لإسرائيل أن توظف هذا الهجوم سياسيًا لتبرير استمرار عدوانها على الفلسطينيين، تحت شعار “الدفاع الإقليمي” أو “مواجهة التهديدات متعددة الجبهات”، مؤكدًا أن ما يحدث في إيران الآن سيكون له انعكاسات كبيرة، وتأثير مباشر على الدفاع عن الحقوق العربية، وخاصًة الحق الفلسطيني، كما أن التمادي الإسرائيلي المدعوم من صمت دولي يُضعف قدرة الدول والشعوب العربية على حماية حقوقها المشروعة، والقضية الفلسطينية التي تُعد الركيزة الأخلاقية والتاريخية الأولى في الضمير العربي، يتم تهميشها لصالح أجندات أمنية آنية.
وأضاف: "نحن أمام شلل أخلاقي وقانوني في مجلس الأمن، وأصبح من الصعب أن يحتفظ بمكانته كجهة مسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين، بينما يُعجزه انقسام المصالح بين أعضائه الدائمين عن مجرد إصدار بيان إدانة لاعتداء واضح على سيادة دولة عضو بالأمم المتحدة، وأن الانهيار في آليات اتخاذ القرار يُفقد الثقة في جدوى النظام متعدد الأطراف، ويفتح المجال لصعود العنف كبديل عن القانون، أما الأمم المتحدة، فدورها لا يجب أن يُختزل في التصريحات الصحفية أو المواقف الرمزية، فهناك آليات دولية لم تُستخدم بعد، مثل التحقيقات المستقلة، والمساءلة أمام محكمة العدل الدولية، والضغوط السياسية الجماعية، مشددًا على أن المجتمع المدني عليه واجب في تفعيل هذه الآليات، وليس فقط رصد الأحداث.
أما على الجانب المصري، فأفاد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن مصر ليست في عُزلة عن هذا المشهد، حيث أصبحت الحدود الشرقية المصرية متاخمة لمنطقة ملتهبة بالكامل، ومع أي تصعيد إقليمي واسع، يكون هناك تهديد مباشر أو غير مباشر للاستقرار في سيناء، سواء عبر التهديدات الأمنية أو تدفقات النازحين أو ارتفاع وتيرة التوتر في معبر رفح، ولكن ما يميز الدولة المصرية هو إدارتها المتزنة والدقيقة للموقف، ورفضها الدائم للانجرار خلف الاستفزازات الإقليمية، مع تمسكها بثوابت الأمن القومي والسيادة الوطنية، مؤكدًا أن الدولة المصرية تتحرك على المستوى السياسي الدولي بشكل مسؤول لحماية مصالحها، والدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية أمن قومي، لا مجرد تعاطف سياسي أو إنساني.