كاريزما
المصريون لا يقرأون؛ ولا يعرفون رواد الفكر طه حسين والعقاد وسلامة موسى ومحمد مندور ولويس عوض وغيرهم ولا يعرفون الأجيال اللاحقة لهؤلاء؛ ولا حتى يسمعون أحاديثهم المسجلة؛ فمن أين يتعلم المصريون.. فى الماضى كانت قصائد أحمد شوقى وحافظ إبراهيم وعلى محمود طه وجبران خليل جبران وغيرهم تتحول إلى غناء بصوت محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وأم كلثوم وفيروز؛ وكانت الجماهير ترددها وتتعلم منها قيماً ومعانى وتركيبات لغوية راقية.
<< أما اليوم ومنذ أكثر من أربعين عاماً فقد تحول الغناء إلى مهزلة بكل المقاييس –إلا القليل منها– وحتى حينما أراد محمد عبد الوهاب إصلاح ما يمكن إصلاحه ولحن وغنى (من غير ليه) تصاعدت أصوات غريبة تحرم كلمات الأغنية وتضعها فى جداول الحلال والحرام..!.. وانطفأت الأغنية واختفى سيل من المعانى التى يمكن تضيف إلى هذا العالم الذى أفاد الناس وتحول إلى ركام من الفوضى على ألسنة ناس يتراقصون فوق المسارح ويغنون بلا أذواق ولا أصوات.
<< فهل هؤلاء هم قادة الفكر العربى الجديد؟
<< وكيف وصلوا وتسللوا إلى آذان الناس وأذواقهم حتى أصبحت المسارح مكتظة بشباب يرددون الأغانى بكل انسجام ومعايشة.. كل هذا يأتى مع غياب ورحيل كبار شعراء الأغنية وآخرهم الأبنودى ونجم وسيد حجاب. وكبار الملحنين عبدالوهاب وبليغ والأطرش.
<< فى الماضى كانت السينما تعتمد على روايات نجيب محفوظ ويوسف إدريس والحكيم وطه حسين وصولاً لجيل يوسف القعيد ومجيد طوبيا وصبرى موسى. اليوم أصبح للفن مفاهيم أخرى لأن رواد السينما تغيروا ولم يعد أحد فيهم يطلب فكرا؛ بل يطلبون تصوير المعارك بين عصابات تهريب المخدرات وبين الحارات الشعبية وغيرها؛ وبسبب هذه المفاهيم ضاعت مواهب كثيره فى التأليف والترجمة والإخراج والتمثيل.
<< ما يحدث يحتاج إلى دوائر بحث وتدقيق لمعرفة سبل الخروج من الأزمة؛ أعرف أن الدولة مشغوله بالقضايا السياسية الدولية؛ الا أننى أطالب الفنان الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة بتشكيل لجان تحليلية واستقصائية؛ للوصول إلى الهدف المثالى؛ الأمر يحتاج إلى جهود مكثفة وإلى وقت طويل؛ وان كان لا بد أن يصل الأمر إلى بر الأمان. وعودة ما يمكن أن يفيد الناس والوصول أيضاً إلى شكل يليق بمصر وتاريخها.