أزمة طيران عالمية على خلفية التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران

شهد قطاع الطيران العالمي اضطراباً واسع النطاق صباح الجمعة، إثر تصعيد عسكري مفاجئ تمثل في هجمات إسرائيلية على أهداف داخل إيران، ومع تصاعد التوترات، اضطرت العديد من شركات الطيران إلى تعليق رحلاتها أو تعديل مساراتها، في حين أغلقت عدة دول مجالاتها الجوية تحسباً لأي تطورات أمنية محتملة.
وقد بدأت سلسلة من الإغلاقات الجوية في منطقة الشرق الأوسط بعد أن شنت إسرائيل ضربات استهدفت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية إيرانية، ما تسبب في شلل مؤقت في حركة الطيران فوق أجواء كل من إيران، إسرائيل، العراق، الأردن، وسوريا، وبحسب بيانات موقع “فلايت رادار 24”، سارعت شركات الطيران إلى تحويل مسارات رحلاتها بعيداً عن مناطق النزاع حفاظاً على سلامة الركاب والطواقم.
أغلقت إسرائيل مطار بن غوريون في تل أبيب إلى أجل غير مسمى، ورفعت حالة التأهب القصوى لمنظوماتها الدفاعية تحسباً لهجمات إيرانية انتقامية. في المقابل، علّقت السلطات الإيرانية الحركة الجوية في مطار الخميني الدولي وأغلقت مجالها الجوي مؤقتاً. كما أغلقت كل من العراق والأردن مجالاتها الجوية، مما أثر على واحد من أهم الممرات الجوية الرابطة بين أوروبا والخليج وآسيا.
على صعيد الشركات، أعلنت “طيران الإمارات” تعليق رحلاتها إلى العراق، الأردن، لبنان، وإيران، وأدرجت قائمة بالرحلات الملغاة عبر موقعها الإلكتروني. كما سُجّل تأخير أو إلغاء بعض الرحلات في مطاري دبي الدولي ودبي وورلد سنترال.
في السياق ذاته، علّقت “الاتحاد للطيران” رحلاتها بين أبوظبي وتل أبيب، بينما أوقفت “فلاي دبي” رحلاتها إلى عمان، بيروت، دمشق، إيران، وإسرائيل، مع إعادة جدولة العديد من الرحلات الأخرى.
كما أعلنت “الخطوط الجوية القطرية” تعليق رحلاتها إلى إيران والعراق، بينما أصدرت إدارة الطيران المدني الكويتية تحذيرات حول إمكانية تأجيل أو إلغاء بعض الرحلات بمطار الكويت الدولي بسبب الإغلاقات الجوية الإقليمية.
من جهتها، حذّرت “طيران الخليج” من احتمال تأخير أو إلغاء بعض رحلاتها، فيما أوقفت “الخطوط الجوية السورية” جميع رحلاتها من وإلى الإمارات والسعودية مؤقتاً.
عالمياً، قررت شركة “لوفتهانزا” الألمانية تعليق رحلاتها إلى طهران وتل أبيب حتى نهاية يوليو، وإلى عمان، بيروت، وأربيل حتى 20 يونيو، كما تجنبت التحليق فوق أجواء الدول المتأثرة. القرار شمل أيضاً شركات: “سويس إير”، “أوستريان إيرلاينز”، “يورو وينغز”، “بروسلز إيرلاينز”، “إيتا إيرويز”، و”لوفتهانزا كارغو”.
في السياق ذاته، عدّلت “الخطوط الجوية الهندية” مسارات رحلاتها المتجهة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، بينما أعلنت شركات “إيروفلوت” الروسية، “إيجيان إيرلاينز” اليونانية، و”بيغاسوس” التركية تعليق أو إعادة جدولة العديد من رحلاتها إلى المنطقة، بما فيها إيران، العراق، والأردن. كما ألغت “كيه إل إم” الهولندية رحلاتها إلى تل أبيب حتى مطلع يوليو.
أما شركات الطيران الإسرائيلية مثل “العال”، “يسرائير”، و”أركيع”، فقد قامت بنقل طائراتها إلى مطارات خارج البلاد في إطار خطط الطوارئ، مع توجيه بعضها إلى قبرص وأوروبا. وفي تطور احترازي، استقبلت مطارات قبرص 32 رحلة قادمة من الشرق الأوسط تم تحويلها إلى مطاري لارنكا وبافوس.
تكشف هذه الأحداث عن حجم التحديات الجيوسياسية التي تواجه قطاع الطيران، حيث يؤدي إغلاق الأجواء إلى ارتفاع كبير في التكاليف التشغيلية نتيجة استخدام مسارات أطول عبر وسط آسيا أو شبه الجزيرة العربية، مما يزيد من استهلاك الوقود ويؤثر على جداول الرحلات وسلاسة الحركة الجوية.
ووفقاً لبيانات “يوروكنترول”، تعبر يومياً نحو 1400 رحلة أجواء الشرق الأوسط بين أوروبا وآسيا والخليج، ما يعكس التأثير الكبير لأي إغلاق مفاجئ في المنطقة.
في ظل هذه الاضطرابات، أصدرت عدة جهات تنظيمية تحذيرات عاجلة لشركات الطيران بضرورة اتخاذ “أقصى درجات الحذر”، بحسب موقع “سيف إير سبيس” المتخصص في تقييم المخاطر الجوية. كما دعت مطارات رئيسية كمطار زايد الدولي في أبوظبي ومطارات دبي المسافرين إلى متابعة تحديثات شركات الطيران باستمرار نظراً لإمكانية حدوث تغييرات مفاجئة.
ويرى محللون أن التصعيد المستمر قد يتسبب في اتساع رقعة الأزمة، ما قد يؤثر ليس فقط على قطاع الطيران، بل على قطاعات التجارة والنقل والاقتصاد العالمي بأسره. ومع استمرار حالة الترقب والاستنفار، تبقى الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مسار ومستقبل حركة الملاحة الجوية في المنطقة والعالم.