شهامة حتى الموت
مقتل شاب وإصابة شقيقه دفاعاً عن شرف ابنة عمهما فى بنها
«قتلوهم كأنهم فراخ».. والد الضحيتين يروى تفاصيل الحادث
فى قلب قرية مرصفا الهادئة، التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية، كتبت شهامة شقيقين فصلاً مأساوياً من فصول الدفاع عن الشرف، حين ضحّى أحدهما بحياته، ويصارع الآخر الموت، فقط لأنهما انتصرا لكرامة ابنة عمهما، التى تعرضت لمعاكسة مهينة أمام المارة بعد خروجها من لجنة الامتحان.
بدأت القصة حين استشاط «سمير محمد» غضباً بعدما علم أن أحد الشباب من أبناء القرية، ويدعى «عمرو»، قام بنزع غطاء رأس ابنة عمه عنوة أثناء سيرها فى الشارع، لم يقبل سمير، الذى كان على وشك إنهاء خدمته الوطنية، هذا الفعل المهين، فانطلق هو وشقيقه «أحمد» -الأب لطفلين- إلى منزل الجانى لمعاتبته، ومعرفة أسباب هذا السلوك المُهين.
لكن المعاتبة تحوّلت إلى كمين، إذ فوجئ الشقيقان بهجوم عنيف من المتهم ووالده وأربعة آخرين، مسلحين بأسلحة بيضاء (سكاكين، بلطة، ومطاوى) لتنتهى المواجهة بجريمة بشعة.
طُعن «سمير» طعنة قاتلة بالبلطة من والد المتهم، بينما تلقى «أحمد» طعنة فى رأسه وشُق ظهره حتى كاد يُفصل جسده نصفين، ليرقد الآن بين الحياة والموت داخل غرفة العناية المركزة.
داخل منزل متواضع تتقشر جدرانه من الفقر، جلس والد الشقيقين، رجل عجوز مبتور القدمين، عاجز حتى عن الحركة، يروى تفاصيل الكارثة والدموع لا تفارق وجهه، قال بصوتٍ مكسور: «قتلوا ولادى كأنهم فراخ، ابنى مات شهيد الرجولة، وكان هو اللى بيصرف عليا وأنا عاجز، وعايز القصاص العادل من قتلة أولادى».
الأم لم تكن أقل ألماً من الأب، تحدثت بمرارة عن فقدان ابنها البكر، قائلة: «راح فرحة عمرى، حياتى كلها انتهت بموت ابنى، والثانى بيموت قدامى فى العناية المركزة.. حسبى الله فيهم».
أما زوجة «أحمد»، فتحدثت بصوت مبحوح، يحمل ألماً لا يُوصف: «قتلوا زوجى وأخوه وكأنهم بيذبحوا فراخ، بطالب بالقصاص علشان أربى ولادى فى أمان».
شهادات الجيران أكدت أن الشقيقين معروفان بأخلاقهما العالية، وسيرتهما الطيبة، فى حين أن الجناة لهم سجل سيئ وارتباطات بتجارة المخدرات والسجون.
الجهات الأمنية، من جانبها، تمكنت من القبض على المتهم الرئيسى، وتواصل جهودها لضبط بقية الجناة، فيما باشرت النيابة العامة التحقيقات بعد تحرير محضر بالواقعة.
رحل «سمير» شهيداً للشهامة، فيما يخوض «أحمد» معركته الأخيرة للبقاء، ليبقى السؤال فى قلب كل من عرف هذه القصة:
كم من الأرواح يجب أن تُزهق كى نضع حداً لممارسات التعدى على الكرامة؟.

