رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

هدنة هشّة بين واشنطن وبكين تعيد تصدير المعادن النادرة وتترك الخلافات العميقة بلا حل

بوابة الوفد الإلكترونية

أعلنت واشنطن وبكين عن أنهما توصلتا إلى اتفاق إطارى لإعادة الهدنة التجارية بينهما إلى مسارها الصحيح ورفع القيود التى تفرضها الصين على صادرات المعادن النادرة، وذلك فى ختام يومين من المحادثات المكثفة التى جرت فى لندن، لكن الطرفين لم يقدما سوى إشارات محدودة بشأن التوصل إلى حل شامل للتوترات التجارية المستمرة منذ سنوات.

قال وزير التجارة الأمريكى هوارد لوتنيك إن الاتفاق يمثل اللحم على العظام لاتفاق تم التوصل إليه فى جنيف الشهر الماضى لتخفيف التعريفات الجمركية الانتقامية التى بلغت مستويات ساحقة تجاوزت الثلاثة أرقام، لكن اتفاق جنيف واجه عراقيل بعد استمرار الصين فى فرض قيود على صادرات المعادن الحيوية، وهو ما دفع إدارة ترامب إلى الرد بفرض ضوابط تصدير جديدة على برمجيات تصميم أشباه الموصلات والطائرات وغيرها من السلع إلى الصين.

وأشار لوتنيك فى تصريحاته بعد انتهاء المحادثات  إلى أن الاتفاق الأخير سيؤدى إلى رفع متبادل لبعض القيود على صادرات المعادن الأرضية النادرة والمغناطيس، وكذلك قيود تصدير أمريكية حديثة بطريقة متوازنة دون أن يوضح تفاصيل التنفيذ.

السياسات التجارية المتقلبة التى ينتهجها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تسببت فى اضطراب الأسواق العالمية، وزيادة الازدحام فى الموانئ الكبرى وتكبد الشركات خسائر بعشرات المليارات من الدولارات نتيجة انخفاض المبيعات وارتفاع التكاليف.

وفى هذا السياق خفّض البنك الدولى  توقعاته للنمو العالمى لعام 2025 بمقدار أربعة أعشار نقطة مئوية إلى 2.3 بالمئة محذراً من أن الرسوم الجمركية المرتفعة وحالة عدم اليقين المتزايدة تشكل رياحاً معاكسة تؤثر سلباً على معظم اقتصادات العالم وفقاً لرويترز.

ويأتى الاتفاق الجديد كمحاولة لإنقاذ اتفاق جنيف من الانهيار نتيجة تصاعد الإجراءات الانتقامية المتبادلة، لكنه لا يضع حلاً فعلياً للخلافات الجوهرية حول الرسوم الأحادية التى فرضها ترامب أو بشأن انتقادات واشنطن الطويلة للنموذج الاقتصادى الصينى المعتمد على التصدير والتخطيط المركزي.

من جانبه قال جوش ليبسكى المدير الأول لمركز جيو إيكونوميكس التابع للمجلس الأطلسى إن المفاوضين غادروا جنيف بوجهات نظر متباينة جوهرياً، وكانوا بحاجة إلى تحديد أوضح للإجراءات المطلوبة وأضاف: لقد عادوا إلى نقطة البداية لكن هذا أفضل بكثير من نقطة الصفر.

يمتلك الطرفان مهلة حتى العاشر من أغسطس للتفاوض على اتفاق أكثر شمولية لتقليل التوترات التجارية، وإلا فإن معدلات الرسوم الجمركية سترتفع تلقائياً من نحو 30 بالمئة إلى 145 بالمئة على الجانب الأمريكى، ومن 10 بالمئة إلى 125 بالمئة على الجانب الصيني.

فى الأسواق المالية، تعافت الأسهم العالمية من الخسائر الكبرى التى تكبدتها عقب إعلان ترامب عن تعريفات يوم التحرير فى أبريل، وهى الآن تقترب من مستويات قياسية، لكن رد فعل المستثمرين على الاتفاق كان حذراً، حيث ارتفع مؤشر MSCI الأوسع لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.57 بالمئة فى جلسة الثلاثاء.

وأضاف كريس ويستون رئيس الأبحاث فى شركة بيبرستون فى ملبورن إن الشيطان يكمن فى التفاصيل وعدم وجود رد فعل قوى يعنى أن الأسواق توقعت هذه النتيجة، وأضاف التفاصيل ستكون حاسمة خاصة فيما يتعلق بحجم المعادن النادرة المسموح بتصديرها إلى الولايات المتحدة وحرية حركة الرقائق المصنعة أمريكياً نحو آسيا لكن طالما بقيت نبرة الحوار بناءة فستظل الأصول عالية المخاطر مدعومة.

فى الصين بدأت تظهر إشارات التخفيف حيث أعلنت عدة شركات مدرجة فى بورصة شنتشن من بينها JL MAG Rare-Earth وتكنولوجيا إينوفو وبكين تشونغ كى سان هوان عن أنها حصلت على تراخيص تصدير جديدة من السلطات الصينية.

تتمتع الصين باحتكار شبه كامل لإنتاج مغناطيسات الأرض النادرة المستخدمة فى محركات السيارات الكهربائية وقرارها فى أبريل بتعليق صادرات واسعة من هذه المعادن أدى إلى اضطراب عميق فى سلاسل التوريد العالمية.

وردت الولايات المتحدة فى مايو بوقف شحنات من برمجيات تصميم أشباه الموصلات والمواد الكيميائية ومعدات الطيران إضافة إلى إلغاء تراخيص تصدير سابقة.

فى هذا السياق حذرت رئيسة البنك المركزى الأوروبى كريستين لاجارد خلال زيارة نادرة إلى بكين من أن إنهاء الحرب التجارية سيتطلب تعديلات سياسية من جميع الأطراف المعنية لتجنب أضرار اقتصادية متبادلة واسعة النطاق.

وأظهرت بيانات الجمارك الصينية الصادرة سابقة أن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة تراجعت بنسبة 34.5 بالمئة فى مايو وهو أكبر انخفاض منذ تفشى جائحة كوفيد. 

ورغم أن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم وسوق العمل الأمريكى لا يزال محدوداً حتى الآن إلا أن تداعياتها طالت ثقة الشركات والأسر كما أن الدولار الأمريكى يواجه ضغوطاً متزايدة.

وفى الوقت نفسه وجهت دول مثل الصين والمكسيك والاتحاد الأوروبى واليابان وكندا إلى جانب شركات عاملة فى مجالى الطيران والفضاء رسائل إلى إدارة ترامب تطالبها بعدم فرض تعريفات جديدة للأمن القومى على الطائرات التجارية وأجزائها وفقاً لوثائق نشرت يوم الثلاثاء.

وبعد وقت قصير من إعلان الاتفاق الإطارى أصدرت محكمة الاستئناف الأمريكية قراراً يسمح باستمرار سريان الرسوم الجمركية الشاملة التى فرضها ترامب بينما تتم مراجعة قرار محكمة أدنى اعتبرت تلك الرسوم تجاوزا للسلطة التنفيذية.

ويمثل هذا القرار نقطة ضغط مستمرة على بكين، إذ إن التعريفات المتبادلة بنسبة 34 بالامئة التى علقها ترامب مؤقتاً كانت سبباً رئيسياً فى تصعيد النزاع التجارى بين أكبر اقتصادين فى العالم.