فاكهة "الكامو كامو".. كنز غذائي لا يعرف طريقه إلى الزراعة المصرية

في ظل التوسع الملحوظ الذي تشهده مصر في زراعة المحاصيل الاستوائية، تبقى فاكهة "الكامو كامو" (Camu Camu) غائبة عن المشهد الزراعي المحلي، رغم ما تحمله من فوائد صحية جعلتها تحتل مكانة متميزة في صناعة المكملات الغذائية حول العالم، خصوصًا في مجالات مكافحة السمنة وتعزيز صحة القلب.
ما هي الكامو كامو؟
تنمو فاكهة الكامو كامو على شجرة معمّرة موطنها الأصلي غابات الأمازون في كل من بيرو والبرازيل. وتُنتج ثمارًا صغيرة الحجم تشبه الكريز، وتتميّز بتركيبة غذائية فريدة تجعلها من أغنى المصادر الطبيعية بفيتامين C، بالإضافة إلى احتوائها على مضادات أكسدة قوية ومركبات فعالة تساهم في تحسين الصحة العامة.
لماذا لم تُزرع في مصر حتى الآن؟
رغم التغيّرات المناخية التي دفعت مصر نحو تجربة زراعة محاصيل استوائية مثل المانجو والبابايا والدراغون فروت، إلا أن الكامو كامو ما تزال تواجه عقبات كبيرة تحول دون زراعتها محليًا:
اشتراطات مناخية صارمة: تحتاج هذه الفاكهة إلى بيئة شديدة الرطوبة، وهطول أمطار غزيرة على مدار العام، بالإضافة إلى تربة مشبعة بالمياه، وهي ظروف لا تتوفر في المناخ المصري الجاف بطبيعته.
احتياج مائي مرتفع: تتطلب الكامو كامو نظام ري يُحاكي الفيضانات الموسمية، الأمر الذي يصعب تنفيذه في ظل أزمة المياه التي تواجهها مصر، خاصة مع توجه الدولة نحو ترشيد الاستهلاك واستخدام نظم ري حديثة أكثر كفاءة.
نُدرة الشتلات وارتفاع تكلفة الاستيراد: تُعد شتلات الكامو كامو نادرة عالميًا، ويصعب الحصول عليها بسهولة، ما يجعل زراعتها خيارًا مكلفًا لا يقدر عليه إلا عدد محدود من المستثمرين الزراعيين.
ضعف الوعي المجتمعي: لا تزال الكامو كامو فاكهة غير معروفة على نطاق واسع لدى المستهلك المصري، مما يقلل من الإقبال عليها، ويجعلها أقل جاذبية تجاريًا.
فوائد صحية مذهلة
رغم صعوبة زراعتها، فقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة القيمة الغذائية العالية لهذه الفاكهة، حيث أظهرت نتائج واعدة في مجالات عديدة:
مكافحة السمنة: أشارت تجارب إلى أن مستخلص الكامو كامو يساعد في خفض الوزن وتقليل دهون الكبد، خاصة عند تناولها ضمن نظام غذائي عالي الدهون.
دعم صحة القلب: تحتوي على مركبات طبيعية تحسّن من الدورة الدموية وتقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب المزمنة.
فيتامين C بتركيز عالٍ: تحتوي على كميات تفوق تلك الموجودة في الكيوي بـ 20 إلى 30 مرة، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لتقوية المناعة.
محاربة الجذور الحرة: تعمل مضادات الأكسدة القوية فيها على تقليل احتمالية الإصابة بأمراض مثل السرطان وألزهايمر.
تحسين المزاج والصحة النفسية: تسهم في تقليل التوتر وتحسين التركيز وصفاء الذهن.
تقوية اللثة والأنسجة الفموية: تُعتبر فعالة في الوقاية من أمراض اللثة ومكافحة الالتهابات الفموية.
بين الفوائد والتحديات
في الوقت الراهن، تبقى فاكهة الكامو كامو ضمن قائمة "الفرص الضائعة" للزراعة في مصر، رغم إمكانياتها الواعدة. ورغم توفرها في الأسواق العالمية على شكل مكملات غذائية، فإن الاستفادة منها محليًا لا تزال محدودة.
وإذا ما تم توفير بيئة ملائمة أو تطوير نظم زراعية مبتكرة لمحاكاة ظروفها الطبيعية، فقد تكون الكامو كامو إضافة ثمينة إلى سلة الفواكه ذات القيمة العالية في مصر، سواء على الصعيد الصحي أو الاقتصادي.