رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الزاد

فى خطاب تكليف الحكومة، لم يضع الرئيس عبدالفتاح السيسى مجرد قائمة بالأولويات، بل سلّمها أمانة من أثقل ما يمكن أن يُحمّل على عاتق دولة، بناء الإنسان المصرى.
ولأن الرئيس لا يرى فى هذا الملف مشروعًا وقتيًّا أو خطة خمسية عابرة، بل رسالة وطنية وإنسانية، فإن من يتولون تنفيذ هذا التكليف لا بد من أن يكونوا من طراز خاص، مسئولين يؤمنون بأن رسالتهم ليست إدارة وزارة، بل غرس بذور نهضة حقيقية فى عقل ووجدان الإنسان المصرى.
الحديث عن بناء الإنسان ليس رفاهية، بل ضرورة مصيرية. كيف يمكن لوطن أن ينهض واقتصاده يتقدم، بينما عقله الجمعى مثقل بالتشوش، وسلوك أفراده محاصر بالفوضى؟
بناء الإنسان يبدأ من التعليم، نعم، لكن لا يكفى أن نبنى مدارس، بل نحتاج إلى أن نعيد للمُعلم مكانته، وللطالب احترامه للمعرفة.
نحتاج ثقافة تُعيد تشكيل الذوق، وتفتح النوافذ أمام النور. نحتاج إعلامًا يُربى الوعى، لا يُسهم فى تشويهه. نحتاج خطابًا دينيًا يحرر العقول لا يُقيدها، ويقود إلى المحبة لا الفرقة.
الأمر لا يتعلق فقط ببناء مدرسة أو مستشفى، بل ببناء عقل قادر على التفكير، ونفس قادرة على الاختيار، وسلوك يعرف الفارق بين الحق والمصلحة، وبين الصواب والمكسب.
بناء الإنسان هو أن تجد وزير التعليم يرى نفسه مربيا قبل أن يكون إداريًّا، وأن ترى وزير الثقافة يحمل حلم كل مثقف، بناء الإنسان نجده فى كل كتاب يُطبع، وكل مسرح يُعاد فتحه، وكل موهبة تُكتشف. أن يكون الوزير ملهما لكل مبدع يهيئ للجميع أجواء الإبداع، أن تجد من يتولى ملف الإعلام لا يكتفى بنشرة أخبار، بل يصوغ وعيًا عامًّا يقاوم التزييف ويواجه الفوضى. أن تدرك وزارة الشباب أن الملاعب وحدها لا تكفى، بل لا بد من مساحات للمواهب، ومسارات لاكتشاف الذات.
نحن لا نحتاج وزراء ينفذون فقط، بل من يؤمنون، يعايشون، ويشعرون بأن ما يفعلونه يُكتب فى ميزان هذا الوطن، أو يُخصم منه. نحتاج مسئولًا ينزل إلى الناس لا ليأمرهم، بل ليفهمهم. نحتاج رؤية تمتد لسنوات، تؤمن بأن بناء الإنسان يبدأ من الروضة ولا ينتهى عند التقاعد، ويعلم أن تغيير وتمديد العقل والفكر أصعب من رصف طريق.
خطاب تكليف الحكومة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، لم يكن ورقة توجيه، بل دعوة صريحة، ابنوا إنسانًا يليق بمصر.. بماضيها العريق، وحاضرها الصلب، ومستقبلها الواعد.
هذه ليست مسئولية وزير واحد، بل حكومة كاملة، تتعامل مع كل قرار على أنه جزء من عملية تشكيل وعى، وصناعة سلوك، وترسيخ قيم.
قد يكون بناء الجسور والطرق أسهل كثيرًا من إعادة بناء الذوق والعقل، لكنه هو الطريق الوحيد لوطن لا يريد فقط أن يعيش، بل أن يستحق الحياة.
عندما تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن «بناء الإنسان المصرى»، لم يكن يلقى خطابًا تقليديًّا أو يعلن عن خطة عمل وزارية قابلة للتعديل أو التأجيل، بل كان يتحدث عن رسالة مصير، عن إعادة ترميم ما تآكل فى الشخصية المصرية عبر سنوات من التراجع فى التعليم، وانهيار منظومات القيم، وضياع القدوة.
إن بناء الإنسان لا يتم بتوقيع بروتوكول، ولا ينتهى بإطلاق مبادرة، بل يبدأ حين يؤمن من يتصدرون المشهد التنفيذى بأن مهمتهم ليست إدارة ملفات، بل غرس بذور فى عقول وقلوب ملايين المصريين. 
بناء الإنسان المصرى ليس مشروعًا كما قال الرئيس، بل هو رسالة. والرسائل لا يحملها إلا من صدقوا، وآمنوا، ليواجهوا الجهل بالحب والصدق والنور.
وعلى الحكومة التى مر على تكليفها قرابة العام تقريبا ألا تتعامل مع ملف بناء الإنسان كأنه بند فى تقارير الأداء أو جزء من خطة اقتصادية.
فأنتم لا تديرون وزارة فحسب، بل تحملون رسالة تغيير حضارى.
اجعلوا من مدارسنا مصانع للعقول، ومن مؤسساتنا الثقافية منابر للوعى، ومن إعلامنا مرآة نقية لا مشوشة، ومن الرياضة وسيلة لبناء الشخصية لا فقط لحصد البطولات.
وعلى المواطن المصرى، أن يعى أنه شريك فى هذه الرسالة. بحسن توجيه أبنائه.
بناء الإنسان المصرى ليس حلم رئيس، بل مسئولية أمة. ولن نستحق المستقبل إلا إذا شيدناه داخل عقولنا أولًا.
بناء الانسان أنت تبنى عقلًا حرًّا، أنت لا تفتتح مسرحًا فحسب، بل تفتح نافذة للنور، وترمم ذوقًا وتهذب مشاعر.
أنت تغوص فى أعماق الناس، فتُعيد ترتيب المفاهيم، وتغسل العقول من شوائب السطحية، وتنزع من القلب غبار السلبية، وتضع مكانه بذور الانتماء والتقدم.