للوطن وللتاريخ
بكل بساطة، استطاع الشاعر الكبير فاروق جويدة تشخيص الحالة السياسية والثقافية الموجودة في مصر الآن خلال استضافته أمس، الاثنين مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه "الحكاية"، حيث لم تقتصر آراء وتصريحات الشاعر الكبير على مواطن الخلل بقدر ما تحدث عن آلية المعالجة للحالة الثقافية الآن.
والمؤكد أن عصر التكنولوجيا الذي نعيشه الآن، واستحداث العديد من التطبيقات الخاصة والبرامج الحديثة والذكاء الاصطناعي، لايجب تركه على النحو الذي نراه الآن، بل يجب مواجهته برؤية علمية ثقافية تستطيع ذكر الحقائق، ونشر الثقافة بدلاً من الاعتماد كلية على المعلومات المدونة في صفحات الإنترنت والتي يتم التسليم بها من قبل الأجيال الجديدة التي لا تنشغل بالتأكد من المعلومات التي تتلقاها بين الحين والآخر.
والغريب في الأمر أن كل هذا يحدث في الوقت الذي تتراجع فيه دور وزارة الثقافة في نشر الثقافة والمعرفة وتذليل العقبات أمام وصول الكتب العلمية والموثقة إلى أيدي الشباب ومختلف الطبقات، ولعل أكبر دليل على ذلك موقف الوزارة تجاه قصور الثقافة في كل محافظات مصر الآن، وعدم التفكير في عودة معارض الكتاب في بعض المحافظات.
والحديث هنا يأخذنا إلى أن معرض الكتاب بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ الذي توقف منذ قرابة 7 سنوات بالرغم من إحداث طفرة جيدة بين أهالي المدينة والقرى المجاورة، بل والمحافظات المجاورة أصبح في طي النسيان، سواء من الوزيرة السابقة الدكتورة إيناس عبد الدايم، أو الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة الحالي، وكذلك موقف رئيس الهيئة العامة للكتاب في هذا الصدد.
لقد تحدث الشاعر الكبير فاروق جويدة في كل شئ يهم أو يشغل كل سياسي ومثقف وفنان وكل مهتم بالقوة الناعمة لمصر، من حيث الأدب والسياسة والإعلام والفن والثقافة، لدرجة جعلت الشاعر الكبير نفسه يشعر بأنه تحدث في أمور كثيرة تشعره بالخجل والحزن، ليرد عليه الإعلامي عمرو أديب في نهاية الحوار قائلاً "وأنا أشاركك أحزانك".
كما تحدث الشاعر الكبير عن الذين يوزعون "صكوك الوطنية" على غيرهم، وهو أمر في غاية الخطورة، لأننا في وقت نحتاج فيه إلى التكاتف وإدراك المخاطر التي تحيط بالبلاد والعباد، وحدود مصر الملتهبة بسبب حالة التوتر في المنطقة، وخاصة دول الجوار، مع اليقين الكامل بأن الشعب المصري وقت الأزمة يكون له شأن آخر ويسانده المعارضون للسياسات قبل المؤيدين لها، إيمانًا بأن "المعارضة أثناء الحرب خيانة"، في ظل سياسة مصر الخارجية التي نتابعها ونقدر جهودها يوميًا.
إن حديث الشاعر الكبير فاروق جويدة كان معبرًا عما يدور في صدور الكثيرين، خاصة فيما يتعلق بسعى البعض للتقليل من شأن شخصيات دينية بارزة مثل خالد بن الوليد، وصلاح الدين الأيوبي، في وقت نرى فيه مسارات القضية الفلسطينية على النحو الذي نراه، وكأن هدف هؤلاء قتل كل أنواع الدفاع والمقاومة لصالح الدين والمقدسات والقضية الفلسطينية والحماس لها، وقتل مجرد التفكير في خروج شخصيات من أمثال القادة العظام.
خلاصة القول. أنه لابد للمؤسسات المعنية بالقوة الناعمة لمصر أن تعود لما صرح به الشاعر فاروق جويدة، وأن تعمل على معالجة مواطن الخلل، ومواجهة العابثين بقوة مصر الناعمة في الأدب والفكر والثقافة والفن والسياسة والتعليم.حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء، وللحديث بقية إن شاء الله.