وسط توقعات بمزيد من التراجع .. غموض مصير صغار المستثمرين بعد تخفيض الفائدة

لاشين: الشهادة البلاتينية و صناديق الاستثمار بدائل امنة
الغايش:لابد من الاتجاه إلي طرق استثمارية أخري
حسين:الاستثمار هو طوق نجاة المال من التاَكل
فى زمن الضغوط الاقتصادية، ومع تفكير الأسر المصرية وصغار المستثمرون الاتجاه نحو الادخار فى البنوك من خلال شهادات الاستثمار، جاء البنك الأهلى المصرى، بقرار تعديل أسعار الفائدة على شهادات الادخار، وتخفيضها الأمر الذى جعل صغار المستثمرين يبحثون عن أفضل الطرق لاستثمار مدخراتهم المحدودة لتحقيق أعلى عائد ممكن، خاصة فى ظل تراجع العوائد على بعض الشهادات الادخار.
ويذكر أنه فى الأيام القليلة الماضية، أعلن البنك الأهلى المصرى عن إيقاف إصدار الشهادات البلاتينية السنوية بكل دوريات صرف العائد، بدءًا من 27 أبريل 2025، كما خفض العائد على الشهادات البلاتينية لمدة 3 سنوات بنسبة 2%، وذلك استجابةً لقرار البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة بمقدار 2.25%، وتأتى هذه الخطوة فى إطار مواكبة التغيرات فى السياسة النقدية، مشيرًا إلى أن العائد على الشهادات ذات العائد المتغير انخفض أيضًا بنسبة 2.25%.
قرارات البنك المركزى
وجدير بالذكر، قيام البنك المركزى المصرى، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية الثانى لهذا العام، خفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات من أعلى مستوى تاريخى لها، متوافقًا مع التوقعات، وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 225 نقطة أساس، ليصل سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى إلى 25% و26% و25.5%، على الترتيب. كما قررت خفض سعر الائتمان والخصم بواقع 225 نقطة أساس ليصل إلى 25.50%.
وأوضح البنك المركزى، أن خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 225 نقطة أساس يُعد «مناسبًا للحفاظ على سياسة نقدية ملائمة تهدف إلى ترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولى المتوقع للتضخم»، مشيرًا إلى أن الأداء الشهرى لمعدل التضخم منذ بداية العام «بدأ فى الاقتراب من نمطه المعتاد تاريخيًا، ما يشير إلى تحسن توقعات التضخم»، متوقعًا أن يستمر التضخم فى الانخفاض خلال عامى 2025 و2026، «وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من 2025».
وفى الوقت نفسه، ألمح البنك المركزى المصرى إلى أن توقعات التضخم عُرضة لمخاطر صعودية «فى ظل احتمال تجاوز إجراءات ضبط المالية العامة تأثيرها المتوقع، فضلًا عن حالة عدم اليقين بشأن تأثير الحرب التجارية الصينية الأمريكية الحالية والتصعيد المحتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية».
وبعد الطامة الكبرى التى صفعت وجه الأسر المصرية وصغار المستثمرون بسبب هذا القرار، وضع بعض خبراء الاقتصاد، آراءهم وتوجهاتهم فى الخروج من عنق زجاجة قرار البنك المركزى.
تقييد صغار المستثمرين
حسام الغايش، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، أكد فى بادئ المر، أن قرار خفض أسعار الفائدة من قِبل البنك المركزى له آثار متعددة على الاقتصاد، وكل فئة من المستثمرين أو المواطنين سيتأثر بطريقة مختلفة، والمستفيد الأول من هذا القرار هم القطاع الخاص والشركات، وذلك لأن خفض الفائدة يقلل تكلفة الاقتراض، ما يشجع الشركات على التوسع والاستثمار، وهذا شيء إيجابى للنمو الاقتصادى، بالإضافة إلى تقليل أعباء خدمة الدين العام، كما أن المقترضين سواء كانوا (أفرادًا أو شركات) أو لديها نية الاقتراض، ستستفيد من خفض تكلفة التمويل.
أما عن صغار المستثمرون، أوضح «الغايش» أن أنظارهم ستتجه نحو البورصة والعقارات، وذلك لأن خفض الفائدة يقلل من جاذبية الاستثمار فى أدوات الدخل الثابت (مثل الشهادات البنكية)، والبدائل هى البورصة التى ستشهد جذبًا لرءوس أموال، خاصة مع توقعات أن الشركات تستفيد من تيسير السيولة، والعقارات التى تظل ملاذًا آمنًاا تقليديًا فى مصر، ولكن العائد عليها يعتمد على التوقيت والموقع. ممكن تشهد حركة أقوى لو الفائدة استمرت فى الانخفاض، ولا ننسى الذهب الذى بات يعتبره البعض وسيلة للتحوط، خاصة فى ظل التغيرات السريعة فى السياسة النقدية بالإضافة إلى الأحداث العالمية والتى تؤثر على أسعاره عالميًا.
ولفت الخبير الاقتصادى، إلى أن أصحاب الشهادات ذات العائد المرتفع 27% أو 21%، سيكون وضعهم كالآتى: استفادوا بعوائد ممتازة خلال الفترة الماضية، لكن مع قرب نهاية آجال شهاداتهم، ومع اختفاء هذه العوائد من السوق، أمامهم الآن قرارات مهمة، منها تنويع الاستثمار بجزء فى شهادات جديدة (ولو بعائد أقل، لكنها آمنة)، وجزء فى البورصة (يفضل أسهم شركات قوية ماليًا وذات توزيعات أرباح)، وجزء فى الذهب كتحوط، أما إذا كان رأس المال كبيرًا، هنا يجب التفكير فى مشروع صغير أو شراء عقار استثمارى، وهناك أيضًا الصناديق الاستثمارية، مثل صناديق استثمار فى الأسهم أو الدخل الثابت أو المتوازنة، حسب درجة تحمل المخاطر، أو الاستثمار الذاتى أو المشاريع الصغيرة، خاصة أنه فى ظل تراجع العوائد البنكية، المشاريع الصغيرة المدروسة قد تكون أفضل وسيلة لتنمية رأس المال.
تآكل المال
وتحدث الدكتور ياسر حسين سالم الخبير الاقتصادى والمالى، عن طرق استثمار المصريين فى ظل ارتفاع الذهب وخفض فوائد البنوك قائلًا: «ارتفعت أسعار الذهب بشكل كبير ملاحظ فى مصر خلال الربع الأول والثانى من عام 2025، وبعد تلك الارتفاعات انخفضت القوة الشرائية للمصريين على الذهب بعد ارتفاعه التاريخى، ثم قامت البنوك بتخفيض أسعار المنتجات البنكية من شهادات الاستثمار المختلفة والمتنوعة عقب قرار أبريل الجارى 2025 للبنك المركزى بتخفيض أسعار الفائدة، كما شهد الاقتصاد المصرى استقرارًا فى أسعار العملات الأجنبية على مدار عام كامل، لم يشهد أى قفزات فى أسعار النقد الأجنبى، ما حقق مكسبًا كبيرًا للمستثمر فى النقد الأجنبى، وأمام كل تلك التغيرات يقع كثير من المستثمرين المصريين فى حيرة توجية استثمارات أموالهم وخاصة أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، ولقد عانى المصريون خلال الفترة السابقة من التضخم وتعرضت مدخرات الكثيرين منهم للتآكل والانكماش، وواجبًا خلال الفترة القادمة توجيه تلك المدخرات للاستثمار، فالدور الأساسى للاستثمار هو الحفاظ على قيمة النقود وعلى القوة الشرائية للعملة الوطنية أو العملة الأجنبية المدخرة، فى ظل موجة التضخم المحلية والعالمية المعاصرة.
وتابع «سالم»، إلى أن الاستثمار هو طوق نجاة المال من التآكل حتى لا يصبح المال استثمارًا غارقًا، فهو الخطوة الصحيحة إلى بناء الثروة والأمان المادى والاستقلال المادى وحماية المال من التضخم المعاصر وحماية رؤوس الأموال، لذا وجب تنويع الاستثمار خلال الفترة القادمة بالتحديد، معللًا أن السبب هو الارتفاعات التاريخية فى أسعار الذهب، وانخفاضات فى أسعار شهادات الاستثمار، واستقرار فى أسعار النقد الأجنبى للعملات الأجنبية كمصدر للاستثمار، لذلك لا بد من الاتجاه إلى صور استثمارية أخرى بدلا عن تلك الاتجاهات.
طرق الاستثمار
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن طرق الاستثمار المختلفة هى الاتجاه إلى محفظة أسهم متنوعة، والاستثمار فى سوق الأسهم فى البورصة المصرية، وبالنسبة للمواطن المتحوط والمتحفظ وقليل الخبرة فى الأعمال والأشغال فعلية اختيار الاستثمار الأكثر أمانًا فى شهادات الاستثمار البنكية سواء بالعملة المحلية أو بعملات أجنبية، وللمواطن صاحب رءوس الأموال المتوسطة، يجب عليه الاستثمار فى العقارات على اختلاف أنواعها سكنية أو تجارية أو ترفيهية مثل الشاليهات بالمصايف، أما لمن لديه وفرة مالية كبيرة، يمكن الاستثمار فى الذهب كملاذ آمن تاريخى، سواء ذهب مشغول أو سبائك مختلفة الوزن والقيمة، ولا ننسى الاتجاه إلى الاستثمار فى الصكوك أو فى السندات، أو توجيه الاستثمار فى مشروع خاص متناهى الصغر أو صغير أو متوسط أو كبير أو الدخول فى شراكة فى مشروع مع آخرين وهذا جيد لكل المستثمرين.
ولفت إلى أنه يمكن الاتجاه إلى الاستثمار فى الأراضى، أراض زراعية أو أراضٍ صالحة للبناء، أو أرض صناعية وخاصة أصحاب رؤوس الأموال، أما عن مستثمري الريف والقرى والأقاليم يمكنهم الاستثمار فى شراكة تربية مواشى أو تربية دواجن، أو مناحل عسل أو استزراع سمكى، وهذا الاستثمار منتشر بالريف المصرى فى الوجه البحرى والقبلى والأقاليم، والابتكار فى الاستثمار والاستثمار بالشراكة فى مشروعات التعليم مثل المدارس الخاصة والمعاهد الخاصة والجامعات الخاصة، أو الاستثمار فى شراكة وسائل نقل الطلاب أو التلاميذ من خلال الباصات.
ونوه إلى أنه يمكن أيضًا الاستثمار فى النفس والقدرات الشخصية، وذلك بالاستثمار البشرى فى النفس بالتعليم والتعلم وتطوير الذات، ومجالات تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى وهى مجالات واعدة للاستثمار فى النفس، ويمكن أيضًا الاستثمار فى النفس بالتعليم وبالتعلم وتطوير ملكات وقدرات النفس باتقان مجال أو خبرة فى تخصص ومهارة فى عمل، مثل ماكينات الخياطة لأصحاب القدر البسيط من التعليم، أو مجال الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى للمتعلمين وهى مجالات واعدة، وعائد هذا الاستثمار على الإنسان بكل تأكيد عائد هادف من ذلك التوجه الاستثمارى، ويحقق أفاقًا افضل فى العمل، وفى الداخل وفى العائد الشخصى والاجتماعى للفرد ولأسرته ولمجتمعة ولوطنه، فمن يقوم بالاستثمار فى أى صورة استثمارية ممكنة يحمى وينمى ويطور رأس ماله.
(الاستثمار فى العقار)
وفى نفس السياق، أوضحت مروة لاشين، الخبيرة الاقتصادية، أنه بعد القرارات الجديدة، أصبحت الشهادة البلاتينية لمدة 3 سنوات هى الخيار المتاح للمستثمرين، وتقدم عائدًا متدرجًا كالتالى: السنة الأولى: عائد 30% سنويًا، السنة الثانية: عائد 25% سنويًا، السنة الثالثة: عائد 20% سنويًا، كما يمكن للمستثمرين ذوى الميزانيات المحدودة النظر فى خيارات أخرى مثل شهادات الادخار ذات العائد الثابت من بنوك أخرى، والتى قد تقدم عوائد تتراوح بين 22% إلى 27%، أو شهادات الادخار قصيرة الأجل 6 أشهر أو سنة لتحقيق سيولة سريعة، أو الاستثمار فى صناديق استثمار البنوك ذات المخاطر المنخفضة، أو الادخار من خلال حسابات التوفير ذات العوائد الشهرية.
ولفتت إلى أن الاستثمار فى العقار سواء أرضًا أو شققًا من أفضل الاستثمارات، نظرًا لارتفاع السعر مع مرور الوقت، كما أنَّه يمكن تأجيرها والحصول على تدفق نقدى شهرى دون متاعب أو نفقات، وبالتالى فى هذه الحالة يتم تحقيق ميزتين وهما امتلاك أصل يرتفع ثمنه مع الوقت والحصول منه على عائد شهرى أو سنوى فى حالة تأجيره.
(الاستثمار فى الذهب )
كما أن الاستثمار من خلال المعادن، أو الذهب بشكل عام، خاصة أن المعادن الأخرى لا تلق نفس الرواج والشهرة التى يتمتع بها المعدن الأصفر، فالأخير حقق مكاسب هائلة منذ جائحة كورونا العالمية، وفى ظل ارتباك الأسواق الدولية، والشك فى معدلات النمو والتعافى، وإذا كنت من هواة الاستثمار فى المعادن، فعليك شراء السبائك أو الجنيهات الذهبية، بدلا من المشغولات التقليدية، التى غالبًا ما تفقد جزءًا من أسعارها، نتيجة تكاليف التصنيع، وكذلك عليك الاحتفاظ بالذهب لأكبر وقت ممكن، فهذه أداة استثمارية للاحتفاظ لا المقامرة أو المكسب السريع.
واختتمت كلامها قائلة: «هناك أدوات استثمارية أخرى يمكن للمواطن العادى أن يوظف من خلالها مدخراته، مثل الودائع والسندات ذات العائد المتغير، كما يوجد صناديق الاستثمار، سواء كانت صناديق أسهم أو سندات أو مختلطة، فرصة لتنويع الاستثمار بإدارة محترفة وبتكاليف معقولة، أو صناديق الاستثمار العقارى (REITs): تتيح للمستثمرين الاستفادة من سوق العقارات بعوائد دورية دون الحاجة إلى شراء وإدارة العقارات بشكل مباشر، كما يمكن البحث عن أدوات دخل ثابت أخرى غير الودائع التقليدية، مثل الصكوك (الأدوات المالية الإسلامية المشابهة للسندات) التى قد تقدم عوائد تنافسية، كما يمكن إعادة هيكلة الديون بالنسبة للمستثمرين الذين لديهم قروض، قد يكون هذا هو الوقت المناسب لإعادة التفاوض على شروط القروض أو البحث عن خيارات لإعادة التمويل بأسعار فائدة أقل، مما يوفر عليهم جزءًا من الأعباء المالية.