يسري جبر: النبي لم تبدأ نبوته في سن الأربعين

أكد الدكتور يسري جبر، الداعية الإسلامي وأحد علماء الأزهر الشريف، أن نبوّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم تبدأ في سن الأربعين كما هو شائع، بل تعود إلى ما قبل خلق آدم عليه السلام، مستندًا إلى الحديث الشريف: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد".
وقال يسري:"من الخطأ الشائع الذي يُدرَّس للأطفال والناس أن نبوّة النبي بدأت في سن الأربعين، بينما الحقيقة أن النبوة ظهرت في الأرض بهذا السن، لكنها لم تبدأ فيه."
وأضاف يسري:"النبي صلى الله عليه وسلم كان نبيًا بروحه قبل خلق الخلق أجمعين، لأن روحه كانت أول المخلوقات، وهو القائل عن نفسه: (كنت نبيًا وآدم في طينته)."
وأوضح أن النبوة لا تبدأ بسن أو عمر، بل "هي حالة روحانية سبقت الوجود الأرضي، والنبي كان فاتحًا وخاتمًا للأنبياء، مما يدل على أسبقية نبوّته زمنًا ومقامًا."
وأشار جبر إلى أهمية تصحيح هذه المعلومة في المناهج والدروس الدينية، قائلًا:"من الواجب أن نعلّم أبناءنا أن مقام النبوة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ليس مرتبطًا فقط بسن الأربعين، بل هو مقام أزلي سابق للخلق."
وبحسب ما ورد في كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير، وتحت عنوان "باب كيفية بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ"، فإن أول نزول للوحي كان حين بلغ النبي ﷺ الأربعين من عمره. لكن هناك من أهل العلم من نقل روايات أخرى، كابن جرير الطبري عن ابن عباس وسعيد بن المسيب، بأن عمر النبي ﷺ وقتها كان ثلاثًا وأربعين سنة.
وقد روى الإمام البخاري في صحيحه حديثًا طويلًا عن عائشة رضي الله عنها، تروي فيه أول لحظات الوحي:"أول ما بدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّب إليه الخلاء... حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ..."
وتتابع الرواية وصف المشهد المؤثر حين ضمّه جبريل عليه السلام ثلاث مرات، قبل أن ينزل عليه أول ما نزل من القرآن:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ...} [العلق: 1-5].
عاد النبي ﷺ إلى خديجة رضي الله عنها مرتجفًا، فقال لها: "زملوني، زملوني"، حتى هدأت نفسه، ثم قال: "لقد خشيت على نفسي"، فطمأنته خديجة بكلمات تُسطر بماء الذهب:"كلا والله، لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتقرى الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق."
ومن هنا بدأت رحلة النبوة الظاهرة، بعد لقاء النبي ﷺ بابن عم خديجة، ورقة بن نوفل، الذي أكد له أن الذي نزل عليه هو نفس "الناموس" – أي الوحي – الذي نزل على موسى عليه السلام.
لكن بعد هذه البداية، مرّ النبي ﷺ بفترة انقطاع عن الوحي، تعرف بـ"فترة الفتور"، بلغ به الحزن فيها مبلغه، حتى كان يفكر في التردي من رؤوس الجبال. إلا أن جبريل كان يظهر له ليؤكد له أنه رسول الله حقًا، فيهدأ قلبه ويطمئن.
وتكمل الروايات أن الوحي عاد مجددًا حين سمع صوتًا من السماء، فرأى الملك جالسًا بين السماء والأرض، فنزلت عليه الآيات:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ...} [المدثر: 1-5]
فبدأت مرحلة الدعوة العلنية.