رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

لعل وعسى

مثَّلت زيارة الرئيس دونالد ترامب لكلٍّ من المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الإمارات فى مايو الجارى أولَ زيارةٍ دوليةٍ له منذ تنصيبه فى 20 يناير 2025. ومن الواضحِ أنَّ هذه الزيارةَ تحملُ دلالاتٍ عديدةً، كونَها تُوصفُ بالتاريخيةِ، لأنَّها جاءتْ قبلَ زيارةِ الرئيسِ الأمريكيِّ لحلفاءِ بلادِهِ التقليديينَ فى أوروبا، أو حليفها الاستراتيجيِّ فى الشرقِ الأوسطِ، إسرائيلَ. تتعلَّقُ أولى هذه الدلالاتِ بمدى أهميةِ هذه الدولِ، اقتصاديًّا واستراتيجيًّا، بالنسبةِ للولاياتِ المتحدةِ، فلا يمكنُ إغفالُ التأثيرِ المهمِّ لدولِ الخليجِ فى سوقِ الطاقةِ العالميةِ، إضافةً إلى الضروراتِ الاقتصاديةِ الأمريكيةِ المُلِحَّةِ فى الداخلِ، والتطوراتِ الجيوسياسيةِ العالميةِ، كما أنَّ الولاياتِ المتحدةَ باتتْ تُعوِّلُ على الدورِ الخارجيِّ للدولِ الخليجيةِ الثلاثِ، أو ما يُعرفُ بـ«لحظةِ الخليجِ»، فى الإسهامِ بتحقيقِ الاستقرارِ الإقليميِّ والدوليِّ. جولةُ ترامب الخليجيةُ تضمنتْ ملفاتٍ عدةً، اقتصاديةً وسياسيةً واستراتيجيةً مهمةً للطرفينِ، ومن أهمها الشراكةُ الاقتصاديةُ، وسياساتُ الطاقةِ، والمفاوضاتُ النوويةُ الأمريكيةُ-الإيرانيةُ، والصفقاتُ الدفاعيةُ والضماناتُ الأمنيةُ، وحربُ غزةَ، والملفُ السوريُّ، والاتفاقياتُ الإبراهيميةُ، وحربُ أوكرانيا، وغيرها.
ولعلهُ من المفيدِ أنْ نُلقى نظرةً على أهمِّ الصفقاتِ الاقتصاديةِ بينَ الجانبينِ: أولًا، جاءتِ الصفقاتُ السعوديةُ-الأمريكيةُ، باستثماراتٍ سعوديةٍ بقيمةِ 600 مليارِ دولارٍ فى الصناعاتِ التحويليةِ والخدماتِ الأمريكيةِ. ومن أهمِّ الصفقاتِ الاقتصاديةِ، أبرمتْ شركةُ إنفيديا صفقةً لتوريدِ شرائحِ الذكاءِ الاصطناعيِّ الخاصةِ بها. كما عقدتْ شركةُ AMD شراكةً مماثلةً بقيمةِ 10 ملياراتِ دولارٍ مع شركةٍ سعوديةٍ، وتبنتْ أمازون منطقةً للذكاءِ الاصطناعيِّ بخطةٍ تتجاوزُ قيمتها 5 ملياراتِ دولارٍ. أيضًا، تدعمُ شركةُ جوجل صندوقًا للذكاءِ الاصطناعيِّ بقيمةِ 100 مليونِ دولارٍ، إضافةً إلى صفقةِ بياناتٍ بقيمةِ 20 مليارِ دولارٍ مع شركةِ سوبرمايكرو الأمريكيةِ.
ثانيًا، أبرزُ الصفقاتِ القطريةِ-الأمريكيةِ، والتى أكدتْ استثمارًا بقيمةِ 1.2 تريليونِ دولارٍ، حيثُ وقعتِ الخطوطُ الجويةُ القطريةُ صفقةً بقيمةِ 96 مليارِ دولارٍ لشراءِ 210 طائراتٍ من شركةِ بوينغ الأمريكيةِ. كما يُخطِّطُ جهازُ قطرَ للاستثمارِ لاستثمارِ 500 مليارِ دولارٍ إضافيةٍ فى الولاياتِ المتحدةِ خلالَ العقدِ المقبلِ فى قطاعاتِ الذكاءِ الاصطناعيِّ والرعايةِ الصحيةِ التى تتوافقُ مع أجندةِ إعادةِ التصنيعِ فى الولاياتِ المتحدةِ.
وأخيرًا، جاءتِ الصفقاتُ الإماراتيةُ-الأمريكيةُ والتى تبلغُ 1.4 تريليونِ دولارٍ فى سوقِ الولاياتِ المتحدةِ خلالَ السنواتِ العشرِ المقبلةِ، حيثُ تمَّ توقيعُ صفقاتٍ بقيمةِ 200 مليارِ دولارٍ من بينها: التزامٌ بقيمةِ 14.5 مليارِ دولارٍ من الاتحادِ للطيرانِ للاستثمارِ فى 28 طائرةً من شركةِ بوينغ. خططٌ بينَ شركةِ أدنوك وشركاتٍ أمريكيةٍ فى قطاعِ النفطِ لتوسيعِ إنتاجِ النفطِ والغازِ الطبيعيِّ بقيمةِ 60 مليارِ دولارٍ. مشروعُ مصهرِ الألومنيومِ الأوليِّ بقيمةِ 4 ملياراتِ دولارٍ أمريكيٍّ، الذى ستطوِّرهُ شركةُ الإماراتِ للألومنيومِ فى أوكلاهوما، إضافةً إلى استثمارِ الشركةِ ومجلسِ التعاونِ الاقتصاديِّ الإماراتيِّ فى مشروعِ الجاليومِ لدعمِ إمداداتِ المعادنِ الحيويةِ فى الولاياتِ المتحدةِ. وتطويرُ مركزٍ هندسيٍّ عالميٍّ فى أبوظبى يُركِّزُ على الذكاءِ الاصطناعيِّ ومراكزِ البياناتِ، لتوفيرِ منصةٍ إقليميةٍ لمقدمى خدماتِ الحوسبةِ السحابيةِ.
وفى حينِ تُسلِّطُ الصفقاتُ السابقةُ الضوءَ على القطاعاتِ محلِّ الاهتمامِ الخليجيِّ، فإنَّ السؤالَ الآنَ هو: كيفَ يمكنُ لهذهِ الصفقاتِ أنْ تُعزِّزَ مسيرةَ التنميةِ عبرَ دعمِ محركاتِ النموِّ الخليجيِّ؟ وهو ما سنتناولهُ فى المقالِ القادمِ إنْ شاءَ اللهُ.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام