طفرة جينية تصيب هؤلاء تجعلهم لا يشعرون بالجاجة إلى النوم

في اكتشاف علمي قد يُحدث نقلة نوعية في فهمنا لـ النوم، كشف باحثون من الأكاديمية الصينية للعلوم عن طفرة جينية نادرة تمكّن بعض الأشخاص من الاكتفاء بأربع إلى ست ساعات من النوم يوميًا، دون أن يعانوا من أي آثار صحية سلبية ترتبط عادةً بالحرمان المزمن من النوم.
ويتوقع أن يفتح هذا الاكتشاف، بحسب العلماء، الباب لتطوير علاجات جديدة لتحسين كفاءة النوم واستهداف الأرق بطرق مبتكرة.
نوم قصير طبيعي دون عواقب صحية
في الوقت الذي يوصي فيه الأطباء بالحصول على ما بين سبع إلى تسع ساعات من النوم كل ليلة، ترتبط قلة النوم بعدد من المخاطر الصحية مثل أمراض القلب والزهايمر.
ويمتلك فئة صغيرة من الأشخاص المصابين بما يُعرف بمتلازمة "النوم القصير الطبيعي" (NSS)، يبدو أن أجسامهم مهيأة وراثيًا لتحقيق أقصى فائدة من النوم في وقت أقصر، مع شعورهم باليقظة والحيوية، وأحيانًا حتى بانزعاج في حال النوم لفترات أطول.
السر في جين SIK3 وتبديل بسيط في الشيفرة الوراثية
وقد حدد الباحثون طفرة داخل جين يعرف باسم "الكيناز 3 المحفز بالملح" (SIK3)، حيث تُعرف الطفرة باسم N783Y. في هذه الحالة، يتم استبدال حمض الأسباراجين بجزيء تيروزين عند الموضع 783 من سلسلة البروتين، مما يؤدي إلى تعطيل وظيفة الجين في تنظيم عملية الفسفرة – وهي آلية كيميائية مهمة لضبط النوم والاستيقاظ.
وللتحقق من تأثير هذه الطفرة، أجريت تجارب على فئران معدّلة وراثيًا تحمل الطفرة، وتبين أنها تنام بمعدل 30 دقيقة أقل في الليلة، مقارنة بنظيراتها غير المعدّلة، دون أي تراجع في الصحة أو النشاط. كما أظهرت التحاليل أن الطفرة لا تقلل من كمية البروتين، بل تغيّر طريقة تفاعله في العمليات الحيوية.
نوم أعمق وتغيرات في نشاط الدماغ
وأظهرت التجارب زيادة طفيفة في نشاط موجات "دلتا" أثناء النوم – وهي الموجات المرتبطة بالنوم العميق – ما يشير إلى أن النوم لدى هؤلاء الأفراد أكثر جودة وكفاءة رغم قصر مدته. ويعتقد الباحثون أن هذا النمط من النوم يمنح الجسم والدماغ راحة فعالة، تكفي لاستعادة التوازن الجسدي والعقلي.
إمكانيات علاجية جديدة في الأفق
يرى العلماء أن هذا الاكتشاف يعزز الفرضيات القائمة حول الجذور الوراثية للنوم، وقد يقود إلى تطوير أدوية تعمل على استهداف جين SIK3 أو الإنزيمات المرتبطة به، بهدف مساعدة المرضى الذين يعانون من اضطرابات النوم على الاستفادة من النوم القصير، ولكن العميق والفعّال.
وقال الباحثون في ختام دراستهم: "تشير نتائجنا إلى إمكانيات واعدة في تعديل الجينات أو تطوير مركبات دوائية لتعزيز النوم العميق، وتحسين الراحة العامة، ما قد يمثل تحولًا جوهريًا في الطب المتعلق بالنوم".