رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

"عيشة كريمة" حلم البسطاء

بوابة الوفد الإلكترونية

وراء كل موظف أنهى خدمته قصة مأساوية، ففى الوقت الذى ينتظر فيه الخارجون إلى المعاش اليوم الذى يرتاحون فيه بعد عناء العمل الحكومى اليومى ويحصلون على الحد الأدنى الذى يكفيهم ويكفى عائلاتهم يخرج الموظف إلى المعاش لينضم إلى طابور المحتاجين والمساكين، حيث تكون المفاجأة حينما يحصل على مبالغ ضئيلة من الجنيهات لا تكفى لشراء «الخبز الحاف»، هكذا هم الذين يقفون فى طابور المعاشات الحكومية يعيشون على الحد الأدنى من الكفاف بينما هم فى هذا العمر يحتاجون لأضعاف ما كانوا يتقاضونه بسبب الغلاء الفاحش الذى اجتاح الحياة ومتطلبات الأدوية وغيرها من الاحتياجات الضرورية التى لا تنتهى!
فى محافظة الجمهورية الصورة قاتمة، فجميع المواظفين الذين خرجوا إلى المعاش يعانون أشد المعاناة ولا يجدون من يخفف هذه المعاناة أو يمسح دموعهم لكنهم يجدوا مشقة مستمرة فى كل شىء، ففى الطوابير الطويلة تجد كبار السن يقفون بالساعات أمام ماكينات الصرف الآلى من أجل صرف المعاش وحينما تخرج عدة ورقات نقدية تكون خيبة الأمل واضحة على وجوههم، وتكتمل المأساة حينما يقفون بالساعات أمام عيادات التأمين الصحى للحصول على علبة دواء!
أما معاش «نقابة المعلمين» فهو المأساة المستقلة التى لم تجد حلا فبعد 37 عاما من الوقوف فى الفصل الدراسى لتعليم الأجيال يحصل المعلم فى نهاية المطاف على 335 جنيها كمعاش من نقابة المعلمين كل ثلاثة أشهر أى حوالى 111 جنيها شهريا!
«ما أحصل عليه لا يسمن ولا يغنى من جوع»
يقول محمود الديب، مدير عام بالتربية والتعليم على المعاش منذ 13 عاما: أحصل على معاش من نقابة المعلمين 335 جنيها لمدة 3 أشهر وهى مأساة بكل المقاييس، فهل يعقل بعد هذا العمر وهذا العطاء أن نحصل على هذا المعاش الضئيل؟! وهل هذا المبلغ يليق بالمعلم صاحب الرسالة فى تنشئة الأجيال؟ سؤال أتمنى أن يجد من بيدهم الأمر إجابة تشفى صدورنا وتريح بالنا. وأشار إلى أنه يحصل على معاش وقدره 3000 جنيه من الحكومة وهو لا يتساوى مع الحد الأدنى من الأجور!
 نتعرض للإهانة كل شهر
ويضيف السيد الزهيرى، موجه أول على المعاش بالتربية والتعليم، أن معاش نقابة المعلمين الضئيل لا يكفى شراء أى شىء فهل يعقل أن نحصل على حوالى مائة جنيه كل شهر؟ فأين ذهبت أموال المعاشات؟ وهل هذا التقدير الذى تكافئ به الحكومة كبار السن؟ من يرحمنا ومن ينهى هذه المأساة وهذه الإهانة التى نتعرض لها؟ نريد أن نحصل على معاش مناسب لتغطية جزء ولو ضئيل من متطلبات الحياة، وأشار «الزهيرى» إلى أنه تعرض لمعاناة من أجل الحصول على الـ100 جنيه كمعاش شهرى حيث تطلب من الأمر التوجه إلى بنك الإسكان والتعمير من أجل تحديث البيانات ونظل فى طابور طويل عدة ساعات وفى نهاية المطاف كانت المفاجأة خروج 100 جنيه كمعاش لا يسمن ولا يغنى من جوع، كما أن المأساة الأخرى التى يعيشها هى حصول على 2700 جنيه كمعاش من الحكومة فهل هذا المبلغ يكفى احتياجات الحياة؟
عادل المرسى: مرتبى لا يكفى لشراء 2 كيلو بطاطس
ويطالب عادل المرسى موجه أول على المعاش بالتربية والتعليم بأن يكون الحد الأدنى للمعاش الشهرى من نقابة المعلمين 1000 جنيه شهريا أما صرف 100 جنيه شهريا فهى إهانة بالغة لكل المعلمين على المعاش فهذا المبلغ على حد وصفه «لا يكفى لشراء 2 كيلو بطاطس»! ويشير إلى أنه يتقاضى 2800 جنيه معاشا شهريا من الحكومة وهو مبلغ سخيف لا يكفى لفرد واحد فى الأسرة!
دخل الأسرة يكفى أسبوعا واحدا فى الشهر
ويوضح مجدى هاشم كبير معلمين على المعاش منذ 5 سنوات بأنه حتى الـ100 جنيه معاش نقابة المعلمين الضئيل لا يستطيع صرفها، حيث أنه قام بسداد اشتراك النقابة وصدر له كارنيه فى عام 2013 ومع ذلك لا يحصل على المعاش الضئيل.
وأضاف بأنه يتقاضى 3000 جنيه كمعاش شهرى من الحكومة وهو لا يكفى أسبوعا واحدا مع موجة الغلاء الطاحنة فى كل الأسعار.
ويقول شاكر السيد على المعاش بالتربية والتعليم إن معاش نقابة المعلمين مهزلة، ويتساءل لماذا يتم خصم مبالغ شهريا من المعلمين طالما أنه يتم صرف هذا المبلغ الضئيل؟
«معاش لا يسد رمقًا ولا يضمن حياة»
يقول محمد صلاح محمد حسن، وهو مقيم شعائر سابق بمديرية الأوقاف بمحافظة المنيا، إنه خدم الدولة بإخلاص لأكثر من 32 عامًا، وكان يتقاضى قبل خروجه على المعاش مبلغ 6630 جنيهًا، وهو راتب كان يفى باحتياجات أسرته الكبيرة، المكونة من سبعة أبناء.. ولكن مع خروجه على المعاش مطلع عام 2023، كانت الصدمة: المعاش الذى يحصل عليه لا يتجاوز 2200 جنيه، مبلغ لا يكفى حتى «أكل وشرب» يومى فى ظل الأسعار الحالية.
صلاح، الذى يعيل أبناءه الأربعة – من بينهم طالب جامعى وثلاثة فى مراحل التعليم المختلفة – يجد نفسه عاجزًا عن تلبية متطلبات أبنائه الدراسية، ناهيك عن تكاليف الحياة الأخرى كالكهرباء والمياه والدواء والمواصلات، قائلًا «ابنى فى جامعة القاهرة يحتاج 3000 جنيه شهريًا، وأشقاؤه الآخرون يحتاجون 2000 جنيه للدروس والإنفاق اليومى. منين أجيب وأنا معاشى كله 2200؟»، ويضيف: «إسطوانة البوتاجاز وصلت لـ220 جنيه، كيلو اللحمة بـ400 جنيه، والأدوية اللى لازم آخدها شهريًا بـ1000 جنيه على الأقل، وأنا أصلاً خارج على المعاش بصحة مهلهلة بعد سنين من التعب»، ويتساءل بمرارة: «هل يُعقل أن يُخصم المعاش بعد الخروج من الخدمة؟ بأى منطق؟ وعلى أى أساس؟».
رغم ما يُتداول عن زيادات فى المعاشات، يؤكد صلاح أن معظم أصحاب المعاشات لا يشعرون بأى فارق حقيقى، «نسمع عن زيادات، لكن على أرض الواقع مفيش. اللى بيزيد هو المحروقات، وأسعار الأكل والمواصلات والغاز».
ينهى صلاح حديثه بنبرة حزينة قائلًا: «إحنا مش بنطلب رفاهية، إحنا عايزين نعيش بستر، بدل ما المعاش بقى كأنه بدل تسول.. معاشى يكفينى أسبوعا واحدا بس، والباقى منين؟ أنا مش عايز أمد إيدى، لكن محتاج حد يسمعنا ويحس بينا».
ويضيف: «لم أذكر حتى تكاليف زواج أولادى، اللى بقت حلم بعيد المنال، من شقة وعفش وشبكة. هل يقدر أى وزير أو مسؤول يعيش براتبى ده؟ إحنا اتاكلنا لحم، واترمينا عضم».
«الزيادة بتروح فى الأسعار»
تقول سعاد محمد، وهى سيدة بالمعاش، إنها تعيش مع زوجها وابنتها المطلقة، ورغم أن الزوج يحصل على معاش هو الآخر، إلا أن الزيادات الحكومية لا تفى باحتياجات الأسرة. «كل زيادة فى المعاش، تقابلها زيادة أكبر فى الأسعار. وكأن الحكومة تعطى بالشمال وتأخذ باليمين».
وتشير إلى أن التضخم طال كل شىء، من الخضراوات إلى الأدوية، مما يجعل من المستحيل تلبية أبسط الاحتياجات اليومية.
خليل أحمد: «معاشى وجبة عشاء فى العلمين»
أما خليل أحمد، فيصف المعاش الذى يحصل عليه بعد سنوات طويلة من الخدمة، بأنه لا يكفى «وجبة عشاء فى مدينة العلمين». ويؤكد أن أصحاب المعاشات أمام خيارين قاسيين: إما الجوع أو المرض، خاصةً فى ظل الارتفاع المهول فى أسعار الأدوية والعلاج، ما يجعله عاجزًا عن علاج نفسه أو أسرته.
«أنتظر رمضان عشان أهل الخير يدونى زكاة»
تقول ذكية أحمد، المستفيدة من معاش «تكافل وكرامة»، إن المعاش الذى تتقاضاه لا يغطى حتى احتياجاتها الأساسية، فضلًا عن الأدوية التى أصبح التأمين الصحى لا يوفرها بالكامل، «أنتظر رمضان والأعياد عشان أهل الخير يدونى زكاة، دى أصعب حاجة حصلتلى فى حياتى»، تقولها والدموع تملأ عينيها.
«العلاوة تأخذها الأسعار»
يرى مجاهد السيد، أن الحكومة لا تعير أصحاب المعاشات أى اهتمام، رغم أنهم يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع.
ويضيف أن أصحاب المعاشات يعانون شهريًا عند صرف المعاش، وسنويًا عند انتظار علاوة يوليو التى لا تكاد تُذكر أمام موجات الغلاء. «العلاوة السنوية تُعطى بالشمال وتُؤخذ باليمين»، كما يقول.
«1500 جنيه لا تكفى 3 بنات»
نعمة محمد، أرملة وأم لثلاث بنات، لا يكفيها معاش زوجها البالغ 1500 جنيه، فاضطرت للعمل فى المنازل رغم تدهور صحتها. «أنا وعدت جوزى قبل ما يموت إنى هكمل تعليم بناتى.. بس خايفة أتعب، ومش لاقية حل غير إنى أشتغل».
«الأسعار تزيد أضعاف الدخل»
من جهته، قال على عمر، إنه يحصل على معاش والده، لكن الغلاء دفعه للعمل فى أكثر من وظيفة لتغطية احتياجاته.. ويشير إلى أن معاشات الورثة لا تحصل على نفس الزيادات، ما يجعل تأثير الزيادات الحكومية غير ملموس على أرض الواقع.
أم منى: «نخفى عن أطفالنا أننا نأكل وجبة واحدة يوميًا»
«المعاش لا يكفى لأسبوع».. بهذه الكلمات بدأت السيدة أم منى، 65 عامًا، حديثها، موضحة أنها أرملة تعول أسرة مكونة من أربعة أفراد، وتعيش على الاستدانة. وتضيف بحزن: «نخفى عن أطفالنا أننا نأكل وجبة واحدة يوميًا، هل هذا يرضى ضمير أحد؟».
«الزيادة السنوية رمزية»
ويؤكد خالد عبدالله، أحد المتقاعدين، أن الزيادات السنوية فى المعاشات أصبحت رمزية وغير كافية إطلاقًا، مطالبًا بإعادة هيكلة شاملة لنظام المعاشات، ورفع الحد الأدنى من 1495 جنيهًا إلى 6000 جنيه، لمواكبة تعويم الجنيه وتدهور قيمته الشرائية، مطالبات بالإنصاف ورفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 7000 جنيه، وصرف علاوة غلاء معيشة عاجلة بنسبة 30% بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا، وتخصيص نسبة من عوائد رفع أسعار الوقود لدعم المتقاعدين، خصوصًا من تقل معاشاتهم عن الحد الأدنى للأجور.
وتابع قائلًا: نحن لا نطلب ترفًا.. نطلب فقط الحد الأدنى للحياة الكريمة. المعاش لا يغطى الإيجار والعلاج والطعام، متسائلًا: «إلى متى هذا التجاهل؟».
«أصبحنا متسولين»
أشارت نبوية القصاص، أحد المتقاعدين، إلى مقارنة تكشف الفارق الزمنى الفادح: «فى 2013 كان سعر أنبوبة الغاز 8 جنيهات، وكان الحد الأدنى للمعاش 300 جنيه – أى ما يعادل 37 أنبوبة. اليوم المعاش 1495 جنيهًا لا يشترى سوى 7 أنابيب فقط».
وتابعت بغضب: «هل يُعقل أن تتحول فئة عريضة من المجتمع إلى متسولين؟ معظم المتقاعدين يعيشون على الزكاة والصدقات، قائلًا: «لقد أفنوا أعمارهم فى الخدمة، ثم يُعاملون وكأنهم عبء على الدولة».