قد تبدو الجولةُ الخليجيةُ التي قام بها الرئيسُ عبد الفتاح السيسي في ظاهرها رحلةً من أجلِ الاقتصادِ وجذبِ استثماراتٍ جديدةٍ ولكن الحقيقةَ أنَّ السياسةَ حاضرةٌ وبقوةٍ في الزيارتينِ المهمتينِ.
مصرُ في موقفها الصلبِ تجاهِ القضيةِ الفلسطينيةِ ووضعِ ثقلها الإقليميِّ بالكاملِ في مواجهةِ مخططاتِ التهجيرِ وإفقادها دورها تواجهُ مطباتٍ مصنوعةٍ عن عمدٍ في محاولةٍ لتحييدها.
ومن ضمنِ تلكَ المحاولاتِ زرعُ فتيلِ الفرقةِ بينها وبين قطرَ الوسيطتينِ الأساسيتينِ في عمليةِ السلامِ ووقفِ إطلاقِ النارِ في غزةَ.
ومن هنا جاءت زيارةُ الرئيسِ السيسي للدوحةِ لوأدِ تلكَ الفتنةِ الجديدةِ.
وكانت قطرُ على قدرِ المسؤوليةِ وسعتْ لمصرَ بشكلٍ كبيرٍ لإدراكها أنَّه لا وساطةَ ولا سلامَ ولا حتى قضيةً فلسطينيةً بدونِ مصرَ وظهرَ ذلكَ في حفاوةِ الاستقبالِ الذي تمَّ للرئيسِ.
نعم تلكَ الزيارةُ فوَّتتْ الفرصةَ على محاولاتِ الفرقةِ على طريقةِ فَرِّقْ تَسُدْ وعادت المياهُ إلى مجاريها بين البلدينِ وأقوى مما سبقَ.
أمَّا زيارةُ الكويتِ فلها أيضاً أهميةٌ سياسيةٌ كبيرةٌ.. الكويتُ دائماً في صفِّ مصرَ ولها ثقلٌ دوليٌ كبيرٌ ومن هنا جاءت الزيارةُ لتأكيدِ تطابقِ المواقفِ المصريةِ الكويتيةِ.
هذا لا يمنعُ أنَّ الجولةَ الخليجيةَ حققتْ نقلةً كبيرةً في الاستثماراتِ الكويتيةِ القطريةِ في مصرَ خاصةً بعد لقاءاتِ الرئيسِ مع جمعياتٍ وكبارِ المستثمرينَ في البلدينِ.
ولا شكَّ أنَّ النهجَ المصريَّ الجديدَ في التركيزِ على الاستثماراتِ بعيداً عن المنحِ والقروضِ هو توجهٌ ناجحٌ سوف تظهرُ نتائجُه قريباً.
السياسةُ المصريةُ الخارجيةُ بكلِّ المقاييسِ تعزفُ على أوتارٍ مشدودةٍ وتحققُ نجاحاً في أصعبِ المراحلِ التي تمرُّ بها المنطقةُ واستثمارُ تلكَ النجاحاتِ لدعمِ الاقتصادِ يعطي لتلكَ التحركاتِ الرئاسيةِ بُعداً جديداً.
مصرُ الآنَ تقريباً تسيرُ بسياسةٍ خارجيةٍ تمثلُ صفرَ مشاكلَ وتدعمُ الثقةَ العالميةَ دائماً في القاهرةِ عاصمةِ الحيادِ والقوةِ في مواجهةِ أيِّ محاولاتٍ لتغييرِ الخريطةِ الجيوسياسيةِ للمنطقةِ وهو ما يدعمُ بشكلٍ كبيرٍ قوةَ مصرَ الإقليميةَ حتى وجودِ أزماتٍ كبيرةٍ.