رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

انحدرت بسبب غياب التربية

الأخـلاق.. ميــراث الأنبيــاء

بوابة الوفد الإلكترونية

اهتم الشرع الشريف بإبراز أهمية ودور الأخلاق فى حياة الأفراد والمجمتع، وذلك لأنها تنظم حياتهم عن طريق وضع مجموعة من المبادئ والسلوكيات التى يمشى المسلم على خطاها ليصبح مجتمع سعيد وناجح، فقَالَ الله تَعَالَى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، وقال تَعَالَى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ. سورة: [آل عمران:134].
كما حث النبى صلى الله عليه وسلم، على أهمية الأخلاق والتمسك بها، وجمع بين التقوى وحسن الخلق، فقال عليه الصلاة والسلام: {أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق} [رواه الترمذى والحاكم]، و قال صلوات الله عليه وسلم: {إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم } [رواه أحمد]، وورد عن أَنسٍ t قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسنَ النَّاسِ خُلقًا. متفقٌ عَلَيْهِ.
قال دكتور هنيدى عبدالجواد، مدرس التفسير وعلوم القرآن فى جامعة الأزهر، إن الأخلاق ميراث الأنبياء، وحث عليها النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال عليه أفضل الصلاة وأذكى السلام: «إن من خياركم أحاسنكم أخلاقًا»؛ متفق عليه، وقال: إن من أحبكم إليَّ أحسنَكم  أخلاقًا»؛ رواه البخارى، موضحًا أن أسباب الانحدار الأخلاقى هو غياب التربية الإسلامية الصحيحة منذ الطفولة، فضلًا عن غياب دور معظم الآباء والأمهات فى غرس القيم والأخلاق فى نفوس أولادهم وتربيتهم تربية سليمة. 
وأضاف «عبد الجواد» إن التأثير السلبى لمواقع التواصل الاجتماعى، فى نفوس الأطفال والشباب، وافتقاد الشباب للقدوة الصالحة، بالإضافة إلى التأثير السلبى للفن الهابط، كل ذلك لهم عامل مؤثر أيضًا فى الانحدار الأخلاقي.
وأكد أن العلم من ميراث النبوة، والعلم يتضمن الأخلاق، وأنهما يكملان بعضهما البعض، وتميزوا بمكانة خاصة فى الإسلام، وكان النبى محمد صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه وأهله وعشيرته على طلب العلم، كما كان يحثهم على المعاملة الحسنة لأزواجهم، بالإضافة إلى صدق النية، ويعلمهم أن العمل المقبول هو ما ابتغى به وجه الله تعالى ووافق السنة النبوية المطهرة، وقال صلوات الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا، أحسنُهم خُلقًا، وخيارُكم: خيارُكم لنسائهم خلُقًا»؛ [رواه الترمذى وقال حسن صحيح].
وأوضح مدرس التفسير، أن العلم والأخلاق ذكروا فى القرآن الكريم فى مواضع عدة، مثل قوله تعالى»وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِى عِلْمًا «طه- 114، ولقوله تعالى:» فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ « النحل.
وقال الله سبحانه وتَعَالَى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
كما ذُكروا فى السنة النبوية، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعتبر العلم الذى يتضمن الأخلاق نوع من أنواع الجهاد فى سبيل الله، فقال  صلوات الله وسلامه عليه» من سلك طريقا فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة «، وقال: عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم « من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين “.
وأكد أن كل ما كان فيه إصلاح الفرد والأسرة والمجتمع فهو من الأخلاق الحسنة، وكل ما يضر بهم فهو من الأخلاق السيئة، وأن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا ولا شاه، إنما ورثوا الأخلاق فمن أخذ بها نال حظ وافر، كما أن حسن الخلق يرفع درجات العبد عند الله تعالى وإن كان عمله لا يبلغ أعمال المجتهدين فى العبادة والطاعات لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة فى جهنم ) .
وأردف: كما أن من مكارم الأخلاق، الصدق، الأمانة، غض البصر، المروءة، والسماحة، ويقول صوات الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم، ويقول ﷺ: إنَّكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسطُ الوجه، وحُسن الخلق، ويقول أنَّ الإنسان بخُلقه الحسن يبلغ درجةَ الصَّائم القائم، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)} (مريم: 54-55).
وأكد أن من الأخلاق أيضًا المحافظة على صلة الأرحام، روى عن السيدة عائشة رضى الله عنها، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِى وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَنِى قَطَعَهُ اللهُ» رواه البخارى ومسلم.
من جانبه قال الأستاذ الدكتور طلعت أبو حلوة أستاذ البلاغة والنقد ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر، إن من يتأمل الشريعة الإسلامية يجد أنها قد أعطت كلًّا من العلم النافع والأخلاق الحسنة أهمية كبرى، ومنحتهما أولوية عظمى، حيث أمرت بهما، وأشادت بمنزلتهما، وأعلت من شأن صاحبهما، وأكبر دليل على صدق ذلك، وأعظم برهان على حقيقته أن أول أمر إلهى وخطاب سماوى فى الكتاب العزيز للنبى -ﷺ-  هو الأمر بالقراءة فى قوله - تعالى -: 
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ﴾ العلق، وقال سبحانه:
﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ القلم.
وأوضح أبو حلوة فى حديثه لـ «الوفد» أن من ينظر بعين التأمل والاعتبار إلى كلٍّ من العلم والأخلاق يجد أنهما أمران متلازمان ومتكاملان ومتشاركان، حيث لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر، ولا يستطيع أن ينهض بدوره كما ينبغى على الوجه الصحيح دون أن يكون مصطحبًا للآخر، ومعتمدًا عليه، فهما كجناحى الطائر، ومعلوم أن الطائر لا يستطيع أن ينهض بجناح واحد، وكالوجهين للعملة الواحدة، فعلى أحد الوجهين تكون هُوِيّة هذه العملة، وعلى الوجه الأخر يكون مقدارها، وكالمصباح ونوره، فالعلم هو المصباح والأخلاق هى ذلك النور.
وأضاف أنه نظرًا لقيمتهما متلازمين مترابطين، وتقديرًا لمكانتهما متكاملين متشاركين، فقد وجدنا أكثر الدول تسمى الوزارة المنوطة بهما والقائمة عليهما «وزارة التربية والتعليم”.
وقال إن هناك مجموعة من الناس ممن ليس له حظ من العلم والمعرفة يظنون أن الأخلاق وحدها قد تكفى، مؤكدًا أن هذا يتعارض مع المنطق السليم، والفهم الصحيح، والوعى الرشيد؛ لأن غياب العلم يجعل الإنسان يعبد ربه بجهل.