دراسة: تربية الأطفال تحمي من شيخوخة الدماغ

حماية الدماغ من الشيخوخة .. على الرغم من أن الأبوة والأمومة غالبًا ما تُعتبر سببًا في ظهور التجاعيد والشعر الرمادي، فإن دراسة جديدة تكشف عن جانب إيجابي لهذه التجربة قد يساعد في الحفاظ على شباب الدماغ.
وأظهر البحث الذي نُشر في فبراير 2025 في مجلة "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، أن تربية الأطفال يمكنها أن تحمي الدماغ من تأثيرات الشيخوخة.
ولاحظ الباحثون أن أدمغة الآباء تظهر أنماطًا أقوى من "الاتصال الوظيفي" في بعض المناطق الدماغية، وهي تلك الأنماط التي عادة ما تتراجع مع التقدم في العمر.
الأبوة... فرصة لتجديد الدماغ
وأوضحت إدوينا ر. أورتشارد، الحاصلة على درجة الدكتوراه وزميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل، والتي شاركت في إعداد الدراسة، قائلة: "التواصل الوظيفي هو مقياس يساعدنا على فهم كيفية تفاعل مناطق الدماغ مع بعضها البعض.
أما ميشيل دي بلاسي، رئيسة قسم الطب النفسي في مركز تافتس الطبي، فأضافت أن هذه النتائج منطقية نظرًا لأن الأبوة تتطلب تعديلات في الدماغ لمواجهة التحديات الاجتماعية الجديدة والمهام المعقدة المرتبطة برعاية الأطفال.
تحليل عميق للدماغ
الدراسة قامت بتحليل صور الرنين المغناطيسي لأدمغة أكثر من 37 ألف شخص، مع التركيز على كيفية تواصل مناطق الدماغ مع بعضها البعض. وشملت الدراسة 19,964 امرأة و17,607 رجال تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عامًا، حيث أكملوا استبيانات تتعلق بعدد أطفالهم وعوامل اجتماعية أخرى.
وقد أظهرت النتائج أن أدمغة الآباء تتمتع باتصال أقوى في مناطق مرتبطة بالارتباط الاجتماعي والتعاطف، وهي مناطق تعرف بأنها مؤشر على صحة الدماغ الجيدة التي عادة ما تتدهور مع التقدم في العمر.
التأثيرات العصبية للآباء... أكثر من مجرد الحمل
كانت هذه النتائج متسقة بين الرجال والنساء، مما يشير إلى أن هذه التأثيرات العصبية الوقائية ليست مجرد نتيجة للحمل، بل هي نتيجة للأبوة بشكل عام. وتُظهر الدراسة أن هذه التغييرات في الدماغ قد تستمر مع مرور الوقت، مما يعزز الفكرة أن الأبوة قد تمنع تدهور الدماغ.
هل الأبوة هي العامل الوحيد؟
على الرغم من أن هذه النتائج مثيرة، إلا أن الباحثين أشاروا إلى أنه لا يمكن الجزم بأن الأبوة نفسها هي السبب الوحيد وراء هذه التغيرات في الدماغ. الدراسة اقتصرت على الآباء البيولوجيين في المملكة المتحدة، لذلك تبقى الأسئلة مفتوحة حول كيفية تأثير الأدوار الأبوية المختلفة على الدماغ عبر ثقافات مختلفة.
وأضاف أندرو ثاليث، طبيب الأعصاب في مركز نورتون لعلوم الأعصاب، أن التغيرات في الاتصال الدماغي قد تكون مرتبطة بتعرض الآباء للمحفزات الحسية والاضطرابات الاجتماعية التي ترافق الأبوة. فقد يحتاج الآباء إلى الاستجابة لإشارات غير لفظية وتقديم رعاية متعددة للأطفال في مراحل نمو مختلفة، وهو ما يتطلب مرونة سلوكية كبيرة.
حماية الدماغ من الشيخوخة... بغض النظر عن الأبوة
حتى إذا لم تكن من الآباء، فلا يزال بإمكانك اتخاذ خطوات لحماية دماغك من تأثيرات الشيخوخة. يقول ثاليث إنه من الضروري ممارسة الرياضة بانتظام، اتباع نظام غذائي صحي قليل السكريات والأطعمة المصنعة، وكذلك إدارة مستويات التوتر بشكل فعّال.
كما ينصح بأهمية الحصول على نوم كافٍ من 7 إلى 9 ساعات يوميًا، مما يساعد الدماغ على التخلص من السموم وإصلاح نفسه. ويمكنك أيضًا تعزيز صحة دماغك عن طريق الانخراط في الأنشطة الاجتماعية، مثل حل الألغاز أو تعلم مهارات جديدة مثل لغات أجنبية.