رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

لقد سمعت وشاهدت مقطع فيديو، فى إحدى منصات التواصل الاجتماعى «عين الشرق الأوسط»، باللغة الإنجليزية لصحفية وكاتبة وناشطة سياسية إنجليزية من أصل تونسى «سمية غنوشي»، وقد أعجبت بهذا الحديث بما يحتويه من حقائق وجرأة، وقمت بتحويل هذا الفيديو إلى نص كتابي، وترجمته إلى اللغة العربية، والسطور التالية تسرد بعض مقتطفات من حديثها: «الرئيس الأمريكى ترامب، لديه خطة للاستيلاء على قطاع غزة، سيجد لأهل غزة قطعة أرض، ربما قطعتين أو أكثر، وسيبنى لهم بعض الأماكن الجميلة، حيث يمكنهم أن يكونوا سعداء، بعد تدمير منازلهم، ودفن أطفالهم تحت الأنقاض، وتحويل مدينة بأكملها إلى أرض قاحلة غير صالحة للعيش. الآن فجأة، يريد ترامب أن يقدم خدمة لسكان غزة، لأننا ندرك ما فى ذهنه، أن المشكلة ليست أن إسرائيل ذبحت عشرات الآلاف، وشردت الملايين، ودمرت أحياء بأكملها، لا .. المشكلة هى أن سكان غزة ما زالوا هناك. إذن ما هو الحل؟، يتم التخلص منهم، والبحث لهم عن قطعة أرض فى مكان ما، لا يهم أين حقا، فقط ليس فى غزة. العذر اليوم هو أن غزة مدمرة، إنها غير صالحة للسكن، كما قال الملياردير ستيف ويتكويف، صديق ترامب. ومن هو المخطئ فى نظر ستيف؟.. هل اختفت غزة من تلقاء نفسها؟.. هل قررت منازلها ومدارسها ومساجدها وكنائسها التى يعود تاريخها إلى قرون من الزمان الانهيار؟.. هل ضربها زلزال أو كارثة طبيعية؟.. أم كانت القنابل الإسرائيلية، والقنابل الأمريكية، ٥٠ ألف طن منها، التى سوت أحياء بأكملها بالأرض، ودفنت عائلات بأكملها حية؟.. وبالطبع، من الذى سيدفع ثمن هذا المشروع الإنسانى الكبير؟.. العرب، لأنه كما قال ترامب، هناك الكثير من المال فى تلك المنطقة. هذا هو كل ما يعنيه الشرق الأوسط بالنسبة له، المال والأرض والنفط والغاز. ليست دولا، وليست شعوبا، وليست هويات، بل مجرد موارد يجب الاستيلاء عليها، وصفقات يجب عقدها، وأرباح يجب حسابها. لكن الأمر لا يتعلق بالأعمال التجارية فقط. إنه استعمار متنكر فى زى الرأسمالية. ترامب ليس مجرد مطور جشع يبحث عن الأرض، بل إنه مستعمر عنصرى ورجل أعمال لا يرحم. هذا هو ترامب الذى بنى علامته التجارية السياسية بالكامل على إغلاق الحدود. الرجل الذى ثار حول المهاجرين الذين يغزون أمريكا، الذى حبس الأطفال فى أقفاص على الحدود، والذى أنذر اللاجئين، والذى وصف طالبى اللجوء بالمجرمين والمغتصبين. ولكن عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فجأة .. أصبحت الهجرة جيدة، وفجأة .. أصبح النزوح ضروريا، وفجأة.. أصبح كل ما يهمه هو إعادة التوطين. ترامب .. الرجل الذى حارب بكل ما أوتى من قوة للتخلص من المهاجرين وتهجيرهم خارج أمريكا، مع أن أسرته كانت أصلا من المهاجرين. يريد الآن إجبار الفلسطينيين على الخروج من وطنهم، إنه أمر غريب. يجب على الفلسطينيين المغادرة، ويجب إخلاء غزة. ولجعل الأمر مقبولا، يتم إعادة تسمية كل شيء على أنه هجرة طوعية. كما تعلمون، قد يعتقد ترامب أنه توصل إلى هذا الحل الرائع غير المسبوق، لكن إسرائيل كانت تحاول التخلص من سكان غزة منذ اللحظة التى احتلتها فيها. فى عام ١٩٦٧، بعد أن استولت إسرائيل على غزة، جلس قادتها، وليس المتعصبين اليمينيين المتطرفين اليوم، ولكن ما يسمى بالمعتدلين من اليسار، فى اجتماعات مجلس الوزراء لمناقشة كيفية جعل غزة تختفي. تحدث رئيس الوزراء ليفى إشكول صراحة عن إخلاء غزة أولاً، وليس حكمها، ولا حتى السيطرة عليها، بل وإزالتها. يجب أن نتذكر أن ٨٧ % من سكان غزة هم لاجئون من المدن والقرى التى طهرت فى عام ١٩٤٨، لإفساح المجال لإسرائيل. نفس اللغة، نفس المنطق، نفس الرؤية، الإبادة الجماعية. الفرق الوحيد، فى ذلك الوقت فى عام ١٩٦٧، كان عدد سكان غزة ٤٠٠ ألف نسمة. واليوم، يبلغ عددهم ٢,٥ مليون نسمة. ولذلك فشلت خطة إشكول، وستفشل أيضا خطة ترامب. غزة ليست أرضا بلا شعب، وغزة ليست قطعة أرض للبيع، غزة جزء من فلسطين.
 وأخيرا كلمة كاتب هذه السطور، يجب أن يدرك العالم العربي، أن مشروع الرئيس ترامب يمثل تهديد لكل الشعوب العربية، وأن ما فعلته إسرائيل من الجرائم الوحشية من تهجير قسرى وإبادة جماعية فى غزة، ممكن أن يكون مصير أى عاصمة عربية. ويجب أن نتذكر، ما فعله الرئيس الأمريكى الأسبق «ليندون جونسون» فى «جزيرة تشاجوس» التابعة لدولة موريشيوس، فى نهاية الستينيات، لقد قام بتهجير وحرق أهلها لإقامة أكبر القواعد العسكرية فى العالم «دييجو جارسيا». ويجب ألا ننسى، مقولة الرئيس الأمريكى السابق «جو بايدن»، «لو لم تكن هناك إسرائيل فى الوجود، لعملنا على إقامتها». أفيقوا .. يا عرب.

 

محافظ المنوفية الأسبق