اللجوء العلمي.. هل تبدأ الحرب الباردة بين أمريكا وفرنسا؟

تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وفرنسا بشكل ملحوظ بعد تصريحات المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، التي ردت على دعوة السياسي الفرنسي رافائيل غلوكسمان لإعادة تمثال الحرية إلى فرنسا. وقالت ليفيت "لن نعيد تمثال الحرية لفرنسا، ولولا أمريكا لكان الفرنسيون يتحدثون اللغة الألمانية الآن "(في إسقاط على الحرب السبعينية الفرنسية الألمانية
وفي عنجرية تابعت بأن غلوكسمان سياسي غير معروف وذو مستوى واطئ، تأتي هذه التصريحات بعدما طالب غلوكسمان بإعادة التمثال بعد 140 عاماً من إهدائه اعتقاداً منه بأن القيم التي دفعت فرنسا لإهدائه من احترام الحريات والديمقراطية المنشودة لم تعد قائمة.
وفي جرعة تحد جديدة ، أعلنت جامعة "إيكس مرسيليا" الفرنسية عن إطلاق " اللجوء العلمي" من خلال برنامج "مكان آمن للعلوم"، وهو مبادرة غير مسبوقة تهدف إلى استقطاب علماء أمريكيين في مجالات حيوية. البرنامج، الذي يمتد لثلاث سنوات بميزانية قدرها 15 مليون يورو، يسعى لجذب 15 عالماً في مجالات مثل المناخ والصحة والفيزياء الفلكية إلى الحرم الجامعي في جنوب فرنسا، وفقاً لما ذكرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وذكر المتحدث باسم الجامعة أن البرنامج استقبل أكثر من 60 طلباً خلال أيام قليلة، بما فيها 30 طلباً في الساعات الأولى من الإعلان، مما يعكس تسارع ظاهرة "هجرة العقول" العلمية من الولايات المتحدة.
أشارت الجامعة أيضاً إلى تنسيقها مع جامعات فرنسية أخرى والحكومة لتوسيع نطاق "اللجوء العلمي" على المستويين الوطني والأوروبي، بهدف توفير بيئة أكثر أماناً وحرية للباحثين، في ظل الضغوط المتزايدة التي تواجهها المؤسسات الأكاديمية الأمريكية.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن تصاعد القيود داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك المساس بالحرية الأكاديمية وتراجع التمويل، قد يفتح الباب أمام الجامعات الأمريكية للانتقال إلى القارة الأوروبية. ويُذكر أن هناك 29 حرمًا جامعيًا أمريكيًا حالياً في أوروبا، مع اهتمام متزايد بإنشاء فروع جديدة وسط بيئة أكاديمية أكثر انفتاحاً.
تأتي هذه الخطوة في وقت تتخلف فيه ميزانيات البحث والتطوير في الاتحاد الأوروبي عن نظيرتها في الولايات المتحدة، مما دفع بعض التقارير إلى اقتراح مضاعفة تمويل برنامج "أفق أوروبا"، الذي تبلغ ميزانيته 95 مليار يورو على مدى سبع سنوات، في إطار سباق دولي لاستقطاب الكفاءات العلمية.
كما أن العديد من الجامعات الأمريكية الكبرى تمتلك ميزانيات ضخمة تتيح لها إنشاء مبانٍ جديدة بمئات ملايين الدولارات. وإذا استمرت الضغوط في الداخل الأمريكي، سواء على مستوى الحريات الأكاديمية أو تمويل الطلاب الأجانب وأعضاء هيئة التدريس، فإن فكرة افتتاح فروع جامعية جديدة في أوروبا قد تصبح خياراً أكثر جاذبية لهذه المؤسسات.
في وقت سابق، أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" بأن المؤسسات العلمية في أوروبا وخارجها تتسابق لتوظيف باحثين من الولايات المتحدة، الذين يسعون للفرار من حملة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على وكالات البحث.