رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

تأملات

ربما فوجئ البعض بتوقيت استئناف إسرائيل حربها على غزة، فجر أمس الأول الثلاثاء، لكن أعتقد أن المتابعين للموضوع بدقة لم ينتَبْهم مثل هذه المفاجأة، حيث كانت كل المؤشرات تشير إلى أن تلك العملية وشيكة وستحدث لا محالة. بدا ذلك من الأجواء التى وضعتنا فيها الحكومة الإسرائيلية مع قرب انتهاء توقيت المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار، واتخاذ مجموعة من الخطوات التى تشير إلى انتهاكها بنود الاتفاق ومنها إغلاق معبر رفح ومنع دخول المساعدات وغير ذلك من إجراءات.
وإذا كان المثل يقول: ما أشبه الليلة بالبارحة، فإن الكثير من الكلام الذى قيل على مدار فترة الحرب الأولى على غزة ما بعد طوفان الأقصى إن صح التوصيف، هو نفسه الذى يمكن أن يقال فى معرض تناول الحرب الثانية على غزة والتى هى فى طور استعارها الآن، مع اختلاف جوهرى وحيد هو تولى رئيس أمريكى له نهج مختلف عن سلفه فى البيت الأبيض وهو ترامب.
فإسرائيل تمارس فى حربها أقسى أنواع القوة الغاشمة دون مراعاة لأى أبعاد إنسانية وهو ما يبدو فى العدد الكبير من الشهداء والمصابين جراء الضربات الأولية، كما أن سياسة اغتيالات القادة تبقى ضمن جدول العمليات الإسرائيلية رغم أن تلك السياسة لم تؤت أكلها حيث إن المقاومة تتواصل وبذات الروح التى كانت قائمة قبل وبعد اغتيال قادتها السابقين.
الجديد فى عمليات الحرب الثانية أنها تشير إلى أن إسرائيل لا عهد لها ولا ذمة وهذا جانب غير مقبول فى السياسة الدولية لجهة ضرورة التزام العهود والمواثيق وفى ظل الحقائق التى تشير إلى أن حماس التزمت بشكل كامل بما تم الاتفاق عليه.
فى محاولة تفهم موقف تل أبيب يجب ألا يغيب عن ذهننا أن نتنياهو فى قبوله لوقف النار إنما كان مجبرا على ذلك مسايرة لموقف الرئيس ترامب قرب توليه مهام الحكم، ولم يكن ذلك تعبيرا عن إرادة خاصة به، وأن ذلك ربما كان جزءا من ترتيبات الرئيس الجديد لإدارته لمهامه العالمية والتى لا تمثل الحرب على غزة سوى جزء منها. وقد نصل إلى حد التأكيد أن الحرب الجديدة هى حرب أمريكية وهو أمر تكشف عنه تصريحات ترامب والتى راح يطالب فيها حماس بالإفراج عن كافة الأسرى وإلا فإن رفضها سيفتح أمامها أبواب الجحيم.
مؤدى ما سبق أن استئناف الحرب ورقة ضغط جديدة للتفاوض كما أعلن نتنياهو تحت النار، وانتزاع ما تريده إسرائيل من حماس ما لم تستطع انتزاعه بالمفاوضات وحدها. إذا أضفنا إلى ذلك ما ذهبنا إليه من أن نتنياهو لا يأبه بأرواح الأسرى مقابل الأهداف التى يرى أن الحرب يمكن أن تحققها وأن بكاءه عليهم ليس سوى نوع من المسايرة والمجاملة المجبر عليها فإنه يمكن تفهم الدوافع الإسرائيلية من العمليات الجديدة.
ولا شك أنه ربما عزز من الخطوة الإسرائيلية تقديرها لرد الفعل العربى وغيابه على نحو ما ساد فى الحرب الأولى، وتصور تل أبيب أن وجود ترامب قادر على لجم أى رد فعل عربى غاضب، بما يتيح لها أن تنطلق بلا وجل فى غيها.
طبعا على المستوى الدولى يبدو واضحا أن العملية الإسرائيلية لا يمكن أن تلقى سوى الاستنكار والإدانة ولكن فى ظل حكومة متطرفة كحكومة نتنياهو لا تأبه بقرارات المحكمة الجنائية الدولية أو غيرها، وفى ظل ظهير أمريكى يتماهى مع أهداف تلك الحكومة بل وتمثل سياساته اصطداما مع وحدات النظام الدولى ككل يمكن استيعاب كيف يمكن أن تمر العمليات الإسرائيلية على المجتمع الدولى مرور الكرام دون رد الفعل المناسب.
 

 

[email protected]