ضيف رمضان د. أدى هدايت رئيس جمعية الأخيار الإندونيسية للدراسات الإسلامية
الأزهر منارة العلم والدين

أنفقنا 10 ملايين دولار لكفالة 15 ألف يتيم فى غزة
العلاقة بين مصر وإندونيسيا تاريخية وقديمة.. ونسعى لتعزيزها
نُعظّم الشعائر الدينية.. و«رمضان» شهر القرآن
حوار: صابر رمضان
بدأ الشيخ أدى هدايت، مؤسس ورئيس جمعية الأخيار للدراسات الإسلامية بأندونيسيا، مسيرته العلمية فى روضة الأطفال «برتى وى» فى مدينة «بانديغلانغ» عام 1989، ثم أكمل دراسته الابتدائية وحصل على الطالب المثالى بالمركز الأولى والتحق بالتزامن مع تعليمه النظامى بمدرسته «السنوسية» الدينية فى «بانديغلانغ» وبرز تفوقه حتى تم اختياره ليكون خطيبًا ناشئًا فى جميع حفلات تخرج الطلاب.
فى عام 1997، واصل الشيخ أدى هدايت دراسته المتوسطة والثانوية فى معهد دار الأرقم المحمدية فى غاروت، وخلال هذه الفترة حصل على العديد من الجوائز على مستوى المعهد ومحافظة غاروت خاصة فى مجال تفسير القرآن الكريم.
تخرج الشيخ أدى هدايت بتفوق كطالب مثالى فى المجالين الدينى والعام وتم تكريمه لعرضه بحثًا علميًا بعنوان «مفهوم الذكاء العاطفى والروحى فى القرآن»، أمام كبار الشخصيات التربوية، وفى عام 2003 تلقى دعوة للالتحاق بكلية الدعوة الإسلامية فى ليبيا، حيث تم قبوله رغم أنه اضطر إلى ترك جامعة شريف هداية الله رغم تحقيقه معدلا أكاديميًا متميزًا.
فى ليبيا خضع أدى هدايت لدراسة مكثفة شملت مجموعة واسعة من العلوم الإسلامية بما فى ذلك القرآن الكريم والحديث والفقه وأصوله والتاريخ الإسلامى واللغة العربية، ولتعمقه فى القرآن والحديث التحق ببرنامج اللغة العربية وآدابها لفهم النصوص الشرعية بعمق وإلى جانب دراسته الأكاديمية تلقى دروسًا مباشرة على يد كبار العلماء فى ليبيا وخارجها.
فى أواخر عام 2009 تم تعيينه أمين الخطباء فى مسجد الدعوة الإسلامية بطرابلس وفى أوائل عام 2011 عاد الشيخ هدايت إلى إندونيسيا ليشرف على معهد الحكمة للقرآن فى ليباك بولوس وبعد عامين انتقل إلى مدينة بيكاسى، حيث أسس معهد كوانتوم أخيار «جمعية الأخيار للدراسات الإسلامية» ويعد حاليًا أبرز المتحدثين والوعاظ فى المحاضرات الدينية، وحصل الشيخ هدايت على دكتوراه فخرية من جهتين مختلفتين من جامعة اسطنبول فى تركيا ومن جامعة المحمدية جاكرتا إندونيسيا فى إدارة التعليم الإسلامى ثم حصل على الدكتوراه من كلية الدعوة الإسلامية العالمية بطرابلس ليبيا وأقام الشيخ هدايت علاقات تعاون واسعة مع العديد من المؤسسات الدولية كان أبرزها تعيينه عضوا فى مجلس الإدارة لمركز الاستقلال الإسلامى تورنتو بكندا عام 2021، «الوفد» التقت الدكتور أدى هدايت رئيس جمعية الأخيار الإسلامية بإندونيسيا وكان هذا الحوار.
< بداية نود إعطاءنا نبذة عن جمعية الأخيار للدراسات الإسلامية الإندونيسية؟
- جمعية الأخيار للدراسات الإسلامية QAI بمدينة بيكاسى جاوة الغربية هى جمعية خاصة أهلية معتمدة لدى وزارة الحقوق والإنسان وتركز على تقديم إرشادات إسلامية سليمة وتنويرية فى شتى جوانب حياة الأمة وتسعى بجد إلى نشر المفاهيم الإسلامية بأسلوب ميسر يتميز بالمرونة وفى متناول المجتمع الإندونيسى والدولى بكافة خلفياتهم.
< وهل يقتصر دور الجمعية على المجال التعليمى والتربوى بنوعيه النظامى واللامدرسى؟
- لا تقتصر جمعية الأخيار على المجال التعليمى والتربوى بنوعيه بل تشمل أيضًا برامج خيرية إنسانية لها مساهماتها فى مختلف المجالات الإنسانية والاجتماعية والدينية بما فى ذلك الدراسات والبحوث العلمية وكذلك الشراكات الدولية وبالنسبة للوحدات التعليمية النظامية فهى تشم مراحل تعليمية متعددة ابتداء من رياض الأطفال حتى مرحلة التعليم العالى، حيث تقسم إلى ثلاث وحدات تعليمية أساسية وهى مدرسة الأخيار الإسلامية الدولية ومعهد رافعة الأخيار الإسلامى وأكاديمية الدعوة الإسلامية فرع كلية الدعوة الإسلامية ومقرها الرئيسى فى ليبيا، أما فى مجال التعليم غير النظامى اللامدرسى فيوجد لدى الجمعية مركز التيسير للقرآن الكريم الذى تناول العديد من البرامج القرآنية مثل الحجر القرآنى لحفظ القرآن الكريم فى زمن لا يزيد على 30 يومًا وبرنامج التربية القرآنية لطلاب الجامعة وبرنامج تعليم القرآن الكريم بأكاديمية الشرطة الوطنية الإندونيسية للنساء وبرنامج تأهيل أئمة مساجد المدرسة المفتوحة لحفظ القرآن الكريم وبرنامج يوم واحد مع القرآن.
< وماذا عن البرامج الإنسانية والإغاثات الاجتماعية والدينية؟
- فيما يتعلق بالبرامج الإنسانية والإغاثات الاجتماعية والدينية، فقد بادرنا فى إنشاء ما نسميه بـUAH CARE ، حيث أعطى هذا البرنامج الخيرى كامل اهتمامنا بالمناطق التى تحتاج إلى مساعدات إنسانية واجتماعية ودينية سواء داخل البلاد أو خارجها وذلك مثل أعمال ترميم المبانى والمساجد وإعادة بناء المناطق المتضررة من الكوارث بهدف إعادة أوضاع المجتمع والبيئة المتضررة إلى الحالة الطبيعية بل وإلى الأفضل، ويشمل هذا البرنامج المساعدة اللوجستية والأدوية وبناء أماكن العبادة والمرافق العامة وغيرها. كما تقدم جمعية الأخيار الدعم المتواصل والمباشر للبرامج الدعوية المكثفة ويشمل هذا الدعم التنظيم والتغطية الإعلامية والبث داخل البلاد وخارجها، بالإضافة إلى ذلك عقدت جمعية الأخيار عددًا من الشراكات الدولية فى مختلف البلدان بما فى ذلك تقوية المجتمعات المسلمة من خلال دعم وتوفير المساجد والمدارس وغيرهما من المرافق التعليمية العامة، وجميع هذه البرامج ما هى إلا محاولة لتجسيد تعاليم وإرشادات القرآن الكريم كدليل فى الحياة اليومية من خلال قراءته وحفظه وفهمه وتطبيقه فى الحياة اليومية.
< ما الهدف من زيارتكم للقاهرة فى هذا التوقيت، وهل لديكم بروتوكولات تعاون مع المؤسسات الإسلامية فى مصر؟
- حضرنا إلى مصر للتعاون مع المؤسسات الإسلامية وعلى رأسها الأزهر الشريف فى تحقيق العديد من المشاريع الدعوية والإنسانية والتى تسعى جمعية الأخيار الإندونيسية إلى تنفيذها لتحقيق رسالتها وهى إحياء التعاليم الإسلامية الوسطية فى حياة الأمة اليومية ولدينا تعاون مع كافة المؤسسات الإسلامية لتعزيز العلاقات ليس فقط بين الأزهر الشريف وجمعية الأخيار ولكن بين إندونيسيا ومصر، فالعلاقة بين البلدين تاريخية وقديمة وأخوية، ونحن نريد توطيد هذه العلاقات ونحتاج إلى دعم الأزهر الشريف المعروف بالمنهج الوسطى لإحياء هذه المشاريع، وقد قمت بعقد لقاءات مهمة جدا رسمية مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ووكيل الأزهر ومفتى الديار المصرية وأمين مجمع البحوث الإسلامية ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية والمنظمة العالمية لخريجى الأزهر وأكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة ومرصد الأزهر، وقد وُجهت دعوة لى من وزارة الأوقاف المصرية وتربطنى علاقة طيبة بالدكتور أسامة الأزهرى قبل أن يكون وزيرًا، فقد استقبلته فى إندونيسيا وعقدت له ندوة عالمية، والحمد لله تم عقد بروتوكولات تعاون بيننا وبين الأزهر وستخرج للنور على أرض الواقع بالفعل، وهناك 10 مبعوثين من الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية يعملون الآن فى إندونيسيا على نفقة جمعية الأخيار فى صلاة المحراب والفتوى ودروس العلم وتعليم القرآن، والأزهر الشريف يثمن هذا لنا، وكذلك هناك تعاون مع المنظمة العالمية لخريجى الأزهر لتقديم الإغاثات لأفريقيا وسيكون هناك دعم مادى لأفريقيا عن طريقها وكذلك دعم لفرع دمياط بجامعة الأزهر، وهناك دعم سيقدم لأكاديمية تدريب الأئمة بالأزهر وباحثى الفتوى، وهناك دعم قُدم لأبناء فلسطين عن طريق الرئاسة الإندونيسية وجمعية الأخيار بالتعاون مع الأزهر الشريف، وهناك بروتوكول تعاون لفتح رواق أزهرى بإندونيسيا وفرع لدار الإفتاء وكذلك فرع لتعليم السيدات الدعوة تابع لمجمع البحوث الإسلامية.
< ماذا عن أدوار الجمعية ومساهماتها الخيرية الاجتماعية والدينية داخل إندونيسيا؟
- تقوم الجمعية بطباعة وتوزيع المصاحف مجانا وبناء المساجد والمدارس وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين بالزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية وتوزيع المواد الغذائية والمستلزمات الصحية خاصة خلال جائحة كوفيد 19، وبناء الجسور والممرات فى المناطق النائية وتوزيع المساعدات الاجتماعية للضحايا والمتضررين بزلزال مدينة تشيانجور وتوزيع المساعدات الاجتماعية للضحايا والفئة المتضررة من فيضانات نوو الجنوبية وبناء المصليات والمساجد وغيرها من المرافق الدينية فى جميع أنحاء إندونيسيا.
< وماذا عن دعمكم للقضية الفلسطينية وهل تحظى باهتماماتكم؟
- الحمد لله نحن نهتم بدعم القضية الفلسطينية اهتمامًا كبيرًا، فقد أنفقنا خلال العامين الماضيين حوالى 10 ملايين دولار لكفالة أكثر من 15 ألف يتيم فى غزة وكذلك تقديم الإغاثة بشكل عام بالتعاون مع هيئة الزكاة الإندونيسية والهلال الأحمر، وفى هذا العام يتم التعاون مع الأزهر الشريف لدعم الطلاب الذين يدرسون بجامعة الأزهر الشريف.
وكذلك تقديم المساعدات لفلسطين من خلال المؤسسات الرسمية للدولة مثل هيئة BAZNAS وتقديم المساعدات الإنسانية من خلال منظمة دولية غير ربحية وتوفير منح دراسية لأبناء فلسطين للتعلم فى إندونيسيا وتقديم الرعاية للأيتام فى غزة.
< ماذا عن الشراكات الدولية مع جمعية أخيار التى تترأسها؟
- هناك شراكات عديدة بين الجمعية وبعض المؤسسات الدولية مثل مركز الاستقلال الإسلامى فى تورنتو بكندا ومسجد SGB أوتريخت فى هولندا ومدرسة YUAL الإسلامية الدولية فى طوكيو باليابان والمجتمع الإسلامى الإندونيسى فى الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الإسلامى الإندونيسى فى كوريا الجنوبية.
< كيف ينظر الإندونيسيون للأزهر الشريف، وماذا عن مكانته لديكم؟
- إندونيسيا الدولة الأولى فى الحب والعشق للأزهر الشريف، فنحن نحب الأزهر حبًا جمًا على المستوى الرسمى والشعبى، فليس عندنا أغلى وأعلى وأعظم من الأزهر الشريف، فكما نشتاق إلى زيارة مكة والمسجد النبوى فنحن نشتاق إلى السفر إلى مصر كالاشتياق إلى الحج والعمرة، ونحن نعرف مصر بالأزهر الشريف، بل لا نعرف قارة أفريقيا إلا من خلال الأزهر، فالأزهر قبلة الوسطية وكعبة العلم ومنارة العلم والدين. ونقدر جهود الإمام وقيادات الأزهر الشريف فى نشر تعاليم الإسلام الوسطى ونعشق كل زى أزهرى حتى إننا نسمى أولادنا بالأزهر ومساجدنا حبا فيه وكذلك نطلق على بعض جامعاتنا اسم الأزهر، فالأزهر الشريف هو امتداد الإسلام الوسطى المعتدل الصحيح الذى جاء عن النبى عليه الصلاة والسلام، فنحن نقدر دور الأزهر فى مساندة قضايا الأمة الإسلامية وقضايا الأقليات وفتح الحوار بين الشرق والغرب والتعاون مع الفاتيكان فى نشر الإسلام والمؤتمرات الدولية داخل مصر وخارجها، ونقدر جهود فضيلة الإمام الأكبر فى مساندة القضية الفلسطينية وكذلك ما يقوم به الأزهر الشريف والدولة المصرية قيادة وشعبا لدعم القضية الفلسطينية ماديا ومعنويا وكل هذا يحظى بتقدير الشعب الإندونيسى وقياداته.
< أخيرا.. ماذا عن استقبالكم لشهر رمضان المعظم وما أهم الطقوس فى إندونيسيا خلال المناسبات الدينية؟
- إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، حيث إنًّ بها ما يعادل 280 مليون نسمة فأكثر من 95٪ مسلمون ويُعظّمون الشعائر الدينية جدًا، فنحن نحتفل بالمولد النبوى لمدة تزيد على 6 أشهر فى كل الجامعات والمساجد والمدارس وأى مكان به تجمعات عامة، وبالطبع هناك طقوس فى استقبال المناسبات الدينية، فالمسيرات بالملايين فى الشوارع الرئيسية فى جاكرتا والمحافظات الأخرى سواء فى الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج والمولد النبوى وعند استقبال شهر رمضان يخرج الجميع رجالا ونساء وأطفالا يجوبون الشوارع بالسيارات والدراجات البخارية وكذلك المشى على الأقدام حاملين اللافتات والأعلام للاحتفال بقدوم المناسبة الدينية وتعبيرًا عن فرحتهم، ونحتفل بشهر رمضان بالخروج فى الشوارع فى الليلة التى تسبق الشهر الكريم بالأناشيد والغناء الإسلامى، وفى رمضان تكون كل المساجد عامرة فى صلاة العشاء والتراويح، فكل الشعب يصلى فى المساجد خلال شهر رمضان، ودروس العلم لا تتوقف وتبدأ من صلاة الفجر وبعد صلاة الظهر والعصر والعشاء وأثناء التراويح وبعدها، فنحن نقدس العلم والقرآن الكريم والكل يقرأ القرآن فى رمضان حتى الأعاجم منهم، ومجالس تحفيظ القرآن فى البيوت والمدارس والمعاهد والجامعات والمساجد وهى سمة أهل إندونيسيا فهى دولة القرآن من رئيس الدولة حتى أفقر مسلم فى إندونيسيا وكل له برنامج طوال العام فى قراءة القرآن الكريم، فالدعوة لدينا تركز على القرآن ومعانيه وأحكامه، وبالنسبة للصدقات فهى كثيرة فى رمضان وتقوم المساجد بتوزيع الصدقات على الفقراء فى صورة أموال وطعام، لكن ليست لدينا فكرة «موائد الرحمن» كما فى مصر لكننا نوزع الطعام على هيئة وجبات جاهزة، والمساجد الكبرى تقيم إفطارا جماعيا وهذا مأخوذ من العادات المصرية كما هو الجامع الأزهر الآن، ونصلى التراويح 21 أو 23 ركعة فى الدولة كلها لكنها تكون صلاة خفيفة.