لعل وعسى
استطاعت الدولة المصرية خلال الفترة الماضية أن تواجه العديد من التحديات والأزمات المختلفة، تزامن معها تحديث الرؤية الأولى لاستراتيجية مصر 2030، الهادفة إلى رسم مسيرة تنموية شاملة تشمل أخذ الأولويات والطموحات المتعلقة بالمواطن فى الحسبان، وبالتالى فإننا عندما نتناول قضية من القضايا المطروحة حاليًا والمتعلقة بتحويل الدعم من عينى إلى دعم نقدى أو دعم نقدى مشروط، فإن الأمر يتطلب ضرورة التذكير بأن الرؤية الاستراتيجية المصرية 2030 تقوم على أربع ركائز مهمة، تشمل أن الإنسان المصرى هو محور العملية التنموية، ويجب ان تكون كل البرامج والسياسات الاقتصادية تقوم على تحقيق العدالة والمشاركة والاندماج الاجتماعى من خلال توزيع عادل لمعدل النمو الاقتصادى، وأيضا توجيه النشاط الاقتصادى فى الصورة التى تحافظ على وجود اقتصادا متنوعا ومعرفيا وتنافسيا، أما الركيزة الثانية فهى ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية والإتاحة بكل مشتملاتها، أما الركيزة الثالثة فتقوم على وجود نهج يتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع المستجدات المحلية والإقليمية والعالمية، أما الركيزة الأخيرة فهى الإصرار على تحقيق الاستدامة، وبالتالى فإننا عندما ننظر إلى مخصصات تمويل الدعم والحماية الاجتماعية فى موازنه 2024/2025 نجد انها قد تخطت 636 مليار جنية، والملفت للنظر وهى القضية المثارة حاليًا أن نسبة الدعم العينى تصل إلى 48% من هذه المخصصات، أى حوالى 300 مليار جنيه ما بين دعم مواد بترولية تصل إلى 154 مليار ودعم الخبز والسلع التموينية بحوالى 134 مليار والباقى دعم لنقل الركاب والمياه وغيرها، الإشكالية الكبرى فى الدعم العينى أن نسبة 50% على الأقل من هذا الدعم تذهب لغير مستحقيها سواء الاغنياء أو الأجانب ونسبه لا تقل عن 30% من الدعم العينى ما بين الهدر والفساد والتربح، وبالتالى نجد فى النهاية أن ما يصل إلى المستحقين لا يتجاوز 20% من إجمالى الدعم العينى والمقدر بـ 300 مليار جنية، وهنا كان لابد من ضرورة البحث عن نموذج نضمن به كفاءة أكبر لتوزيع الدعم ووصوله إلى مستحقيه، وبالتالى الحفاظ على استقرار الدولة، بما يتطلبه من ضرورة البحث عن تأمين لاحتياجاتها من السلع الاستراتيجية وهو ما يعنى ضرورة إعادة النظر فى صياغه منظومة الدعم، لتحقيق أكبر استفادة للمواطن المصرى هذا من ناحية، مع البحث عن افضل أسلوب لعلاج اختلالات توزيع ثمار التنمية وتوجيه النشاط الاقتصادى من ناحية أخرى، وبالتالى فإن ما نؤكد عليه الآن، أننا بحاجة ماسة إلى ضرورة إنشاء كيان حكومى لإدارة عملية منظومة الدعم فى مصر، مدعومة بقاعدة بيانات متكاملة وذات موثوقية نستند عليها عند وضع معايير عادلة تساعد فى الوصول إلى المستحقين الحقيقيين للدعم، وبالتوازى مع وجود آليات رقابية نضمن بها الارتقاء بجودة حياة المواطن المصرى، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، وضمان حوكمة للشركات، وعليه فإن التركيز على بعض القضايا الملحة ومنها الدعم، يمثل أحد أهم التحديات الواجب سرعة الاستجابة لمعالجتها بالصورة التى تضمن الوصول لكفاءة أكبر فى توزيع الدعم ووصوله لمستحقيه، وبصورة تجعل استقرار الدولة هو حائط الصد المنيع ضد التحديات والأزمات المتعاقبة.
رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام