رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

يبقى الدعم الأمريكى الدائم لإسرائيل عقبة رئيسية أمام طموحات العالم للوصول إلى حل سلمى للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، فهو يُمثل تشجيعًا صارخًا للمعتدى ليواصل اعتداءاته فى إشارة لتحصين هذه الاعتداءات قانونيًا، وتقييد آليات منع الدول الأقوى لقمع الشعوب منزوعة القوى.

فقبل أيام سلمت الإدارة لأمريكية شحنة قنابل جوية ثقيلة إلى إسرائيل عرفت باسم «ام كيه مارك 84»، تزن الواحدة منها ألفى رطل، وقد تم ذلك تحت لافتة تعزيز قدرات إسرائيل العسكرية لمواجهة أى ظروف طارئة.

ورغم يقين الإدارة الأمريكية بأن هذه القنابل وغيرها من الأسلحة الفتاكة يتم استخدامها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلى ضد المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ، فإن ذلك لم يدفع كائنًا فى الإدارة الأمريكية أن يناقش الأمر أو يدعو لبحثه أو تأجيله من باب الرفق بالإنسانية.

وكما شهدنا مؤخرًا، فإن مساندة الولايات المتحدة لإسرائيل فى الآونة الأخيرة فاقت كل حدود المنطق، ومثلت تشويشًا كبيرًا لصورة أمريكا الأخلاقية لدى كافة شعوب العالم.

صحيح أن أمريكا ساندت إسرائيل بقوة منذ إعلان قيام الدولة الصهيونية سنة 1948، وصحيح أنها استخدمت حق الفيتو عدة مرات فى مجلس الأمن لمنع إدانة إسرائيل، لكنها الآن تتجاوز كل الحدود بإعلان الرئيس ترامب تفويضه إسرائيل لتفعل كل ما تراه مناسبًا فى قطاع غزة لتهجير أهلها. لقد بدت الإدارة الأمريكية بعد تولى دونالد ترامب كما لو كانت تكافئ الجناة وتشارك معهم فى الإجهاز على الضحايا دون أى شعور بالحرج.

وفى تصورى، فإن ذلك يُمثل مشهد ما قبل النهايات فى تاريخ الإمبراطوريات الكبرى، إذ تتورط مثل هذه الدول فى ممارسات وأعمال مناقضة تمامًا للقيم والمبادئ التى تروج لها وتتبناها، وهو ما يزعزع ثقة البشر عموما فيها ويسهم فى تفككها.

لقد لاحظ بعض المفكرين والمحللين الأمريكيين ذلك، واعتبروا أن ممارسة الإرهاب تجاه محكمة العدل الدولية لصالح إسرائيل يمس مفهوم العدالة المفترضة ككل، ويشوه تاريخ أمريكا بامتياز.

فى بدايات القرن العشرين تبنت أمريكا كثيرًا من المبادئ والقيم المثلى بغض النظر عن جدية تطبيقها وممارساتها، كان من بينها حق الشعوب فى تقرير مصيرها، وهو ما دفع بعض المتظاهرين فى مصر فى ثورة 1919 مثلًا إلى رفع العلم الأمريكى فى القاهرة استلهامًا لمبادئ الرئيس ويلسون.

وعلى مدى عقود طويلة استغلت أمريكا مبادئ الحريات وحقوق الإنسان فى مواجهة خصومها والتنديد بهم، بل والتدخل فى شئونهم فى بعض الأحيان تحت هذه الذرائع. وها هى الآن تناقض كافة قيمها وتخالف خطابها الدعائى بدعم الظلم وتحصينه وإرهاب كل مؤسسة دولية تحاول التصدى له.

لقد أساءت سياسات وأفكار وتصريحات ترامب لصورة أمريكا كما لم يفعل خصومها، وهو ما كشف بوضوح هشاشة كثير من الأسس الحاكمة لما يعرف بالنظام العالمى الجديد، إذ تغيب فيه العدالة لحساب المصلحة، وتتقوقع فيه حقوق الإنسان لتتجنب أولئك الذين سلبتهم إسرائيل حقوقهم الأساسية.

بمنطق العدالة التى عشت عمرى متفاعلًا فى طلبها فإننى لا أجد أى بصيص لها فى أكبر دولة فى العالم، وهى أمريكا، وهو ما يمحو لدى الثقة فى كل الأفكار والأطروحات التى رددها الإعلام العالمى ومراكز الأفكار والأبحاث والدراسات والمؤسسات الأمريكية على مدى عقود طويلة بدءًا من العمل المشترك ضد الفقر، مرورًا بكون العالم كله قرية واحدة، والتجارة حرة والمنافسة عادلة، ووصولًا إلى ضرورة العمل معًا لحماية البيئة ومواجهة التغيرات المناخية.

إن كل هذه الشعارات البراقة لا محل لها على أرض الواقع، فلا عبرة لنظام عالمى لا يحفظ حق إنسان فى العيش آمنا على أرضه، ولا عبرة لنظام عالمى لا ينتصر لمظلوم، ولا معنى لنظام لا يوقف عدوانًا ضد الإنسانية.

وسلامًا على الأمة المصرية.