رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الصحف الأمريكية تفضح فشل «ترامب»

بوابة الوفد الإلكترونية

بينما ينتظر العالم المعجزة التى وعد بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى إنهاء الصراعات بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض فى غضون ٢٤ ساعة، لم يكن يعرف الجميع خطته وخطواته نحو تحقيق ذلك، وبخاصة فيما يتعلق بأزمة الشرق الأوسط وغزة فضلاً عن الحرب الروسية الأوكرانية، حتى تجلت خطته الفوضوية لغزة نحو سلام «استعمارى» باستبدال احتلال إسرائيلى بآخر أمريكى لأرض فلسطين وهى الخطة التى رفضها العالم حتى ظهر الاندهاش على ملامح حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الواقف بجانبه. 

ثم يأتى الدور على أوكرانيا التى ظلمت فى أفكار ترامب المنحاز لسلطة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فاستطاع بمكالمة مدتها ٩٠ دقيقة أن يمنحه انتصاراً بعد حرب الثلاث سنوات، حتى بدأ المسئولون الأوروبيون يتصورون ترامب وهو يقف إلى جانب بوتين فى موكب النصر السنوى فى الساحة الحمراء فى موسكو فى التاسع من مايو، وهو يشاهد دبابات تي-90 تمر أمامه. وحتى لو كانوا يعلمون أن هذا سيحدث، لم يكن أحد يتوقع أن يتطور الموقف بهذه السرعة. وقد عبر دبلوماسى أوروبى لصحيفة التلغراف عن مفاجأتهم بالإعلان، وبالطريقة التى تم بها ذلك. قائلاً: أنا متأكد تماماً من أن واشنطن لم تكن تعلم أنه سيفعل هذا. لم يكن شعبه يعرف وتابع : أعنى، هذه هى الطريقة التى يعمل بها، أليس كذلك؟ إنها غير منتظمة، وغير منسقة، وغير معلنة. »

فيما يقول الخبراء إن نهج ترامب فى التعامل مع صفقات السياسة الخارجية هو إحياء لنهج إمبراطورى عفا عليه الزمن عندما خاضت القوى الإمبريالية لعبة كبيرة من أجل النفوذ، دون أى تظاهر بأن فتوحاتها كانت متجذرة فى رغبات السكان المحليين، وهو ما قد يؤدى إلى نتائج عكسية. حتى وصفته نيويورك تايمز الأمريكية أنه يفرض سطوته على الضعفاء. 

وترى الصحيفة الأمريكية أن الفلسطينيين والأفغان والجرينلانديين والبنميين هم البيادق الحقيقية فى لعبة الشطرنج الجيوسياسية التى يخوضها ترامب. ويبدو أن أولوياتهم وتفضيلاتهم وتطلعاتهم لا علاقة لها بطموحات ترامب فى إعادة رسم خريطة العالم على غرار شعار «أمريكا أولاً». 

ويضيف تشارلز أ. كوبشان، أستاذ الشئون الدولية بجامعة جورج تاون: «لقد كان استخدام القوة المفرطة جزءاً من السياسة الخارجية الأمريكية طوال تاريخنا. ولكن كانت هناك عادة جهود لإضفاء الشرعية على القوة الأمريكية من خلال شكل من أشكال الحوار. وهذا غائب عن السياسة الخارجية لترامب». 

وقد تم تشبيه غرائز ترامب التوسعية بغرائز ويليام ماكينلى، الرئيس الأمريكى الخامس والعشرين، الذى أدى انتصاره فى الحرب الإسبانية الأمريكية عام 1898 إلى وضع الفلبين وجوام وبورتوريكو تحت سيطرة الولايات المتحدة الناشئة. كما ضم هاواى أيضاً. ولكن ترامب ينتمى إلى تقاليد مارك سايكس وفرانسوا جورج بيكو، الدبلوماسيين البريطانيين والفرنسيين الذين أداروا المفاوضات السرية التى أدت إلى تقسيم بقايا الإمبراطورية العثمانية فى بلاد الشام خلال الحرب العالمية الأولى. وقد رسمت اتفاقية سايكس بيكو حدود الشرق الأوسط الحديث، مع القليل من الاهتمام بالمجتمعات العرقية والدينية التى عبرتها خطوطها.

ويرجع المؤرخون الاستياء الذى اندلع إلى صراع فى الشرق الأوسط إلى الطبيعة التعسفية لتقسيم أوروبا للمنطقة. ويتساءل البعض عما إذا كان النهج المتغطرس الذى يتبناه ترامب تجاه مصالح الفلسطينيين أو البنميين قد يؤدى إلى تأجيج التوترات الجديدة وإشعال الصراعات فى المستقبل. حيث أوضح ريتشارد هاس، الرئيس السابق لمجلس العلاقات الخارجية أن تجاهل السكان المحليين يعرضك للخطر». وقد أدى ذلك إلى اندلاع الحرب التى يقترح ترامب إنهاءها بتشتيت 2. 1 مليون فلسطينى فى غزة إلى الأردن ومصر، ثم الاستيلاء على الجيب لإعادة تطويره كريفيرا عربية. 

وأضاف هاس: «فى نهاية المطاف، فإن ما يحدث فى أوكرانيا أو غزة أو بنما سوف يتأثر بشدة بالناس الذين يعيشون فى تلك الأماكن. إن قدرة الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين على التحكم فى هذه الأمور ليست تلقائية». 

ورغم حديث ترامب الى زيلنيسكى عقب بوتين لكن جاء اعلان ترامب عن مفاوضات سلام «فورية» مع روسيا وهو ما فاجأ الرئيس الأوكرانى وكذلك الزعماء الأوروبيين حمل السمات المميزة لنهج الحرب الخاطفة فى التعامل مع الجغرافيا السياسية فى الأيام الأولى من ولايته الثانية. وبدا اقتراحه بإخلاء غزة وكأنه فاجأ حتى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى كان يزوره فى واشنطن. 

وقال محللون إن السرعة الخاطفة التى يتسم بها ترامب كانت تهدف إلى زعزعة استقرار المنتقدين المحتملين لصفقاته وتقليص الضغوط أو التدقيق التى قد تؤخر أو تضعف تلك الصفقات. وقال البعض إن ترامب تعلم من ولايته الأولى، عندما أشرف وزير خارجيته فى ذلك الوقت، مايك بومبيو، على مفاوضات أكثر تقليدية مع زعماء طالبان لإنهاء الحرب فى أفغانستان. 

وفى حين تركت إدارة ترامب الحكومة الأفغانية الموالية للغرب وحلفاء أمريكا فى حلف شمال الأطلسى خارج العملية، فإن الطبيعة العامة المطولة للمحادثات جلبت المتظاهرين، بما فى ذلك الجماعات النسائية، إلى شوارع الدوحة، عاصمة قطر، حيث كان الجانبان يجتمعان.

ويقول المنتقدون إن الاتفاق الذى تم التوصل إليه فى عام 2020 فتح الباب أمام سيطرة طالبان الكارثية على أفغانستان بعد 17 شهراً، على الرغم من أن حلفاء ترامب يلقون باللوم فى ذلك على ما يقولون إنه انسحاب فاشل للقوات الأمريكية من قبل الرئيس جوزيف بايدن جونيور. 

واكد فالى ر. نصر، أستاذ الشئون الدولية فى كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة: «لقد تعلم ترامب أن المؤسسة ووسائل الإعلام يمكن أن تمارس ضغوطاً هائلة على أى اتفاق. ويتلخص نهجه الآن فى تقديم الأمر الواقع للعالم، دون أى مجال للتأثير على الأمور». 

وقال نصر، الذى عمل على السياسة الأفغانية أثناء إدارة أوباما، «إن الصفقات التى تكون غامضة إلى هذا الحد ويتم إجراؤها بهذه السرعة تكون أكثر عرضة للأخطاء الجسيمة لأنها لا تخضع للتدقيق». 

ويبدو أن ترامب يشعر براحة أكبر فى التعامل مع الخصوم أكثر من الحلفاء. وقال هاس إن هذا قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من الدبلوماسية مع إيران. 

ومن المرجح أن تأتى المشكلة فى جهود ترامب للضغط على الحلفاء. فلم يستسلم الملك عبد الله الثانى ملك الأردن ولا الرئيس عبد الفتاح السيسى من مصر لمقترحه باستقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة. ورفضت بنما طلبه بأن تستولى الولايات المتحدة على قناة بنما بحسب نيويورك تايمز الأمريكية 

كما رفضت الدنمارك اقتراحه بشراء جرينلاند، إقليمها شبه المستقل. وقد رفضت جرينلاند نفسها الأمر نفسه، على الرغم من أن رئيس الوزراء، موتى إيجيدى، قال إنه سيكون منفتحاً على العمل مع الولايات المتحدة فى مجال الدفاع والموارد الطبيعية. وفى هذا الصدد، قد يكون إيجيدى أكثر وضوحاً فى دوافع ترامب مقارنة بالعديد من الزعماء. 

ويقول المحللون إن السياسة الخارجية للرئيس متجذرة فى الحسابات التجارية إلى الحد الذى يجعل السكان المحليين لا يدخلون فى المعادلة إلا نادراً. فغرينلاند تقع على طول ممرات الشحن القطبية الشمالية القيمة، ومثلها كمثل أوكرانيا، تتمتع برواسب معدنية غنية. وبنما لديها قناتها الخاصة. وغزة تتمتع بساحل خلاب على البحر الأبيض المتوسط.

يقول البروفيسور كوبشان، الذى عمل فى الشئون الأوروبية فى إدارة أوباما: «ما يميز ترامب هو أنه مادى بنسبة 100%. ولا يوجد ذرة من الأيديولوجية فى أى من هذا». وأضاف إن ماكينلى حين بدأ الحرب الإسبانية الأمريكية، كان يفعل ذلك ظاهرياً لتحرير الكوبيين من الحكم الاستعمارى الإسبانى. وحتى غزو الفلبين، كما يقول، كان يتم تحت ستار «مهمة حضارية».