تعلم في 5 خطوات.. كيف تستعد لشهر رمضان؟

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تكثر التساؤلات حول كيفية الاستعداد لهذا الشهر الكريم روحيًا وجسديًا، وفي هذا السياق، أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن شهر رمضان ليس مجرد فترة زمنية للصيام والعبادة، بل هو فرصة لاستعادة الانسجام مع النظام الزمني الإسلامي الذي يتوافق مع أوقات العبادات، ويعيد المسلم إلى إيقاع الحياة المتوازن الذي كان سائدًا قبل التغييرات الحديثة.
كيف تغير نظام الحياة اليومية؟
أشار جمعة إلى أن النظام الزمني في المجتمعات الإسلامية كان قديمًا يعتمد على غروب الشمس كبداية لليوم الجديد، ما يتناسب مع أوقات الصلوات الخمس، غير أن هذا النظام تغيّر في عهد الخديوي إسماعيل، حيث تم استبدال التقويم الهجري بالميلادي، وأصبحت الساعة 12 منتصف الليل هي بداية اليوم، بدلًا من المغرب.
هذا التغيير أدى إلى اضطراب في فهم النصوص الدينية التي تشير إلى ساعات الليل والنهار، مثل حديث النبي ﷺ عن فضل التبكير إلى صلاة الجمعة، حيث كان الناس قديمًا يدركون بسهولة معنى "الساعة الأولى" و"الساعة الثانية" وفقًا لحساباتهم الزمنية المرتبطة بالمغرب والفجر.
رمضان يعيد النظام الزمني الصحيح
يرى جمعة أن شهر رمضان يعيد المسلم إلى النظام الطبيعي للحياة الذي كان يتبعه المسلمون قديمًا، حيث يصبح النوم بعد العشاء والاستيقاظ قبل الفجر نمطًا شائعًا، مما ينسجم مع أوقات العبادة وقيام الليل. إلا أن البعض يجد صعوبة في التأقلم مع هذا التغيير، والسبب يعود إلى أنهم لم يستعدوا له بشكل تدريجي.
الصيام التدريجي في شعبان كوسيلة للاستعداد
لتجنب الإرهاق والاضطراب في الأيام الأولى من رمضان، يؤكد الدكتور علي جمعة على أهمية الصيام في شهر شعبان، حيث كان النبي ﷺ يُكثر من الصيام فيه، وذلك لأنه يمثّل مرحلة انتقالية تساعد الجسم والعقل على التكيف مع نمط الحياة في رمضان. فمن خلال الصيام التدريجي، يعتاد الإنسان على تغيير أوقات النوم والاستيقاظ، كما يتأقلم جهازه العصبي مع نظام الأكل والشرب الجديد، مما يجعله أكثر قدرة على استقبال الشهر الفضيل دون الشعور بالإجهاد المفاجئ.
كيف نبدأ الاستعداد لرمضان؟
1. الإكثار من الصيام في شعبان: اقتداءً بسنة النبي ﷺ، حيث يساعد ذلك في التأقلم مع الصيام الطويل في رمضان.
2. تعديل مواعيد النوم والاستيقاظ: البدء في تنظيم أوقات النوم تدريجيًا، بحيث يصبح النوم بعد العشاء والاستيقاظ قبل الفجر عادة يومية.
3. التقليل من المنبهات والمأكولات الدسمة: لتجنب الصداع والإرهاق في الأيام الأولى من رمضان.
4. ممارسة العبادات بكثافة: الإكثار من الصلاة وقراءة القرآن والذكر لتأهيل النفس روحانيًا لاستقبال الشهر.
5. إعادة ضبط النظام الغذائي: تقليل الوجبات الثقيلة في المساء والاعتياد على تناول وجبة السحور في وقت متأخر من الليل.
رمضان فرصة لاستعادة التوازن
يؤكد الدكتور علي جمعة أن رمضان ليس شهرًا يقلب حياة الإنسان رأسًا على عقب، بل هو فرصة لاستعادة التوازن الطبيعي الذي ينسجم مع الفطرة وأوقات العبادات، ويعيد المسلم إلى إيقاع حياة صحي ومتزن. لذا، فإن الاستعداد له بالشكل الصحيح لا يقتصر على النية فقط، بل يتطلب خطوات عملية تدريجية تضمن التكيف السلس مع أجوائه الروحية والجسدية.