عاجل
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

محمد صفوت باشا، رجل قضى حياته في خدمة وطنه، ترك بصمة واضحة في العمل العام المصري، وخصوصا خلال فترة توليه وزارة الأوقاف بين عامي 1936 و1937. 

هذه الفترة، رغم قصر مدتها، كانت مليئة بالإصلاحات والإجراءات التي تهدف إلى تحسين الأداء الإداري والمالي للوزارة، ورفع مستوى الخدمات الدينية المقدمة للمواطنين، لتكون مثالا على كيفية دمج الكفاءة والالتزام الوطني في إدارة شؤون الدين والمجتمع.

لم يكن تولي صفوت باشا لمنصب وزير الأوقاف مجرد حدث إداري عابر، بل كان تتويجا لمسيرة حافلة بالمناصب والخبرات، فقد تقلد من قبل عدة مواقع مهمة، منها وزارة الزراعة في حكومات مصطفى النحاس باشا.

حيث أظهر اهتمامه بالملفات الزراعية وخصوصا مقاومة الجراد، وهي قضية تمس حياة الفلاحين المصريين مباشرة، كما شغل منصب وزير الأشغال العمومية بالنيابة، وسبق له أن عمل في إدارة مجلس الإسكندرية البلدي وعضوية مجلس الشيوخ، كل هذه الخبرات جعلته أكثر قدرة على إدارة وزارة الأوقاف بحنكة وحس وطني عميق.

إصلاحاته في وزارة الأوقاف تعكس حرصه على ضبط العمل الإداري والمالي، والحفاظ على أموال الوقف، فقد اهتم بمراجعة حالات أصحاب المرتبات الخيرية لضمان استحقاقهم، ومنع تأجير الأراضي التابعة للوزارة للعاملين بها، وركز على تنظيم العمل داخل الوزارة بحيث تعطى التصريحات الصحفية فقط لوكيل الوزارة أو قسم الإدارة.

كما نقل إدارة التعليم إلى قسم الإدارة وأنشأ قلما للمحفوظات لضمان حفظ الحقوق والوثائق، ولم يغفل التدابير اللازمة عند وقوع أي حادث اختلاس، مما يعكس اهتمامه بالنزاهة المالية والشفافية.

محمد صفوت باشا لم يكتف بالجوانب المالية والإدارية، بل اهتم أيضا بالدعوة إلى الله وتنظيم العمل الديني في المساجد، حرص على أن يتفرغ الأئمة لمهامهم الدينية، ووضع نظاما صارما لمواعيد المحاضرات الدينية في المساجد، سواء في القاهرة أو المحافظات الأخرى، مع تحديد مكان ووقت المحاضرات للرجال والنساء على حد سواء. 

كما عمل على تنظيم المرور على المساجد وتوزيع مناطق التفتيش على الأفراد المسؤولين، ووضع نظاما دقيقا للتفتيش على المساجد والمقارئ، مع مراعاة صرف المرتبات للعاملين وفقا لصلاحيتهم واستمراريتهم في العمل.

ما يميز محمد صفوت باشا هو توازنه بين الروح الوطنية والقدرة على اتخاذ قرارات عملية، لا تعتمد فقط على القانون والنظام، بل تأخذ بعين الاعتبار مصلحة المواطنين والدولة معا. 

لقد كان رجلا يرى أن الخدمة العامة مسؤولية عظيمة، وأن الإدارة الناجحة هي التي تجمع بين الكفاءة والعدالة، وهذا ما ظهر جليا في اهتمامه بمكافحة الفساد المالي، وتحسين الأداء الإداري، وضمان استمرارية الخدمات الدينية لكل المصريين، وهو أمر لم يكن سهلا في زمن شهد تحديات كبيرة على المستويين الاجتماعي والسياسي.

وفي قلب كل هذه الإنجازات، نجد محمد صفوت باشا يعيش وطنية صادقة، حيث لم يكن عمله مجرد تنفيذ للمهام، بل كان تعبيرا عن حب مصر وحرصه على نهضتها. 

حتى في مناصبه السابقة كوزير للزراعة وعضو مجلس الشيوخ، أبدى اهتماما مباشرا بالقضايا التي تمس حياة المواطنين اليومية، مثل مقاومة الجراد وتحسين إدارة الأراضي الزراعية، وهو ما يدل على أن رؤيته كانت شاملة وعميقة، تجمع بين الشأن الديني والاجتماعي والاقتصادي، من أجل مصر أفضل.

محمد صفوت باشا مثال نادر للقائد الإداري الوطني الذي يوازن بين الحكمة والعدل، بين الإصلاح المالي والإداري وبين خدمة الدين والمواطن، وبين الالتزام بالقوانين والحرص على الإنسانية. 

لقد ترك بصمة واضحة في تاريخ وزارة الأوقاف، وأصبح اسمه مرتبطا بالجدية والكفاءة والروح الوطنية، وهو نموذج يحتذى به لكل من يتطلع إلى خدمة وطنه بإخلاص ووعي كامل.