رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

 أرجع الدكتور«مدبولى» سبب استيراد الحكومة «مليون طبق بيض» بواقع 30 مليون بيضة كحل فورى لتحقيق التوازن فى الأسعار، ثم جاء رد سيادته على الغضبة التى اجتاحت النفوس بعد عمليات الهدم والإزالة فى منطقة الإمام الشافعى، بأن هذا التجاوز وسوء الفهم « لن يتكرر» مع تكليف فورى للوزارات المعنية بالتوقف عن تلك العمليات، والتأكيد على احترام الدولة للمبانى الأثرية وذات القيمة التاريخية.

ربما تطفو على السطح أسئلة تحتاج إلى إجابات منطقية ردًا على تبريرات الحكومة فيما يتعلق بالفقرة السابقة، منها: كم عدد المبانى التاريخية التى تم تجريفها؟ ولماذا لم يحاسب من فعل ذلك ولماذا فعل ذلك؟ ولماذا لم تقدم الحكومة اعتذارًا صريحًا عن تلك الهجمة من التجريف والإبادة الثقافية؟ وما هى الأسباب التى حولت وجهتنا إلى طريق استيراد «البيض» بعد وصول إنتاجنا إلى 14 مليار بيضة وتحقيق الإكتفاء الذاتى ووجود فائض للتصدير، وفقًا لتقرير رسمى من وزارة الزراعة فى يوليو 2023؟!

الإجابات المنطقية لن تجدها فى كلمات تسبقها نبرات الحزن، أو تعلوها إيماءات وإيحاءات تشير إلى الأحداث الخارجية، الإجابات الواقعية تنطق بها سطور وصور «بيانات» تُزين حساب «مجلس الوزراء الرسمى» على مواقع التواصل الاجتماعى، وقامت بنشرها عدد من المواقع الإخبارية، نستعرض منها «اثنين» هما الأكثر ارتباطًا بسياق الحديث:

الأول: بيان صادر عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، ممثلة فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية، بشأن متابعة أعمال الرعاية الصحية والتغذية بحديقة الحيوان بالجيزة، فى سياق الخبر وعلى لسان الدكتور «ممتاز شاهين» رئيس الهيئة، تجد أنه تم تخصيص أماكن متفرقة لإطعام «القطط» المتجولة، والتأكد من جودة الطعام المقدم لها ومطابقته للمواصفات، لضمان عدم إصابتها بأى أمراض وتحصينها ضد الأوبئة.

اللافت ليس سياق الخبر الروتينى كزيارة رئيس الهيئة كما أشار البيان، بل تلك الصور المصاحبة له، والتى توضح مراحل انتظار وصول القطط «المشردة»، لتوثيق تلك اللحظات العظيمة فى عمر الإنسانية، تشرح الصور كيف أصيب بعض الحضور بحالة من «التوتر» وعدم الارتياح، بسبب تأخر وصول تلك القطط «المشردة»، ثم ولله الحمد وصلت إحداها، وتحول «القلق» إلى «سكينة» وتم توثيق الحدث بنجاح، بالتقاط صورة لقطة تتناول وجبة طعام فاخرة بجوار نوعية «شيكارة الدراى فوود» المقدم لها!

كم هى محظوظة تلك القطط بين إخوانها «المشردين» الباحثين عن صندوق قمامة لخطف بقايا طعام، بعد أن دخل بعض البشر معهم هذا السباق!

البيان الثانى: خلال تفقد رئيس الوزراء «سوق اليوم الواحد» فى الإسكندرية، وخلال جولة التفقد، استمع سيادته إلى شرح السيد المحافظ، وكيف أن هذا السوق تجربة مميزة، وأنه يسهم فى تحقيق أهداف الدولة الاستراتيجية، وتحقيق متطلبات الأمن الغذائى المستدام، ومن المؤكد أن بقية التفاصيل لا تحتاج إلى سرد أو توضيح.

اللافت فى هذا البيان، أن هذا المشروع أو«السوق»، كما قال عنه المحافظ، أنه يقام بالتعاون مع: «التموين والتجارة الداخلية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، والزراعة واستصلاح الأراضى، والاستثمار والتجارة الخارجية، بالإضافة إلى محافظة الإسكندرية والاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، مع التنويه بأن المشروع مدعوم من المعونة الإيطالية والمركز الدولى للدراسات الزراعية لدول البحر الأبيض، واتحاد الزراعة الإيطالى، ومنظمة أسواق المزارعين الإيطالية، والتحالف الدولى لأسواق المزارعين، وبتمويل من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولى الإيطالية »، كل تلك الهيئات والوزارات تعاونت من أجل إقامة سوق! 

نأتى للمشهد الأكثر إثارة فى الرواية وهى الصورة التى تشرح وتوثق الأحاديث الودية التى جرت بين السيد رئيس الوزراء، والسيد المحافظ، والسادة المرافقين، مع عدد من البائعين وأصحاب المحال وحالة الفرح و«الرضا» التى تكسو الوجوه، مع التأكيد على جودة المنتجات العالية، وأنها أرخص ثمنًا من الأسواق الأخرى، ولا يفوتنا إظهار أصحاب تلك المنتجات بملابس موحدة تليق بزيارة رئيس الوزراء!

الخلاصة: بين مشاهد تصوير قطط «مشردة» تأكل «الدراى فوووود» الفاخر فى البيان الأول، وجولة السيد رئيس الوزراء التفقدية لمشروع « سوق اليوم الواحد» فى البيان الثانى، وعدد الوزارات المشاركة والجهات الداعمة لإقامته، يكمن السبب الحقيقى والإجابات الأكثر واقعية عن أسباب تغير وجهتنا من تحقيق الاكتفاء الذاتى «من البيض» وفائض التصدير إلى الاستيراد، وتَغير قِبلتنا من الحفاظ على التراث إلى التعامل مع الأثر أنه حجر.

فى النهاية: الموهوب أحمد زكى فى فيلم «البيضة والحجر»، بعد أن فشل كمدرس فلسفة فى محاربة «الغلاء بالاستغناء» اتخذ قرارًا باحتراف الدجل والشعوذة واللعب بآمال ورغبات الناس، وبقيت فى الأذهان جملته الشهيرة: «ويل للعالم اذا انحرف المتعلمون وتبهيظ المثقفون»، وتلك من ويلات سياسة «البيضة والحجر».

حفظ الله مصر من كل سوء .

[email protected]