رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الذكرى الـ85 للشيخ عبد الرحمن قراعة.. مفتي الديار وأول أستاذ للأدب

بوابة الوفد الإلكترونية

قامت هيئة كبار العلماء بإحياء ذكرى وفاة الشيخ العلامة عبد الرحمن قراعة، حيث توفي في مثل هذا الشهر -شهر نوفمبر من شهور عام 1939م، الموافق شهر شوال من شهور سنة 1358هـ، وهو ابن العلامة الشيخ محمود قراعة، قاضي مديرية أسيوط، ابن الشيخ أحمد قراعة، مفتي المالكية بأسيوط، ابن الشيخ محمد قراعة السيوطى الحنفي.

 

نشأة الشيخ قراعة 


ووضحت الهيئة أنه كان من أسرة علمية، وأول من لقب بهذا اللقب (قراعة): ولي الله محمود أبو قراعة، صاحب المسجد والضريح بدرنكة، وأصل هذه الأسرة من عرب الحمراء ببلاد الحجاز. 


ولد الشيخ عبد الرحمن قراعة سنة 1279ه/ 1862م، وقيل سنة 1274ه، في مدينة أسيوط، ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم على يد والده قبل أن يتجاوز التاسعة من عمره، وتجلت فيه ملكة الإنشاء وقرض الشعر صغيرا، فكان ينظم الشعر، وظهر عليه الذكاء والنبوغ.
أرسله والده إلى الأزهر الشريف، فاغترف من بحر علومه على يد كبار علمائه، ومنهم: الشيخ السقا، والشيخ عليش، والشيخ محمد الأشمونى، والشيخ محمد المهدي العباسي شيخ الجامع الأزهر، والشيخ عبد الرحمن البحراوي، والشيخ عبد القادر الرافعي، وغيرهم، وحضر دروس الشيخ جمال الدين الأفغاني، والإمام محمد عبده، وكان له اختصاص بالعلامة الشيخ حسن الطويل.

 

تعليم الشيخ 


حصل على شهادة الإذن بالتدريس بالجامع الأزهر من الدرجة الأولى، في عهد الشيخ حسونة النواوي، واتسعت حلقات دروسه، وذاعت شهرته، ثم نقل إلى أسيوط، فأقام بها أربع عشرة سنة، ثم عاد إلى القاهرة.


وكان يقصد منزله بباب الوزير كبار المفكرين من العلماء والأدباء والساسة؛ حيث كانت تعقد به الندوات الدينية والعلمية كل ليلة بلا انقطاع، وكان من بين الذين يترددون ويحرصون على حضور هذه اللقاءات أصحاب الفضيلة: الشيخ أبو الفضل الجيزاوي، والشيخ الأحمدي الظواهري، والشيخ محمد شاكر، والشيخ الشافعي الظواهري، وغيرهم. 


وقد انعقدت بين الشيخ عبد الرحمن قراعة والأستاذ محمد عبد المطلب الشاعر المعروف صداقة قوية، وقد استطاع الشيخ عبد الرحمن قراعة التأثير في محمد عبد المطلب؛ فنشط موهبته، وهذب فكره، وقوم شعره.


كما كانت بينه وبين الشيخ محمد عبده صلة وثيقة، لدرجة أن الشيخ محمد عبده كان يصرح في بعض مجالسه بأن الشيخ عبد الرحمن قراعة هو أكبر أولاده، وأصغر إخوته، وقد حضر معه بعض دروس الشيخ جمال الدين الأفغاني. 

علم الشيخ ومناصبه 


ولما تمتع به الشيخ عبد الرحمن قراعة من علم غزير عين مفتيا بمديرية سوهاج عام 1315ه/ 1897م ولم يكن قد جاوز الرابعة والثلاثين من عمره، ثم صدر قرار في عام 1324ه/ 1906م بترقيته إلى وظيفة قاضي مديرية أسوان، ولم يستقر به المقام في أسوان إلا سنتين؛ حيث صدر قرار بترقيته إلى قاضي مديرية الدقهلية، وقد اشتهر بالنزاهة والاستقامة والكرامة والنفوذ في فصل الخصومات، والبعد عن مواطن الشبهات، وعين رئيسا لمحكمة بني سويف سنة 1329ه/ 1911م، فأصلح شئونها، وأخذ يترقى في سلك القضاء؛ فعين عضوا بالمحكمة الشرعية العليا، ثم نائبا لها، ثم بعد ذلك مديرا للجامع الأزهر وسائر المعاهد الدينية الإسلامية، ووكيلا للأزهر الشريف سنة 1333ه/ 1915م.


ومنح الشيخ عبد الرحمن قراعة كسوة تشريف علمية من الدرجة الأولى بناء على الأمر العالي السلطاني الصادر عام 1333ه/ 1915م. 
وكان آخر منصب تولاه الشيخ عبد الرحمن قراعة منصب مفتي الديار المصرية من عام 1339ه / 1921م، حتى عام 1346ه/ 1928م، وقد منح الشيخ قراعة نيشان النيل من الطبقة الثانية بالأمر العالي السلطاني عام 1339ه/ 1921م من السلطان فؤاد.


ونظرا للمكانة التي كان يتبوؤها الشيخ صدر قرار بتعيينه عضوا بهيئة كبار العلماء، وذلك في الحادي والعشرين من ذي القعدة 1338ه، الموافق السادس من أغسطس 1920م، وفي سنة 1923م صدر الأمر الملكي رقم (72) بتعيين الشيخ عبد الرحمن قراعة عضوا بمجلس قسم التخصص بالجامع الأزهر.


يعد الشيخ قراعة أول من قام بتدريس علم الأدب في الأزهر، وقد درس مقامات الحريري، وحضر عليه كثير من نوابغ الأدب؛ كالأديب مصطفى لطفي المنفلوطي، وغيره، وحين أقام بأسيوط كان يفد إلى مجلسه كبار القوم؛ لينهلوا من علمه، فدرس لهم مع الأدب التفسير والحديث، وتتلمذ على يديه في تلك الفترة: محمد بك أبو شادي، وعبد الله هاشم، وحسين بك فهمي، وإمام بك فهمي، وغيرهم.

مؤلفات الشيخ قراعة 


أما عن مؤلفاته فنظرا لانشغال الشيخ بالوظائف الكثيرة التي تولاها، وانشغاله بالندوات التي كانت تقام بمنزله العامر ليلا، كل ذلك لم يترك له فرصة للتفرغ للتأليف رغم رسوخه في مختلف العلوم والفنون، ولا يعرف عنه أنه ترك مؤلفات علمية اللهم إلا بحثا في النذور وأحكامها، تم طبعه عام 1355ه/ 1936م، وكذا مجموع الفتاوي بدار الإفتاء، ويبلغ عددها نحو (3065) فتوى. 


وقد ترك الشيخ مجموعة كبيرة من القصائد الثمينة التي قالها في مختلف المناسبات، برهن فيها على أنه الأديب الذي يترجم بالشعر والنثر معاني دقات القلب وخفقاته، ويصور في أحسن الصور المعنوية كل ما يشعر به، وكل ما يجول في فكره، ويجيش في صدره، فضلا عما تركه من ثروة شعرية فقهية، فقد امتزج فقهه بشعره؛ فجعل يصوغ المسائل الفقهية الصعبة في نظم جميل، يحق لنا أن نتجاوز القواعد الموضوعة ونسميه شعرا.

وفاة الشيخ العلامة عبد الرحمن قراعة 


وبعد رحلة عمرية جاوزت الثمانين عاما، تنقل خلالها من أسيوط إلى أسوان، ثم إلى الدقهلية، واستقر به المقام في القاهرة، وترقى خلالها قاضيا ومفتيا، وازدانت به المجالس الأدبية، وارتقت المناصب العلمية بحضرته حتى صار عضو هيئة كبار العلماء، توفي الشيخ عبد الرحمن قراعة في شهر شوال 1358ه، الموافق شهر نوفمبر سنة 1939م.