لعل وعسى
يعتبر تسليط الضوء على التقرير الصادر عن منظمة «الأمم المتحدة»، بعنوان «الوضع الاقتصادى العالمى وآفاقه» من العلامات الجيدة لاستمرار مسار التنمية المصرية، حيث أوضح التقرير أن الاقتصاد العالمى إتخذ مسارا أكثر استقرارًا، وذلك بعد سنوات من الاضطرابات والتقلبات الكبيرة فى الناتج الاقتصادى. وبعد صمود الاقتصاد العالمى بشكل جيد فى مواجهة الصدمات الأخيرة، بما فى ذلك زيادات أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى خلال عامى 2022 و2023 وتصاعد الصراعات وما صاحبها من تداعيات على الساحة العالمية، وقد توقع التقرير أن يسجل النمو العالمى 2.7% فى كل من عامى 2024 و2025، ويمثل هذا تعديلًا صعوديًا بنسبة 0.3% لعام 2024، مقارنة بالتوقعات فى يناير الماضي، وهو ما يعكس بشكل رئيس أداءً اقتصاديًا أفضل من المتوقع فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن أيضًا تحسن آفاق النمو فى الأمد القريب فى بعض الاقتصادات الكبرى، خاصة البرازيل والهند والمملكة المتحدة. والأهم فى هذا التقرير الأممى أن العام القادم سوف يتم تعويض التباطؤ المتوقع فى نمو الاقتصاد الأمريكى والاقتصاد الصينى من خلال انتعاش النمو فى اقتصادات كل من كندا واليابان وأوروبا والعديد من الاقتصادات النامية الكبيرة، بما فى ذلك الأرجنتين والبرازيل وجنوب أفريقيا. ولكن يمكن القول بأن هناك مجموعة من الملاحظات ترقى لدرجة التحدى أمام الاقتصاد العالمى خلال الفترة المقبلة، وهى: أولًا: رغم هذا الأداء الإيجابى للاقتصاد العالمي، فلا يزال النمو العالمى ضعيفا وفقًا للمعايير التاريخية الأخيرة، حيث يقل عن متوسط معدل النمو المسجل ما قبل الجائحة البالغ 3.2% المسجل خلال الفترة (2010–2019). ثانيًا: لا تزال أسعار الفائدة المرتفعة السائدة، والحيز المالى المحدود، وعدم اليقين الجيوسياسى المستمر، تلقى بظلالها على الآفاق الاقتصادية، وبرغم قيام الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بتخفيض سعر الفائدة خلال الأيام الماضية. ثالثًا: لا يزال عدد كبير من الدول خاصة فى أفريقيا، تواجه آفاق نمو ضعيفة على خلفية الظروف المالية الصعبة خاصة قضية الديون الخارجية، والتأثيرات المتفاقمة لتغير المناخ.
ولكن فى المقابل نجد أن الدولة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل المنشود فى ضوء محركات التنمية الاقتصادية والبشرية، وعبر إتاحة المزيد من الفرص أمام الشركات المصرية فى مخططات التنمية الإقليمية. وعبر دعم مجالات التشييد والبناء والبنية التحتية والطاقة، وتعزيز الاستثمار خاصة فى ظل ما تشهده الجمهورية الجديدة من طفرة تنموية حضرية بجميع المحافظات وتحولات اقتصادية تستهدف دفع مزيد من إشراك القطاع الخاص فى جميع المجالات. وهو ما نأمله من أن تبرهن مصر على هذا النجاح عبر استضافاتها للمنتدى الحضرى العالمى بالقاهرة فى شهر نوفمبر القادم. والذى يعد ثانى أهم مؤتمر على أجندة الأمم المتحدة، وبالتالى فإن استعراض مصر لتجربتها الاقتصادية سيكون إشارة إلى مدى الثقة فى قدرة ومرونة هذا الاقتصاد الذى حقق انجازًا كبيرًا تحت قيادة الرئيس السيسى. خاصة فيما يتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة 17 التى حددتها الأمم المتحدة فى عام 2015، لذا فإن إظهار قدرة مصر على استضافة منتدى أممى رفيع المستوى بعد إنعقاد مؤتمر المناخ «COP27» يعبر بقوة عن الاستقرار الذى تتمتع به الدولة المصرية والذى يمثل حجر الأساس فى تحقيق رؤية مصر التنموية حتى 2030.
رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام